مجموعة QNB: احتمالات خروج اليونان من اليورو تمثل خطرا داهما على الاقتصاد العالمي
 تاريخ النشر : الأربعاء ٣٠ مايو ٢٠١٢
تتزايد احتمالات خروج اليونان من منطقة اليورو، حيث يُعتقد أن الزعماء الأوروبيين يستعدون لمثل هذا السيناريو ويدرسون اتخاذ إجراءات للحيلولة دون انتقال المخاطر إلى الدول الأخرى المثقلة بالديون في منطقة اليورو.
وحصلت اليونان حتى الآن على حزمتي إنقاذ، حيث كانت الأولى بقيمة ١١٠ مليارات يورو في مايو من عام ٢٠١٠ والثانية بقيمة ١٣٠ مليار يورو في فبراير من عام ٢٠١٢، والتي تضمنت أيضاً إعادة هيكلة «تطوعية» للسندات اليونانية التي بحوزة مؤسسات القطاع الخاص، والتي خسرت حتى الآن ٧٠% من قيمتها. وتسعى حزم الإنقاذ هذه إلى تخفيض الدين العام لليونان إلى حوالي ١٢٠,٥% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام ٢٠٢٠، مقارنة مع ١٧٩% من الناتج المحلي الإجمالي في عام ٢٠١١. وتعتمد الدفعات التي تجرى حالياً في حزمة الإنقاذ الثانية على تطبيق اليونان للإجراءات التقشفية.
وقد أدت الانتخابات اليونانية التي جرت في ٦ مايو إلى أزمة سياسية نتيجة فشل أيٍ من الأحزاب في تشكيل حكومة. وعاقب الناخبون اليونانيون الأحزاب التي وافقت على شروط برنامج الإنقاذ الدولي والتي فرضت تطبيق إجراءات تقشفية على اليونان، حيث يتهمون هذه الإجراءات بالتسبب في ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية عند ٢١%، وبخاصة بين الفئة العمرية أقل من ٢٥ سنة حيث بلغ معدل البطالة بين أفرادها ٥٤%. على أية حال، فإن استطلاعات الرأي التي تشير إلى رفض اليونانيين للسياسات التقشفية، فإنها تُشير أيضاً إلى أنهم لا يرغبون في ترك العملة الأوروبية الموحدة، حيث أظهر استطلاع للرأي مؤخراً أن ٨٢% من اليونانيين يؤيدون البقاء في منطقة اليورو.
وبالمثل، يؤكد زعماء دول منطقة اليورو رغبتهم في استمرار اليونان في اليورو، لكن يتعين عليها الالتزام بشروط برنامج الإنقاذ. وبشكل ما، لابد من تقديم بعض التنازلات، لكن هذا لن يحدث حتى تتضح نتائج الانتخابات اليونانية التي ستجري في ١٧ يونيو.
أظهرت استطلاعات الرأي التي جرت مباشرة عقب انتخابات شهر مايو تَقدُم حزب سيريزا المعارض للسياسات التقشفية، الأمر الذي أعطى انطباع بأن الانتخابات الجديدة يمكن أن تؤدي إلى رفض برنامج الإنقاذ الدولي وخروج اليونان من اليورو. غير أن خمسة استطلاعات للرأي جرت في ٢٦ مايو أظهرت تقدم الحزبين المؤيدين لبرنامج الإنقاذ من جديد، مما يعطي انطباعا بأن رغبة الناخبين اليونانيين في البقاء ضمن منطقة اليورو بدأت تتجاوز معارضتهم للسياسات التقشفية. لكن يظل من الصعب التكهن بالنتائج، حيث إن الأحزاب المؤيدة لبرنامج الإنقاذ تأتي متقدمة بفارق ضئيل ومن المحتمل ألا تتمكن من الحصول على أغلبية مريحة في البرلمان.
سيجتهد قادة دول منطقة اليورو لتجنب المخاطر المرتبطة بخروج اليونان من اليورو، الأمر الذي يمكن أن يعطي اليونان قوة تفاوضية لتخفيف الإجراءات التقشفية. فمن المحتمل أن يؤدي خروج اليونان إلى مشاكل هائلة في النظام المالي الأوروبي، والتي تمثل مخاطر على ملاءة البنوك والحكومات في الدول المثقلة بالديون، والدخول في سلسلة من التطورات التي سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي.
ويعكس رد فعل الأسواق للتطورات الأخيرة بوضوح حجم المخاطر التي ينطوي عليها خروج اليونان من اليورو. فقد تراجع سعر صرف اليورو مقابل الدولار بنسبة ٤.٢% منذ بداية مايو، من ١.٣٢١ إلى ١.٢٦٦ دولاراً لليورو، وهو أدنى سعر صرف منذ منتصف عام ٢٠١٠. كما أن مؤشرات أسواق الأسهم الأوروبية تراجعت بشدة. وانخفض مؤشر يوروستوكس ٥٠، وهو مؤشر لأكبر ٥٠ شركة في منطقة اليورو، بنسبة ٧,٥% منذ بداية شهر مايو، وبنسبة ١٨.٢% منذ منتصف شهر مارس عندما بلغ أعلى مستوى له هذا العام عند ٢.٦٠٨ نقطة. ولم يقتصر تأثير هذه التطورات على الأسهم في منطقة اليورو، فقد تراجع مؤشر مورغان ستانلي للأسهم العالمية بنسبة ٨.٨% خلال شهر مايو.
هناك أسباب تدعم نظرة أسواق المال للوضع الحالي في اليونان على أنها تمثل خطراً، حيث إن رفض الناخبين اليونانيين للسياسات التقشفية يمكن أن يؤدي إلى الإخلال بشروط برنامج الإنقاذ ويدفع المجموعة الثلاثية (البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي) إلى وقف الدفعات حسب البرنامج. وهذا الوضع سيجعل اليونان تتعثر في سداد السندات وانطلاق سلسلة من الأحداث المدمرة.
كما أن قيمة السندات اليونانية ستنهار وتؤدي إلى خسائر لبنوك منطقة اليورو والبنوك العالمية. وتتعرض البنوك اليونانية بشدة للسندات الحكومية_ بلغت القروض التي منحتها المؤسسات المالية اليونانية للحكومة ٣٥ مليار يورو خلال شهر مارس ٢٠١٢- مما يجعل انهيار النظام المصرفي اليوناني أمراً حتمياً، ويؤدي إلى تبخر المدخرات وانهيار القدرة على سحب الأموال أو دفع الالتزامات.
سيؤدي التعثر إلى عرقلة عمل الحكومة خلال الفترة التي يتم فيها الترتيب لإنشاء نظام مالي جديد. فمن المحتمل ألا تتمكن الحكومة من الحصول على تسهيلات وتمويل باليورو وفي الغالب ستحتاج إلى إصدار عملة جديدة كي تؤدي عملها وتُعيد النظام المصرفي إلى العمل من جديد. كما أن تعطل التسهيلات الائتمانية من البنوك وغياب دعم الحكومة سيؤدي إلى انهيار اقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الأوضاع الاجتماعية. وسيؤدي عدم وجود العملة إلى تعطل الواردات ونقص النفط والأدوية وبعض المواد الغذائية.
لكن بعد مرور الصدمة الأولى، في الغالب ستخرج اليونان بحجم أقل من الديون ومزيد من الاستقلالية وسعر صرف تنافسي. ويتوقع محللون أن تفقد العملة اليونانية الجديدة ٥٠% من قيمتها فور إصدارها وستظل أدنى من سعر الإصدار بنسبة تتراوح بين ٥٠% إلى ٦٠% خلال السنوات الخمس التالية. كما أن الصدمة الأولى ستؤدي إلى انكماش قوي في الناتج المحلي الإجمالي، لكن على المدى البعيد ستستعيد اليونان النمو الاقتصادي بمعدلات تتجاوز ٤% نتيجة لقدرتها التنافسية من انخفاض سعر صرف العملة الجديدة واستعادة النمو في الصادرات والسياحة. ويتعين على اليونانيين الاختيار بين مواجهة هذه الصدمة أو الاستمرار في الوضع الحالي أو إعادة التفاوض على شروط الإجراءات التقشفية التي تفرضها المجموعة الثلاثية، والتي تنطوي على استمرار الركود الاقتصادي لعدة سنوات.
كما أن تعثر اليونان وخروجها من اليورو سيكون له تأثيرات تتخطى حدودها. فستواجه البنوك في منطقة اليورو وخارجها خسائر نتيجة لتعرضها للديون السيادية اليونانية. ويصل تعرض بعض أكبر البنوك الأوروبية للديون اليونانية إلى أكثر من ٣.٠ مليارات يورو لكل منها. وحسب بنك التسويات الدولية، بلغ أجمالي تعرض البنوك الأوروبية للديون العامة اليونانية إلى ٣١ مليار يورو، في حين بلغ تعرض البنوك من خارج أوروبا إلى ١.٦ مليار يورو في سبتمبر ٢٠١١. كما بلغ إجمالي حجم الدين الخارجي للحكومة اليونانية ١٧٨ مليار يورو في نهاية سبتمبر ٢٠١١، لكنه انخفض إلى ١٥٧ مليار يورو في نهاية عام ٢٠١١ بفضل حزم الإنقاذ.
وسيجعل تراجع التسهيلات الائتمانية وارتفاع تكاليف الاقتراض من الصعب على أوروبا تجنب حالة من الركود الاقتصادي. وفي الدول التي لديها ضعف في النظام المصرفي، قد تحتاج البنوك إلى دعم حكومي كي تواصل عملها. كما أن ارتفاع تكاليف الاقتراض واحتمالات الحاجة إلى عمليات الإنقاذ ستجعل من الصعب على الدول المثقلة بالديون، مثل البرتغال وايرلندا واسبانيا وايطاليا، الوفاء بدفع ديونها، وبالتالي ستحتاج إلى المزيد من عمليات الإنقاذ للحكومات. كل هذه العوامل ستضغط على اقتصاديات منطقة اليورو وعلى الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيجعل من الصعب على الدول المثقلة بالديون تجاوز مشاكلها المالية.
تم وضع مجموعة من الخطوات للسيطرة على مخاطر تعثر اليونان منها: دعم بنوك منطقة اليورو عن طريق زيادة رأس المال من صناديق الإنقاذ الأوروبية، وتقديم ضمانات للودائع في منطقة اليورو لتجنب عمليات سحب الودائع، وطرح سندات أوروبية مشتركة ومضمونة. غير أنه خلال قمة زعماء منطقة اليورو في ٢٣ مايو، تقرر إرجاء اتخاذ أي قرار. ولذلك فمن المتوقع استمرار تأثير حالة الغموض على أسواق المال حتى يتضح الوضع في الانتخابات اليونانية في ١٧ يونيو.
.
مقالات أخرى...
- إيران تلغي عقداً بقيمة ملياري دولار مع الصين
- أول ملتقى للأعمال بين الشارقة وفرنسا
- غرفة دبي: انخفاض أسعار المواد الغذائية عالميا وزيادة قوة الدولار يقلّص الضغوط على التضخم
- ١٥٠٠ شركة بحرينية سجلت في برنامج تمكين لدعم تطوير المؤسسات
- بنك البركة الإسلامي يوقع اتفاقية تعاون مع شركة الحلبي
- وزير الطاقة يفتتح محطة الروضة الجديدة لخدمات الوقود في مدينة حمد
- السوق السعودية تواصل التذبذب وتتراجع ٢٣ نقطة
- فروقات قياسية في أسعار الغاز حول العالم وصلت إلى ١٠ أضعاف بين منطقة وأخرى
- «سيدات الأعمال» تنتخب إدارتها الجديدة
- سوق البحرين المالي يحقق ٣.٦٨ مليارات دولار حجم تداول تراكمي في سوق العقود المستقبلية
- سميرة رجب: القطاع الإعلامي مدعو للدفاع عن صورة البحرين
- الغرفة توقع على مذكرة تفاهم مع غرفة تجارة جورجيا
- البحرين تحتفل بالذكرى الخمسين لبرنامج المحلل المالي المعتمد