الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٢ - الثلاثاء ٥ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


مخازن مركزية بالرفاع





يلعب القطاع الخدمي في أي مجتمع من المجتمعات، دورا حيويا في تحقيق الرفاه الاجتماعي، فيما تشكل درجة تطوره وتقدمه، منطلقا أساسيا للتعبير عن مدى تحضر هذا المجتمع أو ذاك، كما أن مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة للمستفيدين، يكون مرتكزا من المرتكزات التي تقيس بها المنظمات الدولية المعنية تصنيف الدول وتحديد مواقعها في قوائم تطور وتخلف مجتمعاتها المدنية.

ولأن شيوع فكرة الخصخصة وإشراك القطاع الخاص في عمليات التنمية، جنبا إلى جنب مع القطاع العام، قسم مسئوليات تقديم هذه الخدمات في أي مجتمع من المجتمعات، بين القطاع العام والخاص، فإنه كان من البديهي أن يكون مستوى الخدمات المقدمة إلى المجتمع رفيعا جدا، وعلى درجة عالية من الجودة، ذلك لأن هذه الشراكة أوجدت درجات حادة من المنافسة التجارية، تكون الحكومات ـ بكل إمكانياتها المادية ـ أحد أطراف هذه المنافسة.

قطاعات كثيرة في البحرين، تنازلت بحكم الواقع، وحكم تطبيق قواعد الخصخصة، عن حالات الاحتكار التي كانت الشركات تقدم في إطارها خدمات مرتفعة الكلفة، متدنية الجودة، بطيئة التلبية، فتبدل الحال إلى واقع تسود فيه نوعية من الخدمات متدنية الكلفة، عالية الجودة، سريعة الوصول إلى طالبيها.

بالطبع، فإنه كانت للقطاع الخاص الذي يسعى عادة إلى تعظيم أرصدته ومكاسبه في كل عملية تجارية، كانت له حساباته الدقيقة جدا، من حيث جدوى شراكته في استثمارات يضيق فيها عنصر المنافسة والتنافس المؤثر على هوامش أرباحه، غير أن إقرار واقع الخصخصة وإعمالها في الأسواق، أرغمه على أحد خيارين، إما أن يكون شريكا في هذه الاستثمارات ويتعلم فنون «اللعب مع الكبار» في جو خال تماما من الاحتكار، أو أن يقبع على كراسي المتفرجين، فيما ينخر التآكل أمواله ويدفعه إلى إعلان إفلاسه، فكان لزاما عليه أن يقبل بشروط وقوانين التجارة الجديدة، وينصهر في بوتقة تقديم الخدمة الأكثر جودة بأقصى سرعة وبأدنى ثمن.

هذا الأمر، بتنا نلمسه جيدا في قطاع الاتصالات، فقد كان سعر الدقيقة للاتصال بدولة عربية قريبة من دول الخليج على سبيل المثال، نحوا من ١.٧ دينار بحريني في مطلع الثمانينيات، وتقلص بعد دخول موجة من شركات الاتصالات التابعة للقطاع الخاص الأسواق كمنافسين، بنسبة لا تقل عن ٩٠%، وبمستوى جودة عالية ودرجة فائقة من السرعة، وكذلك الحال بالنسبة لقطاعات أخرى كالصحة والتعليم والفنادق وغيرها من القطاعات الخدمية في المملكة.

نأمة

في بدايات أيام الأزمة الداخلية، ومع الصعوبات التي اكتنفت حركة المرور وانسياب بعض السلع والأغذية من المخازن المركزية التي (تحتكرها) المنامة، شهدت أسواق المحافظة الجنوبية، بعض المصاعب في الإمدادات، وأذكر أننا رصدنا في يوم من الأيام اختفاء الأبصال منها تماما، ثم أنشئت أكشاك لبيع الخضراوات والفواكه عند قلعة الرفاع وخور الحنينية، سرعان ما عوت الريح في أماكنها.

نتساءل، أليس من المناسب اليوم، أن تعمل الرفاع على فك الاحتكار، وتنشىء أسواقا مركزية لتأمين حاجة سكانها من الأغذية، ليس تحسبا لظروف مماثلة لم يعد هناك من سبيل لتجددها، بل لأن عنصر المنافسة مطلوب لتقديم السلع للمواطنين بالسرعة الفائقة، والجودة العالية، والسعر الأدنى.





عبد الرحيم فقيري



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة