الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٥ - السبت ١٩ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الدكتور عبداللطيف المحمود يعلن:

سياسة الأعداء تقوم على الاتحاد فيما بينهم وعلى التفريق فيما بين غيرهم





في خطبة الجمعة بجامع عائشة أم المؤمنين أمس تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف آل محمود عن قواعد المدافعة لانتصار الحق على الباطل وفوائد الاتحاد.. حيث قال:

من قدر الله تعالى لبني البشر أن الحق والباطل في صراع إلى أن تقوم القيامة، ليكون الحق والباطل هما محل الابتلاء للناس بأعمالهم في الدنيا بما يكسبون من خير وبما يكتسبون من شر، يقول الله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ».

قواعد لانتصار أهل الحق على أهل الباطل

ولنجاح أهل الحق في مواقفهم ضد أهل الباطل قرر الله تعالى لأهل الحق مجموعة من القواعد لتعينهم على معركتهم. ومن هذه القواعد:

القاعدة الأولى: غلبة الحق على الباطل محكوم بقانون التدافع، أي أن كلا من أهل الحق وأهل الباطل يعمل من أجل تحقيق غايته، فإذا توانى أهل الحق عن المدافعة فإن الغلبة تكون لأهل الباطل فيتمكنون من الإفساد في الأرض، وعن هذه القاعدة يقول الله تعالى: «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ». ويقول أيضا: «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».

القاعدة الثانية: على أهل الإيمان والحق أن يستعدوا في مدافعتهم لأهل الباطل بكل ما يستطيعون حتى لا تستباح دولهم وأرواحهم وأموالهم فقال سبحانه: «وَأَعِدلاوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ».

القاعدة الثالثة: توحيد صف أهل الإيمان والحق، ويكون ذلك بالتحقق والتمسك بالأخوة الإيمانية بينهم التي قررها الله تعالى بقوله سبحانه: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»، وأمرهم بالإصلاح فيما بينهم إذا حدثت فيما بينهم خصومة حيث قال الله تعالى: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبلا الْمُقْسِطِينَ».

القاعدة الرابعة: على أهل الحق والإيمان أن يبذلوا الأموال والأوقات والجهود لنشر الحق ومقاومة الباطل حتى لا يغلبهم أهل الباطل ويهلكونهم إذا تسلطوا عليهم، وعن هذه القاعدة يقول الله تعالى: «وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبلا الْمُحْسِنِينَ»، وهذا الانفاق مطلق يشمل كل ما يُحتاج إليه من مال ووقت وجهد وخبرة، كل بقدر استطاعته.

القاعدة الخامسة: وجوب التمسك بالقواسم المشتركة بين أهل الإيمان والحق، فقال سبحانه: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا»، مع الحذر الشديد من التفرق والتمزق الذي جاء النهي عنه في قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إلى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

الاتحاد هو الدواء الشافي بإذن الله

وفي ضوء هذه القواعد الربانية وبعد أن وعينا الدرس من مؤامرة الاحتراب الطائفي وتمزيق الأوطان التي مررنا بها ومازالت ذيولها باقية، وأن المؤامرة لم تكن على البحرين فقط وإنما كانت البحرين بداية التحرك على دول مجلس التعاون الخليجي، يصبح قيام الاتحاد بين هذه الدول اليوم هو العلاج الناجح للدفاع عن دولنا وشعوبنا وتحقيق مصالحهم ودرء الخطر عن دولهم وعن شعوبهم.

الاتحاد واجب ديني

فإذا نظرنا إلى مكانة دول مجلس التعاون الخليجي من الجانب الديني والجانب العروبي فإن الاتحاد يصبح واجبا دينيا يأثم من يتركه وهو قادر عليه، وهو بالنسبة إلى دولنا اليوم واجب سياسي وواجب عقلي حتى إذا أغفلنا الجانب الديني.

منافع الاتحاد كثيرة

المنافع من الاتحاد كثيرة أهمها قوة المواقف السياسية والاقتصادية والعسكرية لدول الاتحاد ولحماية المصالح، وهو اليوم واجب لحماية الدول والأفراد من مؤامرات الأعداء ولطالما نادت شعوبنا بالاتحاد لكن لم تجد هذه الصرخات آذانا واعية من السياسيين لأنهم لم يكن يجمعهم إيمان بالقضية.

الاتحاد طريق سلكته الدول الكبرى لتحقيق أكبر قدر من المصالح ودرء أكبر قدر من المخاطر السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، فلماذا نغفل عنه ولا نعمل به.

سياسة الأعداء تقوم على الاتحاد فيما بينهم وعلى التفريق فيما بين غيرهم

قبل واحد وعشرين سنة وبعد احتلال النظام العراقي آنذاك للكويت دعا عدد من أهل الخليج لتطوير عمل مجلس التعاون الخليجي، ومن تلك التجربة سألني رئيس الأمن الإنجليزي عن هذه الدعوة وأشار إلى الاختلاف القائم بين دول الخليج فقلت له آنذاك: إنكم في الدول الأوروبية تعملون على الاتحاد فيما بينكم فلماذا لا نعمل على الاتحاد فيما بيننا؟

إنه المكر الذي يظهر من تلك السياسات نحو دولنا، هم يتوحدون ويعملون على تقسيمنا وتمزيقنا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

نريد اتحادا قويا وإن تأخر إعلانه بعض الوقت لاستكمال الدراسات التي تؤدي إلى انضمام دول أخرى في أسرع وقت، ولا يكون ذلك إلا إذا استفدنا من تجارب من سبقنا ايجاب وسلبا, والله يهدي الى صراط مستقيم.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة