الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٢ - الأحد ٦ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


رؤية غربية منصفة للبحرين





كما اننا ننتقد الآراء والمواقف الظالمة بحق البحرين التي تنشر في الصحف وأجهزة الإعلام الغربية، فإن الواجب يقضي ان نشيد بالآراء المنصفة العادلة.

لهذا أود ان أشكر زميلنا الاستاذ عبدالله المناعي لأنه نوه في عموده بالأمس في «أخبار الخليج» بالتحليل الذي كتبه ايد حسين عن البحرين وأورد بعض الأفكار التي عبر عنها الكاتب، فالتحليل يستحق بالفعل التوقف عنده والإشادة به.

والتحليل الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية وصحف غربية اخرى قبل ايام، هو تحليل له اهمية كبرى بالفعل، وتضمن رؤية محددة عما يجري في البحرين وموقفا محددا منها.

الكاتب هو احد كبار الباحثين بمركز الأبحاث الأمريكي الشهير «مجلس العلاقات الخارجية». وقد كتب هذا التحليل بعد زيارة قام بها للبحرين مؤخرا، والتقى بمسئولين وبممثلين في المعارضة، وزار بنفسه قرى وأماكن اخرى، وقدم خلاصة ما توصل اليه في هذا التحليل.

بعض المعلومات والآراء التي طرحها غير صحيحة ولا نتفق معه فيها. لكن بشكل عام، يمكن القول ان الرؤية التي طرحها هي رؤية منصفة الى حد كبير، واستطاع فيما كتب ان يضع يده على بعض من الحقائق الأساسية فيما يتعلق بما تشهده البحرين من أحداث وتطورات.

أهم ما في هذا التحليل ان الكاتب، وبشكل هادئ ومنطقي، فضح المعارضة البحرينية، وكشف زيف دعاواها حول شعارات ومطالب الديمقراطية والاصلاح. والأهم من هذا ان التحليل ينطوي على ادانة واضحة للمواقف الغربية من البحرين وما يجري فيها.

اما عن المعارضة في البحرين، فإن التحليل يرسم لها الصورة التالية:

١ - ان المعارضة الشيعية في البحرين ممثلة في جمعية الوفاق، وفي قيادتها الروحية ممثلة في الشيخ عيسى قاسم، لا تؤمن بالديمقراطية ولا بحقوق الانسان، بل هي على العكس معادية للديمقراطية.

الكاتب يدلل على ذلك بأمور كثيرة يطرحها في تحليله.

يشير في البداية مثلا الى موقف الشيخ عيسى قاسم المعروف بالمعادي للحركة الديمقراطية في ايران.

ويتوقف مطولا عند ما نعرفه من رفض رجال الدين والقوى الشيعية لقانون الأسرة وما يعنيه ذلك من عدم اكتراث بحقوق المرأة وعدم اقتناع بالديمقراطية أصلا.

يقول هنا: «ان المطالبة بمزيد من الديمقراطية ومزيد من حقوق الانسان لا اعتراض عليها. لكن لا يجوز ان تكون هذه المطالبة انتقائية. في العام الماضي، حالت المعارضة دون صدور قانون الأسرة الذي يعطي لنساء البحرين مزيدا من الحريات والحقوق، فقط لأن رجال الدين الشيعة اعترضوا على القانون».

٢ – والمعارضة في تحليل الكاتب ليست معارضة سلمية، بل تلجأ الى العنف وتمارسه في القرى وفي الشوارع وضد رجال الأمن.

الجانب المهم الذي يحرص الكاتب على ابرازه هنا انه على الرغم من تواصل اعمال العنف في القرى والشوارع والاعتداءات على رجال الأمن، فان الشيخ عيسى قاسم لم يوجه أي دعوة لوقف العنف.

كما هو واضح الكاتب يريد ان يقول ان هذا الموقف يعني في حد ذاته تأييدا للعنف واستمراره، وزيف دعاوى السلمية.

٣ – والمعارضة في تحليل الكاتب هي معارضة طائفية لا تعبر عن الشعب، ولا تعبر حتى عن كل الشيعة في البحرين.

يقول هنا انه ليس صحيحا ان كل الشيعة في البحرين يتبنون مطالب المعارضة وموقفها من النظام.

ويتوقف عند الترهيب الذي يمارس ضد الشيعة الذين يختلفون في الرأي مع الشيخ عيسى قاسم والوفاق، والتي تصل الى حد التهديدات المستمرة لهم والاعتداءات على منازلهم.

٤ – ويشير الكاتب الى ان الخطاب الذي تتبناه المعارضة بشكل عام، كما يعبر عنه خطاب عيسى قاسم، هو خطاب موال لايران.

هذه إذن هي الملامح العامة للصورة التي رسمها الكاتب للمعارضة في البحرين.

يبقى ان اهم ما في هذا التحليل كما قلت هو ان الكاتب يدين المواقف الغربية من البحرين، ويثير هنا قضية في غاية الأهمية.

هو يطالب الدول الغربية بألا «تقدم غطاء دبلوماسيا للمخربين ولرجال الدين – في المعارضة - باسم حقوق الانسان والديمقراطية». ويدعو الى «تشجيع المواقف الاصلاحية، والحقوق المتساوية للنساء، وانهاء اللغة الطائفية الشيعية في البحرين».

الكاتب هنا يضع يده على اخطر الجوانب التي ترتبط بمواقف جهات غربية شتى تؤيد او تتعاطف مع المعارضة في البحرين. هم بهذه المواقف يدعمون قوة لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالاصلاح، وهم بهذا يوفرون «غطاء» للعنف والتخريب والفوضى في البحرين.

إذن التحليل الذي كتبه هذا الباحث الغربي الكبير يقدم كما ذكرت رؤية منصفة للبحرين وما يجري فيها من احداث.

بالطبع، ان تنشر صحف غربية مثل هذا التحليل ليس كفيلا وحده بتغيير المواقف الغربية المشبوهة من البحرين وخاصة اذا كانت مرتبطة بأجندات سياسية، لكن على الاقل من الممكن ان يدفع الكثيرين الى إعادة التفكير وإعادة النظر في مواقفهم.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة