الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


مستقبل قاتم





على نقيض التوقعات المتفائلة التي أطلقها محللون اقتصاديون حول طي العالم صفحة الـ (نكسة) المالية العالمية وتبعاتها بحلول عام ٢٠١٢، إلا أن جميع القراءات والإحصائيات الفصلية الصادرة عن أداء الاقتصاد العالمي، وبالتبعية؛ الاقتصاد العربي، تؤكد أن عام ٢٠١٢ لن يكون أبدا عام تمزيق ورقة الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الاقتصادات في شتى أنحاء العالم منذ اندلاع الأزمة في ٢٠٠٨.

فما زال الاقتصاد الأمريكي الذي يعد أكبر اقتصاد في العالم، يعاني مشكلات (عويصة)، حيث يتجاوز حجم الدين الأمريكي حاجز الـ ١٢ تريليون دولار، أي ما يمثل نحو ٩٨% من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة، وهو دين يزيد بمعدل ٣,٨٥ مليارات دولار يوميا، فيما يدب الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول تحميل أو تجنيب المواطن الأمريكي تبعات فرض المزيد من الضرائب، لامتصاص هذا الدين الكبير.

أوروبيا، فقد أطل شبح الإفلاس الإسباني؛ ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي الذي لم يتوصل بعد إلى حلول لإنقاذ اليونان من الإفلاس الذي يحدق بها، حيث يواجه الاقتصاد الأسباني معضلات كبيرة في التخلص من شبح الانهيار الذي بات يحوم حواليه، بعد الانكماش الذي سجله للربع الأول بنسبة ٠,٣% عن الربع الأخير من ٢٠١١، مما حدا بالمحللين إلى استقراء محفزات النمو وخرجوا بتوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الاسباني سوف ينكمش مع نهاية العام الجاري بما لا يقل عن ١,٥% عن العام الماضي.

ويبدو أن جميع الآفاق للانفراج من هذه الأزمة في دول الاتحاد الأوروبي الـ ١٧ لا تزال مظلمة، ففي الوقت الذي يصل فيه معدل تضخم أسعار المستهلكين ٢,٦% سنويا في ابريل، مرشحة للارتفاع خلال الأشهر القادمة، فليس هناك من بارقة أمل في انقشاع سحابة التضخم قريبا، بسبب استمرار ارتفاع أسعار النفط، وندرة فرص العمل واستمرار تدفق مخرجات التعليم إلى أسواق العمل، وسط إجراءات تنفذها حكومات دول الاتحاد حيال خفض الإنفاق.

ولأن الدول العربية لا تغرد خارج هذا السرب، ولأن أوروبا تعتبر شريكها التجاري الأول، ولأن أقوى اقتصاداتها مرتبط بالاقتصاد الأمريكي والدولار الواهي نسبيا، فإنه من المتوقع ألا يرى أي اقتصاد عربي حالة التعافي من تبعات الأزمة العالمية المستمرة حتى اليوم، قبل أن تعلن الاقتصادات الكبرى التقاط أنفاسها، ولن تفعل الاقتصادات الكبرى ذلك، ما لم تتخلص الولايات المتحدة من ديونها الكبيرة ويعود اقتصادها الى الانتعاش مرة أخرى، وما لم يوقف الاتحاد الأوروبي مسلسل تساقط أحجار الدومينو.

عليه، فإننا نتوقع محليا، أن تستمر المصارف البحرينية تمارس تحفظاتها حيال إقراض قطاع الأعمال وقطاع الأفراد، تحسبا للطوارئ، الأمر الذي سوف يبقي أداء الاقتصاد الوطني هزيلا، ما لم توجه الحكومة أموالها إلى إنعاش الأسواق الداخلية وتزيد من حجم إنفاقها، استقطابا للمستثمر المحلي والعالمي.





عبد الرحيم فقيري



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة