الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨٧ - الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بالشمع الاحمر


ليلة إحراق مقرّ «شفيق»..!





لا يريد أحد للثورة المصرية أن تنحرف عن مسارها وتتحول إلى حالة فوضى. قبل يومين توجه عدد من الغوغائيين إلى أحد المقرات الانتخابية للمرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق وقاموا بإحراقه، ثم انتقلوا من هناك إلى ميدان التحرير. وتمكنت لاحقاً الجهات الأمنية المصرية من إلقاء القبض على ٧ أشخاص يشتبه في ضلوعهم في حادث الحرق. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي سيستفيده من قام بهذا الفعل؟ إذا كان القصد هو إعاقة المرشح شفيق عن خوض جولة الإعادة فهذا لن يحدث، بل إن حرق مقره الانتخابي أدى بكل تأكيد إلى إحداث حالة من التعاطف مع الفريق ورفع رصيده الشعبي، وإن كان الاعتراض على وصول شفيق إلى الجولة الثانية من الانتخابات، فهذه هي الديمقراطية ونتائجها. لماذا اللجوء إلى العنف والحرق إذن؟ وما الذي سيحدث إذا ما فاز الفريق شفيق بسباق الرئاسة المصرية بعد ذلك؟

من خلال اطلاعي على الكثير من تعليقات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، لاحظت نسبة من الإحباط وعدم الرضا بنتائج الجولة الأولى بسبب خروج كل من عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحي من السباق الرئاسي، لكن في المقابل هناك من أرضتهم النتائج واعتبروها جيدة، وحال الديمقراطية دائماً هكذا، فإذا كانت نسبة ٥١% من الشعب راضية عن النتائج، فإنه بكل تأكيد لن تكون الـ٤٩% الباقية راضية عنها، فهل يسوغ هذا ممارسة العنف والحرق والتخريب والتهديد من قبل الـ٤٩% التي لم ترضها النتائج؟ بالطبع لا، بل يتحتم القبول بحكم الصناديق.

ليس من شك على الإطلاق، في أن الأوضاع التي مرت بها مصر خلال العام الماضي، وخصوصاً حالة الانفلات الأمني، وارتفاع معدلات الجريمة، وتردّي الوضع الاقتصادي، وتدهور القطاع السياحي، وغير ذلك، قد أدت إلى ولادة ثورة مضادة للثورة، وبات المواطن المصري الفقير، الذي اضطر إلى غلق دكانه أو لم يتمكن من بيع بضاعته، يقول لنفسه: ما الذي جنيته مما حدث؟ المشاعر المختلطة بين الناس هي أمر طبيعي في ظل أوضاع مصر، والمدهش أن الكثير من شباب الثورة، والذي يقدّر الإعلامي المصري إبراهيم عيسى عددهم في أفضل الأحوال بـ«١٠٠ ألف»، انهالوا بالسباب والشتائم على من أعطوا أصواتهم للفريق أحمد شفيق، وأغفلوا حقيقة أن من أدلوا بهذه الأصوات هم أيضاً مصريون، وبلغ عددهم ما لا يقل عن ٥ ملايين و٦٠٠ ألف صوت. إذن هم جزء كبير جداًّ من الشعب، ومن المؤكد أن هذه النسبة سوف تزداد في جولة الإعادة، وخصوصاً مع إعلان جمعيات سياسية وفعاليات وقبائل وطرق دينية، من بينهم الصوفية - وهم كثر في مصر - أنهم سيصوتون للفريق أحمد شفيق، أضف إلى ذلك أصوات عمرو موسى التي ستذهب بكل تأكيد إليه، وربما ثلث أصوات حمدين صباحي، ويضاف إليها أصوات الأقباط داخل مصر وخارجها الذين يبدو أنهم جميعاً قد اتخذوا قرارهم بالتصويت لشفيق، فهل سيؤدي هذا إلى قيام شباب الثورة أو المحسوبين عليهم بإحراق مصر وتخريبها؟ سوف يكون خطأً كبيراً، والأفضل لمصر وللمصريين هو القبول بنتائج الانتخابات كما ستأتي، والعمل من ثم مع كل القوى السياسية على الساحة لتقديم أداء انتخابي أفضل في المرة القادمة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة