الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٣ - الخميس ١٧ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


مستقبل الاعلام الاقتصادي (٢)





تطرقنا في سياق حديثنا عن التحديات التي يواجهها الإعلام الاقتصادي في البحرين أمس، إلى موضوع (سيادة الإعلام) في تحديد معالم وجودة ورداءة المواد التي تنشر على الصفحات الاقتصادية، ونواصل الحديث في هذه الحلقة الثانية من تناولنا اليوم.

فمن وجهة نظرنا المتواضعة، فإن ندرة توافر العنصر البشري المتخصص في طواقم التحرير لدى الصحف المحلية، يعتبر من تلك التحديات التي يواجهها الإعلام الاقتصادي، فالغالبية العظمى من المحررين العاملين في هذا المجال، هم من خريجي كليات الإعلام، وهي عناصر تصلح للتحرير في جميع أقسام الجرائد والصحف بدءا بالمحليات، مرورا بالرياضة والفنون والآداب والمجتمع وغيرها، وانتهاء بقسم الأخبار الاقتصادية.

هذه القدرة الفائقة من حركات التنقل عبر الأقسام التي يملكها المحررون، جاءت نتاج الدراسات التي تلقوها على المقاعد الدراسية بكليات الإعلام، بالإضافة إلى المواهب التي يمتلكونها في الأعمال التحريرية، فهم محررون محترفون في صناعة الخبر ونقله عن مصادرهم، غير أنهم لا يملكون معارف كثيرة عن علم الاقتصاد، الأمر الذي يجعل الكثيرين منهم لا يعرفون مصطلحات اقتصادية كثيرة، يرددونها ويتعاملون معها يوميا ما عدا قلة ممن درسوا في هذا المجال أو في المجالات القريبة من لغة وعلم الاقتصاد.

إدارات التحرير من جانبها لا ترغب في توظيف الاقتصاديين المتخصصين في علم الاقتصاد كمحررين في صحفها السيارة، ليس لأن كلفة توظيف المختصصين أعلى من كلف توظيف مخرجات كليات الإعلام فحسب، بل لأن الموهبة التحريرية هي ما يحدد مواصفات العاملين في الإعلام عموما، وهي مواصفات لا يمتلكها الكثير من الاقتصاديين، فالدرجة العلمية لا تمنح الموهبة على الإطلاق بقدر ما تصقلها.

نعم، توظيف الاقتصادي الخبير أو المختص يشكل عبئا ماليا على الصحف، قياسا بتوظيف مخرجات كليات الإعلام، وهو ما تتجنبه إدارات الصحف دائما، ولكن بافتراض أن إدارات الصحف استقطبت فريقا من المحررين المتخصصين في علم الاقتصاد لتحرير صفحاتها الاقتصادية، فإنهم سوف يقدمون للقارئ مواد وتحليلات اقتصادية يحتاجون إلى قاموس مصاحب لفك طلاسم ما يقرأون، في الوقت الذي تقدم فيه وسائل إعلامية بديلة للقراء موضوعات كثيرة جدا بطرق أكثر جاذبية، وهو موضوع آخر يضع الإعلام المقروء على محك خطير.

لهذا كله، فإن رغبة الصحف في نوعية المادة التي تنتظر من المحرر أن يقدمها، تتوافق تماما مع نوعية المادة التي يستطيع المحرر أن يقدمها عبر الصفحات الاقتصادية، ولذلك نجد أن أعمدة الرأي التي يقدمها المحررون في الأقسام الاقتصادية بالصحف اليومية، تأتي خالية تقريبا من أي تحليلات مبنية على أسس اقتصادية سليمة، ومن يحاول ذلك يوقع نفسه في مغالطات كثيرة وعميمة، ويرتطم بأمواج لا يعرف فن السباحة وسطها.





عبد الرحيم فقيري



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة