عبدالله السعداوي ذلك الشيخ
المفتون بحكاية المسرح (٢-٢)
 تاريخ النشر : السبت ٩ يونيو ٢٠١٢
وكانت فكرة النص تتحدث عن شخصيتين وهاتان الشخصيتان، هما أختان، أخت صغيرة وأخت كبيرة والصغيرة شخصيتها غامضة، ومحاولة الوصول إليها لابدّ أن يمر بطريق الأخت الكبيرة.
فقلت له: هل الأختان تعيشان في محيط أسري؟
- قال لي وهو ينظر إليّ بعينين ساهمتين: قبل أن اشرح لك حالة الأختين، فالنص يتحدث عن أوجه فنية عبر مداخل رمزية، قد يربطها المشاهد بالسلطة في سيادة الأسرة والتي تتحكم في شئونها الأخت الكبيرة، مقابل غموض عصي على المفاتيح يتمثل في الأخت الصغيرة، عبر رسائل لا تتركها الأخت الكبيرة، مما يجعل من الأخت الصغيرة جسر تمر عليه الحكايات من هنا وهناك، في ظل توجيهات الأخت الكبيرة التي قد تجعل بعض المواقف عند الأخت الصغيرة مقلقة لكنها صابرة ومتحملة، معتبرة الأخت الصغيرة ما تتلقاه من أختها الكبيرة من نصائح صائبة، ولا يمكن لها أن تثور عليها.
فقلت له: لماذا اتجهت إلى الأدب الفارسي في اختيارك للنص؟
فقال: في الحقيقة إنني كمخرج انظر إلى المسرح من منظور حركة مبنية على أساس تنفيذ نصوص مختلفة ولشعوب عدة مختلفة في عاداتها وتقاليدها وتفكيرها.
والأهم عندي طرح ما يختلف فيه الكتاب عبر تناولهم للنص من منظور تفكيرهم، باختلاف شعوبهم وفتح نوافذ أخرى من الثقافات المختلفة.
وفيما سبق أخرجتُ نصوصاً من الأدب العربي والبلجيكي والهندي والمكسيكي والانجليزي والخليجي كخصوصية اجتماعية ولهجات قريبة ببعضها.
ولم يكن اختياري للأدب الفارسي قبل اختياري للعديد من النصوص لكتاب عالميين مختلفين في البلدان والاتجاهات الفكرية.
فالتجارب العالمية كثيراً ما تغريني، كوني ممن يعكفون ليل نهار في البحث والقراءة المستمرة في المختلف من النصوص لكل شعوب الدنيا.
فجرؤت وقلت للسعداوي: إلى أين أوصلك نص الكاتب »جوهر مراد«؟
فقال لي وهو يبتسم: قبل أن أقف على عتبات نص الكاتب الإيراني جوهر مراد، كان الكثير من النصوص التي أعدت لتقديمها على خشبة المسرح قد وقفت معي في منتصف الطريق.
× لماذا؟
- لعدة أسباب وأهم هذه الأسباب عدم توافر ممثلة أو ممثلين، وأحيانا الظروف الخارجية التي تكمل عملية الإخراج ناقصة وصعب توفيرها في ظل إمكانيات محدودة، تدعو إلى إيقاف العمل وتعطيله.
× أيعني لك هذا أنك ذهبت نحو نص يساعدك على تقديمه بشكل بسيط وأقل كلفة ومتفق في شموليته لعناصر مكملة للعمل دون مشاكل تعيق العمل؟
- هذا بالضبط ما اتجهت إليه، نظراً لوجود إمكانيات متوافرة في النص لا تحتاج مني إلى تعب البحث.
× ما هي القواسم التي جمعتك بالنص؟
- وأنا اقرأ نص »جوهر مراد« أحسّستُ بأن هنا نوعا من الألفة والحب يجمعني بالنص، وهذا سبب رئيسي لأي مخرج يريد أن يخرج عملاً مسرحياً، وفي اعتقادي أن ما ينطبق على النص المسرح أيضا ينطبق على كل الفنون التي تتعامل مع النص الأدبي، فلا يمكن عمل شيء من دون أن نحبه.
وقد يكون بين يدي العديد من النصوص الممكن تقديمها لكنها صعبة لتعارضها مع الخط الزمني للمرحلة الحالية مما يؤخرها لوقت تكتمل فيها نواقص مرفقات النص.
فالمسرح فضاء يسع محبيه، لكن في زمننا هذا أصبح فيه فن المسرح لا قيمة له عند الفنانين، كون زمننا أصبح زمناً سياسياً بامتياز، كون السياسة ابتلعت الحياة كلها، فلم تكن لسفينة الأدب إلا ذكرى رسوها في الأبجدية من الشعوب، وهذا ما يؤلم أكثر الأدباء إحساسا بقيمة النص.
فلم تولد السياسة قبل الأدب، بل الأدب كان سباقاً لغربلة كل شيء جميل في الحياة.
وكان هذا الشيخ عبدالله السعداوي، ثري الحديث عميقا في قراءته للتغيرات مما افاض عليّ بالكثير من أحاديثه عن عالمه الجميل عالم المسرح والحياة منذ عرفه، فكان شغله الشاغل محبة الناس في ظل فضاء مسرحي أخذ به نحو غربلة كل ما هو جميل.
.
مقالات أخرى...
- محمود درويش والتوراة - (9 يونيو 2012)
- الضفة الثالثة للنهر(١) - (9 يونيو 2012)
- الأرضُ تحت الأنقاضِ مشاهدٌ روائيةٌ من غزو (٢٠) - (9 يونيو 2012)
- شكرا سيلان.. تعاليم الروح الطاهرة - (9 يونيو 2012)
- الثنائية في رواية أيام الحب والموت لمنى عوض - (9 يونيو 2012)
- قضايا ثقافية تداخل المراحل الثقافية - (9 يونيو 2012)
- رواية «محمد ثائرا» أعادت الحياة لعادات وميثولوجيا مندثرة - (9 يونيو 2012)
- عــقــوبـــــــــــــــــة - (2 يونيو 2012)
- أسبوع الأدب في سيرفانتس بمشاركة: الشعراء: أدونيس، اللعبي، بنيس - (2 يونيو 2012)