الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٤ - الأربعاء ٢٧ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


السكوت المخزي عن جريمة كبرى





كارثة.. بل جريمة كبرى تحصل على الأرض من دون الالتفات إليها كما يجب.. كما يتراجع ذوو الشأن تراجعا مخزيا عن دق ناقوس الخطر ازاءها.. وتنقسم المنابر أيضا حيالها إلى نصفين:

- نصف يسكت عنها.. ويباركها.. ويصدر الفتاوى لإذكاء نيرانها.. لأنها تخدم أهدافهم. فهي أداتهم التي لا أداة غيرها!

- والنصف الآخر مشغول عنها بقضايا مكررة ومعادة، وتأتي كلها عبر اسطوانات مشروخة.. ملّ الجميع سماع ما يصدر عنها.. وأصبحت آذانهم تئن وتتألم كلما سمعوها.. ولا يسمعونها إلا اضطرارا، حيث ان القول هو ان الاستماع الى خطبة الجمعة فرض وواجب!

القضية في صلبها هي الزج بالأطفال في ارتكاب أعمال عنف وتخريب وجرائم نكراء ضد وطنهم.. وقد لا يفهمون أو يستوعبون كنه ما يفعلون، ذلك لأنهم مُحرضون ومُوجهون ومدفوعون، والكارثة الكبرى عندما يكونون مأجورين.. أي عندما يقبضون أجر ما يقدمون عليه ضد وطنهم أو ما يفعلونه.. والجميع يعلمون أن الاقدام على أي عمل عدواني مقابل الأجر هو الشرارة الأولى لإعداد المجرم المدمن على الاجرام، ونشر وتكريس الاجرام في المجتمع.

والجريمة الأشد إجراما هي سكوت الآباء والأمهات عن هذا كله، ومباركته أحيانا في غفلة من الدين والضمير والواجبات نحو الوطن.. أي أن المجرمين الحقيقيين ليسوا هم الأطفال العابثين بأمن المجتمع.. بل انهم الآباء والأمهات الساكتون عن الحق..!!

نقول إنه لا أحد في المجتمع يفند هذه الجريمة الشنعاء ولا يؤصلها ثم يراعيها بمقدار حق الوطن عليه.. ويؤثر الكثيرون تركها تستفحل وتتوحش رغم ان استمرارها خسران للجميع.

طرح واحد يكاد يكون الطرح اليتيم خلال الفترة القليلة الماضية، هو ما صدر عن جلسة مجلس الوزراء بتاريخ الثالث من شهر يونيو الجاري عندما أكد المجلس أهمية الدور الذي تضطلع به الناشئة والشباب في تنمية المجتمع وبنائه وتطوره، وما تشكله الطفولة من لبنة أساسية في هذا البناء، وضرورة تكاتف الجهود المجتمعية للحفاظ عليهم، والنأي بهم عن الانحراف والتوجيه الخاطئ، أو استغلال الأطفال والشباب للزج بهم في ارتكاب أعمال مخالفة للقانون والنظام.

وقد أشار بيان مجلس الوزراء الصادر عن نفس الجلسة إلى «وفي ضوء ما لاحظه المجلس، وما تناولته وسائل الإعلام المحلية والعربية من استغلال الأطفال والشباب في أعمال العنف والتخريب والتحريض في مملكة البحرين.. فإن مجلس الوزراء يدعو الآباء وأولياء الأمور الى تحمل مسئولياتهم في الحفاظ على الأطفال والشباب من التغرير بهم وإبعادهم عن كل ما يضر أمن وطنهم واستقراره».

وأهاب مجلس الوزراء بجميع الآباء والأمهات ايلاء اهتمام خاص لتربية أبنائهم بشكل يحول دون استغلالهم للقيام بأعمال تضرّ بوطنهم ومستقبلهم.

وناشد المجلس جميع المنابر والجمعيات والمؤسسات الأهلية أن تنأى بأنفسها عن استغلال الأطفال والشباب وتحريضهم للقيام بأعمال مخالفة للقانون والعادات البحرينية الأصيلة.. الخ.

من الخطأ أن نحمّل جهة معينة واحدة أو أكثر مسئولية هذا الجرم الأكبر.. بل كل الجهات على أرض الوطن مسئولة.. وتدمغ أي جهة نفسها بالإجرام إذا هي تقاعست، ولاذت بالصمت الرهيب والكئيب.. ويبقى أن المسئولية الأولى تقع على الآباء والأمهات.. فالجرم الأكبر هم من يرتكبونه.. يليهم في المسئولية معتلو المنابر.. وأهل الفتوى والتوجيه والتحريض.

أشار بيان مجلس الوزراء أيضا الى قانون الطفل، وضرورة العمل على تنفيذه عقب صدوره وصدور قراراته التنفيذية.. وأقول لوزارة التنمية الاجتماعية ان هذا القانون الذي بذلت السلطة التشريعية سنوات طوالا في إعداده وإقراره ليس للزينة، وليس لحبسه في أدراج كبار المسئولين والمسئولات بالوزارة.. ذلك لأن به موادّ يمكن أن تسهم بدرجة كبيرة في اجتثاث هذه الظاهرة التي يطلق عليها البعض «ظاهرة العار والإجرام».

المؤسف حقا انه حتى السلطة التشريعية مهتمة أكثر بمسألة حظر تشغيل الأطفال.. وتعتبر تشغيلهم في هذه المرحلة العمرية الطرية جريمة لا تغتفر.. وكأن لسان حالهم يقول إن تكسير الوطن بأيدي أطفالنا ليس جريمة.. والحقيقة هي أن هناك من يعتقدون ذلك من خارج السلطة التشريعية.. وظني أنهم أولئك الساعون الى أن تكون لهم زعامات وهمية.. وأجور بالملايين.. على حساب الأطفال الأبرياء.. وفي غفلة قاتلة من أولياء الأمور..!!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة