الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


لصوص الثورات العربية: الطائفيون في البحرين





القوى الطائفية في البحرين التي فجرت أحداث التمرد الطائفي الذي شهدته البلاد في العام الماضي، من أكبر لصوص الثورات العربية.

الثورة المصرية بالذات نجحت ونالت إعجاب العالم لأنها كانت ثورة بمعنى الكلمة. بعبارة أخرى، لأنها كانت ثورة شعبية شاركت فيها كل قوى الشعب بكل انتماءاتها الاجتماعية والدينية والسياسية، ولأنها كانت ثورة سلمية بكل معنى الكلمة، ولأنها رفعت شعارات ومطالب تعبر عن الإرادة الشعبية العامة لا إرادة طائفة أو أي قوة وحدها.

الطائفيون في البحرين، وأسيادهم في طهران، تصوروا ان الثورة في تونس وفي مصر، وفرتا لحظة مناسبة لتنفيذ مشروع انقلابهم الطائفي على الدولة والمجتمع، ولتمرير هذا المشروع باعتباره جزءا من هذه الثورات.

الطائفيون في البحرين سرقوا أساليب الثورة المصرية في ميدان التحرير، وحاولا تطبيقها وان بشكل ثقيل الدم، وسرقوا الشعارات العامة التي رفعتها.

تصوروا ان هذا الاستنساخ الهزلي سوف يكون في حد ذاته كفيلا بخداع العالم وتمرير مخططهم باسم «الثورة» المزعومة، وباسم «مطالب الإصلاح والتغيير الديمقراطي» المزعومة.

لكن الذي حدث انه سرعان ما اتضحت حقيقة هؤلاء.. سرعان ما اكتشف العالم ان ما يحدث في البحرين لا هو «ثورة» ولا هو جزء من «الربيع العربي» ولا هو حركة شعبية تنشد الإصلاح والديمقراطية حقا.

الذي حدث انهم عجزوا عن ان يقنعوا العالم بأي من هذا.

كيف يقنعون العالم بأن هذه «ثورة شعبية» في حين انهم ليسوا سوى قوة طائفية متطرفة ومتعصبة طائفيا، وهم حتى لا يمثلون كل أبناء الطائفة الكريمة التي ينتمون إليها؟

كيف يقنعون العالم بأنهم «سلميون»، وهم يوميا يعيثون في البلاد عنفا وتدميرا وحرقا وترويعا للمواطنين والمقيمين؟

كيف يقنعون العالم بأنهم يعبرون عن شعب البحرين أو ارادته أو مصلحته، وهم لم يتركوا موقفا إلا وعبروا عنه، ولم يتركوا سلوكا إلا ولجأوا إليه، ليؤكدوا كل يوم انهم يكنون احتقارا لمواقف وإرادة وحتى مشاعر أغلب قوى الشعب، ويريدون فرض إرادتهم الطائفية الضيقة على الآخرين بالعنف والقسر والإكراه؟

كيف يقنعون العالم انهم قوة وطنية حقا بالمعنى الذي يعرفه الكل في العالم للوطنية، إذا كان ارتباطهم بالقوى الأجنبية المعادية للبحرين معروف للقاصي والداني، ودعوتهم للقوى الأجنبية للتدخل في شئون الوطن موقف ثابت لهم وسلوك يومي؟

هل تستقيم الوطنية مع التبعية للقوى الأجنبية وتنفيذ أجنداتها؟.. وهل تستقيم الوطنية مع التآمر مع القوى الأجنبية على الوطن ومقدراته؟

وكيف يقنعون العالم بأنهم بما فعلوه ينشدون مصلحة الوطن، وهم يدمرون يوميا عن عمد وسبق اصرار اقتصاد الوطن، ويقوضون أمنه واستقراره؟

الطائفيون في البحرين حاولوا سرقة الثورات العربية، وتمرير مخططهم تحت ستارها، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا.

اليوم، وبعد هذا الفشل، علينا ان نلاحظ أمرين:

الأول: ان القوى التي تؤيد هؤلاء الطائفيين في البحرين وتدعمهم بأي شكل من أشكال الدعم، سواء في أمريكا أو إيران أو بعض المنظمات الدولية المشبوهة.. هذه القوى تدعمهم ليس باعتبارهم قوى وطنية تريد إصلاحا في المجتمع أو ديمقراطية، بل تدعمهم باعتبارهم قوة طائفية عنصرية مدمرة.

بعبارة أخرى، هذه القوى الأجنبية وفي إطار مخططاتها في المنطقة، لديها أجندة سياسية تستهدف اثارة الفوضى والفتنة الطائفية في البحرين وتقويض أمنها واستقرارها. وهذه القوى تعلم أن هؤلاء الطائفيين هم أكبر الأدوات لتحقيق هذه الأهداف، ولهذا يؤيدونهم ويدعمونهم بهذا الشكل او ذاك.

بعبارة أخرى، هذا الدعم الأجنبي الذي يظنه الطائفيون مصدر قوة لهم، هو وصمة عار، وهو يدينهم سياسيا ووطنيا وأخلاقيا.

والثاني: ان هؤلاء الطائفيين في البحرين بعد ان فشلوا في محاولاتهم سرقة الثورات العربية وتمرير مخططهم، أسفروا في الفترة القليلة الماضية عن وجوههم، وكشفوا حقيقة نواياهم صراحة وعلنا.

هم، وبعد ان ظلوا طويلا يتحدثون تضليلا وكذبا عن «السلمية»، أصبحوا يهددون الدولة والمجتمع كله علنا وبشكل سافر بمزيد من العنف ومزيد من التدمير لاقتصاد البلاد، إذا لم يرضخ الكل لمطالبهم.

حقيقة الأمر ان هذين الجانبين معا يمثلان بداية النهاية لهؤلاء الطائفيين.. بداية النهاية لمخططهم ومشروعهم الطائفي.

غير ان وضع حد لهذا الخطر الذي يمثله هؤلاء أصبح يقتضي حزما من الدولة لتأمين المجتمع وحماية الوطن من مخططهم الطائفي المدمر.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة