لا حوار من دون شارعه
 تاريخ النشر : السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٢
عبدالله المناعي
لا يمكن أن ندخل في أي حوار وأي مصالحة من دون انشاء أرضية مناسبة لهذا الحوار. فمن غير المعقول أن تدخل البلاد في حوار سياسي يرفض الشارع نتائجه - مهما نجح - رفضا قاطعا. كما لا يمكن لنا أن ندخل في حوار نعرف في ختامه أن السقوف مرتفعة إلى أقصى الحدود بشكل يرفض الساسة حتى مناقشتها. بل إذا دخلنا في مثل هذا الحوار فإننا سنأتي بنتائج عكسية تزيد من نقمة الشعب على الحوار أو مفهومه. ولكن يجب أن نخرج من هذه الدوامة السياسية والاجتماعية التي يبدو أنه من الصعب الخروج منها.
أولا يجب أن نتوقف عن اللوم المطلق على المؤثرات الخارجية في الأزمة الداخلية في البحرين. وفي المقابل يجب أن نحصر هذه المؤثرات ونحاول توجيهها ومواجهتها لا بصورة مباشرة نعجز عنها في الوقت الحاضر ولكن بصورة استراتيجية نتمكن من خلالها التخفيف من وطأة هذه المؤثرات والبدء في التمهيد لبديل أيديولوجي لها. وبينما نقوم بهذا العمل يجب أن نبدأ فنهيئ الأرضية الشعبية المناسبة لأي حوار شامل تكون فيه اليد العليا للاعتدال السياسي والاجتماعي والايديولوجي وللتقدم التدريجي نحو طموحنا. ومن هذا المنطلق يجب أن نبدأ في حصر الاحتياجات الحقيقية للناس وتنفيذها وتفعيلها بأسرع وقت ممكن. فعلى الرغم من توجه الدولة في الأعوام الماضية لإدارة البلاد بطريقة أقرب إلى طرق إدارة الشركات فإن الوضع في الوقت الحالي لا يستحمل مثل هذه المفاهيم المثالية.
يجب أن تسعى الدولة اليوم إلى مواجهة الوضع من دون بيروقراطية لتتمكن من التأثير بصورة فاعلة في جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في آن واحد. ولكي يحصل ذلك يجب أن تجتمع جميع القوى لتتفق على استراتيجية خالية من العواطف والانفعالات غير النافعة لحلحلة جميع هذه الجوانب الثلاثة ويجب أن يكون تنفيذ هذه الاستراتيجية يحسب بالأشهر لا بالأعوام والخطط الطويلة الأمد. يجب أن نحل المشكلة الاسكانية بطريقة استراتيجية تعطينا حلولا طويلة الأمد وتشمل خطة للابتعاد عن المناطقية الطائفية التي كانت أحد الأسباب في المشكلة التي وقعنا فيها. كما يجب أن نعمل على تقوية صناديق مثل تمكين وغيرها للعمل على منح البحرينيين جميعا فرصا أكبر للدخول للقطاع الخاص. وفي الوقت نفسه يجب أن نسعى لحل مشكلة الطائفية العالقة ومن ثم نبحث التوصل الى حل سياسي يخدم الجميع.
السياسيون دائما ما سيحاولون التأثير في الشارع ولكن السياسي غالبا ما يكون بطبعه جبانا. فخوفه من فقدان صيته أو قوته أو وزنه في الشارع والرعب الذي ينتابه من عدم قدرته على جمع الحشود أو سماع التكبيرات والصلوات عندما يدخل مجلسا ويخرج منه يفقده صوابه، وعندما يجد أن الشارع أصبح لا يؤيده ولا يستطيع التأثير عليه يحول فكره إلى فكر الشارع ويقاد كالنعاج. ولا يهم الساسة دين ولا ملة، فبإمكانهم الحصول على أي فتوى يريدونها مادام ذلك سيساعد على تقدمهم السياسي. ولقد رأينا أمثلة كثيرة من أنماط هؤلاء الساسة منذ أن بدأت الأزمة في البلاد. لذلك تركيز الدولة يجب ألا يكون على الساسة والجمعيات السياسية بقدر ما هو في بناء شارع من مؤيدي الحوار لأنني لا أرى جسما سياسيا واحدا يقود الشارع اليوم ولكنهم جميعا يقادون.
.
مقالات أخرى...
- تطوير القضاء - (16 يوليو 2012)
- إلى الشرق - (9 يونيو 2012)
- الهاتف والنعاس يقتلان - (2 يونيو 2012)
- أين الدعم؟! - (26 مايو 2012)
- متى سنصبح نحن الخطر؟ - (19 مايو 2012)
- صورة ومقال - (12 مايو 2012)
- جاردنر وحسين - (5 مايو 2012)
- قسم حروق.. يحرق القلب - (28 أبريل 2012)
- وأخيرا أصبحت «الثورة».. «إسلامية»! - (21 يناير 2012)