الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٤ - السبت ٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


في انتظار الرئيس مرسي





حتى الآن، يعتبر الخطاب العام للرئيس المصري الجديد محمد مرسي خطابا مطمئنا، وهو بشكل عام أثار ارتياحا عاما لدى اغلب المصريين.

فمنذ توليه الرئاسة رسميا، حرص الرئيس مرسي على ان يكون خطابه مطمئنا لمختلف القوى السياسية وللشعب عامة، وحاول ان يبدد المخاوف التي لدى الكثيرين.

وخطابه مطمئن على مستويات عدة وخصوصا ما يلي:

١ - حرص مرسي في خطابه العام على ان يبدد المخاوف التي عبر عنها الكثيرون من ان يكون فوزه بداية السير نحو الدولة الدينية في مصر بحكم انتمائه الى الاخوان المسلمين برؤاهم المعروفة.

وهو فعل ذلك عبر تأكيده أكثر من مرة على الدولة المدنية، وعلى حماية الحريات العامة السياسية والإعلامية والاجتماعية.

٢ - ومن جانب آخر، حرص مرسي على ان يحاول تبديد المخاوف من استئثار الإخوان والقوى الإسلامية عامة بالسلطة في البلاد في عهده، وإقصاء القوى السياسية الأخرى.

فعل ذلك بتأكيده الدائم على ان كل القوى ستكون شريكا في السلطة، وعلى انه يعتزم تشكيل حكومة تكون ممثلة لمختلف القوى، وكذلك الحال مع مؤسسة الرئاسة التي أكد انه سوف يختار ممثلين للأقباط وللمرأة والشباب كي يكونوا نوابا له أو أعضاء في مؤسسة الرئاسة.

٣ - وبالإضافة إلى هذا، كان محل ارتياح أيضا, حرص مرسي على تأكيد العمل على تحقيق أهداف الثورة، وعلى اتباع سياسات تنشد تحقيق العدل الاجتماعي والتقدم الاقتصادي.

٤ - وعلى الصعيد العربي والسياسة الخارجية، كان محل ارتياح عام, حرص مرسي في خطابه في جامعة القاهرة على التزام مصر بمواجهة أي تهديد للأمن القومي العربي وعلى تفعيل العمل العربي المشترك.

وبشكل عام، حرص مرسي حتى الآن على أن ينأى في خطابه عن الخطاب العام لجماعة الإخوان المسلمين، وحاول ان يتنبى خطابا تصالحيا توافقيا وطنيا عاما.

إذن، بشكل عام، كل هذه جوانب مطمئنة ومصدر ارتياح في الخطاب العام للرئيس مرسي.

ومع هذا، فهي ليست - بأي حال - معيارا للحكم عليه وعلى طبيعة الحكم في عهده. لو كان قد فاز بالرئاسة أي مرشح آخر غير مرسي أيا كان انتماؤه السياسي، فقد كان حتما سوف يتبنى نفس الخطاب ويعبر عن نفس المواقف في بداية عهده.

بعبارة أخرى، كل مفردات هذا الخطاب المطمئن ليست الا مجرد إعلان عام للنوايا الطيبة لا أكثر ولا اقل. والنوايا الطيبة مع انها حتما محل تقدير، فانها لا تكفي في عالم السياسة والحكم.

بعبارة ثانية، يبقى ان الحكم على مرسي سلبا او إيجابا سوف يتوقف على ما سوف يحدث في الواقع العملي على مختلف المستويات في الفترة القادمة، وما إذا كان سوف يترجم خطابه هذا عمليا أم لا.

ويمكن القول ان نجاح مرسي عمليا من عدمه متوقف على عدة عوامل واعتبارات, في مقدمتها ما يلي:

١ - ان يثبت مرسي فعلا انه رئيس لكل المصريين فيما يتبع من سياسات وما يتخذ من مواقف، وليس رئيسا ممثلا للإخوان المسلمين.

ولن يتحقق هذا الا إذا نأى بنفسه تماما عن الجماعة وعن المرشد ومكتب الارشاد.

بعبارة أخرى، ألا يكون لمكتب الإرشاد وقيادات الجماعة أي دور في صنع السياسات العامة وتحديد مواقف الرئاسة.

٢ - أن تتحقق الشراكة الفعلية لمختلف القوى السياسية في صنع السياسة واتخاذ القرار سواء عبر تمثيلها في الحكومة أو مؤسسة الرئاسة أو مختلف مؤسسات الدولة.

٣ - أن يتمكن مرسي فعلا من تحقيق تقدم ملموس في اتجاه تنفيذ الوعود التي أطلقها وبالأخص في اتجاه تحقيق العدل الاجتماعي والتقدم الاقتصادي والسلام الاجتماعي.

وأيضا أن يتمكن من تنفيذ وعوده المتعلقة بالحريات العامة السياسية والإعلامية والاجتماعية والا يسمح لقوة أيا كانت بفرض سطوتها.

ونفس الشيء ينطبق على السياسات الخارجية، وكيف سينفذ خطابه عن مواجهة مصر للتهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي.

للانصاف يجب أن نسجل أن المهام الملقاة على عاتق الرئيس مرسي صعبة وانه يواجه تحديات هائلة بحكم الظروف المعروفة القائمة في مصر اليوم.

وعلى العموم، فالقضية باختصار ان خطاب الرئيس الجديد حتى الآن مطمئن ومحل ارتياح. لكن مع هذا، فإن المصريين والعرب أيضا ما زالوا في انتظار مرسي.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة