الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٩ - الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


رئيس مصر من يجب ان يكون؟





ليس جديدا القول ان انتخابات الرئاسة الحالية في مصر هي أول انتخابات يتاح فيها للمصريين ان يختاروا رئيسهم بشكل حر فعلا من دون ان يفرض عليهم أي اختيار.

وإذا تأملنا قائمة المرشحين الـ١٣ للرئاسة وخلفياتهم وانتماءاتهم، فسوف نجد انهم يعبرون إجمالا عن كل القوى والاتجاهات السياسية والفكرية في مصر الى حد كبير، وينتمون إلى مختلف الأجيال أيضا. وهذا الأمر في حد ذاته يتيح مجالا واسعا للاختيار بينهم .

لكن أي من هؤلاء المرشحين هو الأجدر بأن يختاره المصريون؟ ولماذا؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، فإن سؤالا آخر يجب طرحه هو، أي رئيس تريده مصر الآن أصلا؟

الجواب ببساطة ان مصر تريد رئيسا يعبر عن الآمال الكبرى التي أطلقتها ثورة ٢٥ يناير، ويكون قادرا على قيادة البلاد نحو تحقيق أهداف الثورة، والتي تتلخص في بناء دولة مدنية ديمقراطية قوية وقادرة اقتصاديا وسياسا واجتماعيا، ونظام قادر على إقامة العدل والنهوض بالبلاد، وإعادة دورها القيادي إقليميا وعالميا.

على ضوء هذا، فإن هناك عدة معايير محددة من المفروض أن تحكم اختيار الرئيس في الانتخابات الحالية.

هذه المعايير في تقديرنا هي:

١ - انه يجب اختيار مرشح يعبر عن روح الثورة وروح التغيير التي تتطلع إليه مصر، ويعبر عن الجيل الجديد الذي يعود إليه الفضل الأكبر في هذه الثورة، وفي إطلاق آمال التغيير والنهضة.

٢ - ليس مقبولا انتخاب مرشح ينتمي إلى النظام السابق وكان مرتبطا به واحد رموزه بأي شكل.

المسألة هنا لا تتعلق بالشخص في حد ذاته. المسألة ان من تربى في ظل النظام السابق وتشكلت كل تجربته وحياته العملية وأفكاره في ظل هذا النظام، لا يمكن بداهة أن يقود عملية تغيير كبرى أو يكون قادرا نفسيا وسياسيا على التأقلم مع متطلباتها، ولن تكون لديه القدرة على تقديم جديد.

صحيح ان المرشحين المنتمين إلى عهد النظام السابق يتحدثون عن الثورة وعن قدرتهم على تحقيق أهدافها وكأنهم ثوار بالفطرة، لكن الحقيقة أن هذه مجرد شعارات انتخابية، وحتى لو كانوا يتمنون فعلا تحقيق هذا، فهم ليسوا قادرين عليه.

٣- ليس مقبولا اختيار مرشحين ينتمون إلى قوى دينية حزبية منظمة أو غير حزبية.

أيضا المسألة هنا لا تتعلق بالأشخاص في حد ذاتهم.

المسألة ان هؤلاء في جوهر قناعاتهم الدينية والسياسية والفكرية لا يؤمنون حقا بالدولة المدنية ولا بالديمقراطية بالمفهوم المعاصر الذي يتطلع إليه الشعب. هؤلاء جوهر قناعاتهم استبدادي بكل معنى الكلمة، بل وأسوأ أنواع الاستبداد لأنه يرتدي طابعا دينيا.

وبالإضافة إلى هذا، فليس لدى هؤلاء بحكم تكوينهم أي برامج عملية قادرة فعلا على تحقيق النهضة وآمال المصريين بعد الثورة.

أيضا، هؤلاء في حملتهم الانتخابية يتحدثون عن الديمقراطية والدولة المدنية، وبعضهم يتحدث كما لو كان قد أصبح فجأة ليبراليا عتيدا .

لكن الحقيقة ان هذه مجرد شعارات بمناسبة الانتخابات فقط، وإذا فاز أي منهم فسوف نرى وجها آخر تماما.

٤- وليس مقبولا بالطبع انتخاب مرشحين ليس لهم أي تاريخ معروف ولا أي انتماء أو مواقف محددة، وترشحوا فقط لمجرد الترشح.

هذه في تقديرنا المعايير التي يجب أن تحكم اختيار مرشح الرئاسة في مصر اليوم.

إذا طبقنا المعيار الثاني، فيعني هذا استبعاد اثنين من المرشحين.

وإذا طبقنا المعيار الثالث، فيعني هذا استبعاد ثلاثة من المرشحين.

وإذا طبقنا المعيار الرابع، فيعني هذا استبعاد أربعة من المرشحين.

ويبقى إذن، بحسب هذه المعايير أربعة مرشحين تنطبق عليهم هذه المعايير بهذا القدر أو ذاك.

وبالمقارنة بين هؤلاء المرشحين الأربعة من حيث التاريخ والقدرات الشخصية وما يحظون به من شعبية أيضا، يبقى حمدين صباحي في تقديري هو الأجدر بينهم بأن يحظى بأصوات الناخبين.

بالطبع، هذا هو رأيي الشخصي فيمن يستحق أن أمنحه صوتي بناء على هذه المعايير التي أظنها منطقية ومعقولة بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية في مصر اليوم.

لكن للأسف كما نعلم، فإن الانتخابات في مصر وفي كل الدول العربية حتى لو جرت حرة تماما فإنه لا يحكم التصويت فيها المعايير الموضوعية وانما تحكمه اعتبارات أخرى كثيرة.

ومع هذا، فإننا نتطلع إلى هذه الانتخابات بكثير من الأمل. وليس مستبعدا أبدا ان يحقق المصريون مفاجأة كبرى في هذه الانتخابات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة