آفاق قطاع إدارة الأصول في مجلس التعاون
 تاريخ النشر : الاثنين ٢١ مايو ٢٠١٢
بقلم: بينود شانكار
تقدر القيمة الإجمالية للأصول قيد الإدارة في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو ٨٥ مليار دولار تقريباً. ويعتبر هذا الرقم متواضعاً نسبياً إذا قيس بالاقتصاد الإقليمي. فما هي آفاق النمو في ظل رقم منخفض كهذا؟
يعود هذا الانخفاض الكبير في قيمة الأصول الإجمالية قيد الإدارة، إلى أن قطاع إدارة الأصول قطاع حديث العهد في دول مجلس التعاون الخليجي، خلافاً للاقتصادات المتقدمة التي بدأت هذا النشاط قبل ٢٠٠ عام. لذلك، فإن مقارنة الأرقام بين هاتين السوقين لا تعكس تماماً إمكانيات النمو.
ثمة عامل ثقافي أيضاً. فالمستثمرون في دول مجلس التعاون الخليجي غير معتادين على تقديم الأموال الى الآخرين كي يديروها نيابة عنهم، بل يفضلون الاستثمار المباشر، سواء في الأسهم أو العقارات. ويعود هذا الى أسباب متعددة: منها غياب الثقة الواضح بالمؤسسات كمديري أموال، فضلاً عن اعتقاد المستثمرين المحليين بإمكانية تحقيق أرباح أكبر من خلال الاستثمار المباشر. هذه الاسباب مجتمعة تعطي تفسيرا واحدا للضعف النسبي الذي تعاني منه ثقافة إدارة الأصول المحترفة.
كان مجلس التعاون الخليجي على الدوام مُصدّراً صافياً لرأس المال. أي أنه كان (ويبقى) مقصداً مربحاً يزوره المصرفيون العالميون ليعودوا بالتزامات للاستثمار في الأصول الأمريكية أو الأوروبية أو الآسيوية. وأعاق هذا بالتأكيد نمو قطاع إدارة الأصول المحلي، الذي كان سيتوجه نحو الاستثمار في الأسهم الإقليمية بصورة أكبر.
كما كان غياب التنوع في الصناديق الإقليمية سبباً رئيسياً أيضاً. فأكثر صناديق الاستثمار المدارة محلياً هي صناديق أسهم أو صناديق سندات. كما أن عدد الصناديق العقارية وصناديق رؤوس الأموال المغامرة (رأس مال المساهمة الأولى) أو صناديق الأسهم غير المدرجة ضئيل جداً. وثمة نقص أيضاً في عدد الصناديق المتوافقة مع الشريعة في منطقة يرغب فيها كثير من المستثمرين في الاستثمار وفقاً للقواعد الشرعية.
ومن المؤكد أيضاً أن الأزمة المالية الحالية لم تساعد في ذلك. فقد مُني المستثمرون بخسائر فادحة، وباتوا يخشون الأسواق ومديري الأصول، ويفضلون المبالغ النقدية والأدوات النقدية أو شبه النقدية.
إذاً، ما هي آفاق قطاع إدارة الأصول في دول مجلس التعاون الخليجي في ظل عوامل كثيرة غير مواتية؟
يبقى الطلب العالمي على احتياطات النفط والغاز الهائلة في المنطقة نقطة قوتها الكبرى. ويتوقع أن يتواصل هذا الطلب في المستقبل المنظور، أي أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد على تصدير الهيدروكربونات ستستمر في توليد دخل كبير يجب استثماره.
لقد سعت المنطقة بجدّ أيضاً لتطوير مراكز مالية محلية. وكانت البحرين على الدوام محوراً مالياً. وأنشأت دبي بعد ذلك مركز دبي المالي العالمي في ٢٠٠٣، وحذت قطر بعد ذلك حذوها من خلال إنشاء هيئة مركز قطر للمال في ٢٠٠٨. وتمتاز المنطقة حالياً بسوق مالية تنافسية حقاً، كما تشهد الأسواق الثلاث الآنفة الذكر منافسة لجذب مديري الصناديق.
لقد أسفر الربيع العربي عن ظهور بعض المخاوف الأولية لدى بعض المستثمرين، ولكن المنطقة، من جهة أخرى، تواصل التطلع بثقة إلى فرص مستقبلية يقودها نمو جديد في اقتصادات المنطقة التي بدأت تتعافى سريعاً من التأثير الأولي للأزمة المالية العالمية. وقطر بوجه خاص تبني بذكاء موقعها ليس كمركز لكل شيء ولكل شخص، بل باتت تسعى لتصبح مركزاً لإدارة الأصول والتأمين.
وتعني الثقة المتنامية أن بعض الأموال، التي كانت ستذهب إلى لندن أو نيويورك أو زيورخ، باتت، عوضاً عن ذلك، تعرف طريقها إلى الأسواق المحلية.
وستحدث التشريعات فرقاً أيضاً. وكلما كان بدء النشاط في المنطقة أسهل وأرخص بالنسبة لمديري الأصول المحليين والأجانب، كانت آفاق القطاع أفضل. لقد تكيفت دبي وقطر بحكمة منذ البداية مع طرق العمل العالمية الرائدة، مما أسهم في إيجاد عامل «راحة»، ولا سيما لدى الجهات الأجنبية.
وتمثل أسواق رأس المال العامة المحلية التي تتميز بصغر الحجم والافتقار إلى السيولة النقدية قضية هامة بلا ريب. ولا تزال بعض أسواق مجلس التعاون الخليجي أصغر من أن تستوعب مقادير ضخمة من الاستثمارات المحتملة. وثمة توجه نحو تشجيع القطاع الخاص على لعب دور أكبر في الاقتصاد، عوضاً عن اعتماده على الحكومات. وقد يحمل هذا في طياته نمو الأسواق المحلية (الأسهم والدين) في الحجم والسيولة لتمنح مديري الأصول المحليين نطاقاً أكبر.
بطريقة ما، فإن تدهور أسعار العقارات في بعض بلدان المنطقة مرحب به. إذ انه ساعد على أن يدرك المستثمرون حالياً أن العائدات السنوية التي تبلغ ٨٠-١٠٠% ليست هي المعيار. لقد اكتشفوا الصلة بين المخاطرة والعائدات وكذلك فوائد التنويع. لقد تغيرت التصورات، فباتت صناديق الاستثمار وآليات الاستثمار المحتملة الأخرى تتمتع بجاذبية متزايدة.
لن يحدث التغيير بين ليلة وضحاها. إن العوامل السياسية والثقافية مركزية لإحداث تغيير في أي عقلية، وستؤثر على أسلوب استثمار وإدارة الصناديق. لقد سمعنا، حتى الآن، كلاماً كثيراً، من دون رؤية إجراءات كافية على أرض الواقع. ولكن تأثير الأعوام الأربعة الأخيرة بوجه خاص كان هائلاً على المستوى العالمي، وأسهم في إنضاج دول مجلس التعاون الخليجي. لذلك، قد يحدث التغيير عاجلاً وليس آجلاً.
} محلل مالي معتمد بمعهد المحليين الماليين
.
مقالات أخرى...
- الربيع العربي يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار المباشر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
- ورشة عمل متخصصة عن «التطبيق العملي لإدارة مخاطر السيولة»
- «سيتي البحرين» تعقد ندوة تستعرض فيها وجهات نظركبار خبراء الاقتصاد والمحللين عن البيئة الاقتصادية العالمية
- تأجيل الحكم في القضية الجنائية ضد الرئيس التنفيذي السابق لبنك الخير
- مجلة «ذي بانكر» تمنح جائزة لعمليةإصدار صكوك أدارها «الخليج الدولي»
- «تمكين» تدعم ١٢٠٠ مؤسسة عبر صندوق دعم المؤسسات
- «ثمار» يوزع ملايين الجوائز على آلاف الفائزين
- قطر تبني مصفاة للنفط بتونس بكلفة ملياري دولار
- لجنة قطاع الأغذية بالغرفة تطالب بضرورة تفعيل دور التجار في المواصفات الغذائية
- ٤٤ مليار درهم تحويلات المقيمين بالإمارات في٢٠١١
- «الوطنية للنفط والغاز» تعلن إقامة مشروع للطاقة الشمسية بالمملكة
- وزير الطاقة يفتتح مؤتمر بتروتك ٢٠١٢
- ١٠٠ صندوق مسجل بالبحرين قيمتها ١.٧ مليار دولار
- بيت التمويل الخليجي يحصل على موافقة لإعادة هيكلة صكوكه
- «البحرين والكويت» يرعى حفل استقبال الجمعية المصرفية بالبحرين