في خطبته ليوم الجمعة بجامع صلاح الدين أمس تحدث فضيلة الدكتور فيصل عبدالله الغرير حول «الاتحاد الخليجي طريقنا الى القوة من بعد الله عز وجل».

يقول الله عز وجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) «آل عمران/١٠٣».

إنها دعوة ربانية إلى الاتحاد والوحدة والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ودعوة إلى تأليف القلوب ونبذ الفرقة، فإن من المصائب التي حلّت بهذه الأمة الاختلاف والتفرق (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).

أيها المسلمون: إن من عوامل قوة اي أمة من الأمم هي الاتحاد، بالاتحاد تنال الأمة مجدها، وتصل إلى مبتغاها وتعيش حياة آمنة مطمئنة مع اتصالها بخالقها واعتصامها بحبل الله المتين.

بل إن هذه الوحدة واجتماع الكلمة تُعدُ من أعظم النعم، وخاصة عندما نشاهد ما يريده الأعداء من زعزعة الأمن وإثارة الفتن، فإن ذلك يزيدهم تمسكاً ببعضهم البعض حتى لا تتشتت الجهود وهذا ما رأيناه في هذه البلاد وخارجها لأناس حاقدين على مملكتنا لا هم لهم إلا التفريق بين المسلمين وبث بذور الاختلاف بينهم ويبحثون عن كل ما من شأنه أن يمزق الجماعة إلى جماعات متنافرة ومتناحرة.

أيها الأحبة: نبينا عليه الصلاة والسلام يوصي صحابته فيقول «أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة» ثلاث مرات وقال صلى الله عليه وسلم «الجماعة رحمة والفرقة عذاب».

وشواهد الشريعة كثيرة التي تفيد بوجوب اجتماع كلمة المسلمين وحثهم على الجماعة وعدم الاختلاف والفرقة.

أيها المسلمون: إن التاريخ يشهد أن من أسباب سقوط الدول التفرق والاختلاف، سقطت الدولة العباسية بعد أن تفرقت الدول الإسلامية، وسقطت الدولة الإسلامية في الأندلس بعد أن أصبحت دويلات متفرقة متناحرة، ولم تسقط الدولة العثمانية إلا بعد أن تمزق جسدها إلى أشلاء متناثرة بعد أن أغرى الصليبيون بعض زعماء المسلمين بالانفصال، وأحسنوا إتقان العمل بقاعدة فرق تسد.

إن أعداء الدين من الغرب الصليبي الحاقد وغيرهم يدركون حقيقة أن المسلمين لا يمكنهم الانتصار إلا بالاتحاد والاجتماع، وهذا ما قاموا به طوال السنين من العمل لإضعاف الأمة وهذا ما سعى إليه مخطط «سايكس بيكو» بل هذا ما يريده الساسة الأمريكان وكتبهم شاهدة على ذلك التي تدعو إلى تقسيم بعض الدول فهم يطمعون إلى تقسيم العراق ومصر والسعودية، فبدأوا بتقسيم البوسنة والهرسك وفصل جنوب السودان عن شماله وهذا كله مصرح به في كتبهم، إضافة إلى التدخلات الإيرانية الأخيرة في البحرين والإمارات وغيرها من الدول.

معاشر المسلمين: إن أول خطوة لتوحيد الصفوف هو البدء بعلاج النفس، فعالج ما تجد فيها من بغض ونفرة أو حقد أو حسد لأي أحد من إخوانك المسلمين من دون سبب مشروع، وإن تاريخنا المجيد يصور لنا أعلى مراتب الأخوة، تلك المؤاخاة الفريدة في التاريخ والتي كان لها الأثر في قوة المسلمين وجعلت الرباط هو رباط الأخوة والمحبة، إخوة العقيدة والدين فكانوا كالبنيان المرصوص، أخلاق فاضلة ومحبة صادقة، يعطف القوي على الضعيف ويقدمه على نفسه، ويعطيه نصف ماله ومسكنه، وان علينا أن نتخلق بهذا الخلق الرفيع مع إخواننا في الدين ومساعدتهم مهما اختلفت جنسياتهم ولغاتهم، هذه الأخوة المحمودة التي جعلت عمر بن الخطاب يقول «أبوبكر سيدنا، وأعتق سيدنا» وهو بلال رضي الله عنهم وإن من المعاني العظيمة التي تحتاج إلى تطبيق أن يستشعر المسلم بأن إخوانه ظهرٌ له في السراء والضراء، وإن قوته في الحياة لا تتحرك وحدها فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، فأخوّة الدين تفرض علينا التناصر والتناصح، وينبغي على أمة الإسلام أن تعرف أنها قوية لما اعتصمت بكتاب الله وسنة رسوله والتفت حول علمائها وأمرائها، وضعفت عندما لم تعتصم بحبل الله ولم تحقق معاني الإخاء والمحبة ودخلت في الحسد والبغضاء. يقول تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات.١٠

أما بعد: إن ما يحصل اليوم في العالم الإسلامي عن طريق عملاء وأذناب إيران وخاصة في منطقة الخليج العربي ونائبهم وولي الفقيه في البحرين نموذجاً عيسى قاسم كل ذلك مؤامرة إيرانية إرهابية لزعزعة الأمن وخلق الفوضى والتخريب ولنا مع هذا الموضوع وقفات:

الوقفة الأولى: إن شعب البحرين يطالب حكومة إيران برفع التعتيم الإعلامي عن المطالبة بالحقوق والسماح بالمظاهرات السلمية وإن ذلك حق للشعب الإيراني والتنديد بقمع المتظاهرين والتنكيل بهم وقتلهم ويستنكر الإعدامات الأخيرة الظالمة الجائرة، كما أننا نحذر المساس بأمن إخواننا في الأحواز العربية ونطالب بالسماح لمنظمات حقوق الإنسان، وكذلك التدخل الفوري من قبلها لحماية إخواننا هناك.

الوقفة الثانية: ندعو الدول الخليجية خاصة والدول العربية عامة إلى تقويض المؤامرة الإيرانية وإفشال مشروعها الإرهابي والعمل على فضح مخططاتهم ونشر الوعي بين الناس بخطورة المد الصفوي الفارسي. وكما أننا ندعو الشعوب الإسلامية والعربية إلى تقويض المؤامرة الإيرانية بالضغط على الحكومات العربية لقطع العلاقات مع إيران الفارسية لتدخلاتها السابقة والأخيرة في شئون البحرين واحتلالها للجزر الإماراتية ودعمها المادي والمسلح للنظام المجرم في سوريا عن طريق إرسال مجموعات من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وتدخلها في سياسة وإدارة العراق وإنني أدعو جميع المسلمين إلى مقاطعة البضائع الإيرانية ومقاطعة عملاء إيران وأذنابهم في الخليج والدول العربية.

الوقفة الثالثة: إن أمريكا لها دور في كل ما يجري من أزمات واضطرابات في البحرين والدول العربية، فمن الذي سهل دخول الأمريكان الى العراق؟، إنه السيستاني بفتوى عدم المساس بالأمريكان عند دخولهم العراق مقابل ٢٠٠ مليون دولار وهذا ما أثبتته وثائق وكيليكس، ثم بعد ذلك من الذي سهل دخول الفرس الإيرانيين الى العراق إنها أمريكا، ومن الذي أشعل الفتنة في مصر بعد الثورة؟ إنها أمريكا عبر منظماتها الحقوقية كما تزعم، ومن كان يدعم ويدرب المنظمات في البحرين؟ إنها أمريكا وهذا ما استدركته حكومة مصر والإمارات من هذا الخطر، فقامت بإغلاق جميع المنظمات الأمريكية في بلادهم حتى ان أمريكا تقوم بإعداد دورات وورش عمل لأتباع إيران في البحرين عبر سفارتها في بيروت لإبعاد الأنظار عنها.

الوقفة الرابعة والأخيرة: إن من خلال ما سبق ذكره من تدخلات إيران الإرهابية في شئون البحرين والخليج كان لابد من اجتماع الكلمة ووحدة الصف والالتفاف حول علمائنا وأمرائنا ما دام لا يخالف الشريعة فالإصلاح الشامل والقوي لا يكون إلا بالتكاتف وأن نكون صادقين في عملنا وأهدافنا، وأن لا نقبل بأي حال من الأحوال أن يتدخل فينا الأعداء لتهميش وحدتنا.

وإننا في هذا المقام نقول إن الشعب البحريني يبارك ويؤيد ما قرره قادة دول الخليج العربي من إعلان الاتحاد الخليجي الذي هو بمثابة الحصن والقوة والمنعة من بعد الله عز وجل لحماية الشعوب من الأخطار القادمة بل هو طريق خير لتأليف القلوب وجمع الكلمة.

يقول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة).

اللهم وحد كلمتنا واجمع صفوفنا وألف بين قلوبنا. اللهم أصلح البلاد والعباد واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم احفظ ملك البلاد، ووفقه لما تحبه وترضاه، وهيئ له البطانة الصالحة التي تعينه على الخير وتأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر.