الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٤ - السبت ٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


نفس الحيلة تتكرر!!





حاولوا في استماتة طوال جلسات الفصل التشريعي الأول.. ثم بلغت هذه المحاولات ضراوتها خلال الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب من أجل التصدي لأي تسليح أو تطوير لقوة الدفاع أو قوات الأمن العام.. وقالوا الكثير.. ومن بين ما قالوا: إن هذا السلاح الذي يصرف على جلبه ملايين الملايين لا يستخدم ويظل في المخازن حتى يصدأ.. وقالوا أيضا: إن هذه الملايين التي تنفق على استيراد السلاح والعتاد يمكن أن توجه إلى مشاريع حيوية يحتاج إليها.. بل وينتظرها الشعب على أحر من الجمر ومن بينها المشاريع الإسكانية والصحية والتعليمية وغيرها.. ومن بين ما قالوه: لا يوجد أي داع للسلاح والتسليح مادامت توجد في المنطقة قواعد لدول كبرى.. ومادام يوجد من يدافع عن شعوبها نيابية عن أنظمة وحكومات المنطقة.

ومن ترتيب الله عز وجل أنه كان يوجد نواب يقظون وفطنون لا تنطلي عليهم مثل هذا الحيل المكشوفة، وهذه الأباطيل.. ووقفوا ليقولوها قوية.. كيف لهؤلاء ان يتصوروا بأنهم في إمكانهم أن يخدعوا أحدا.. وكيف يطالبون البحرين وكل دول المنطقة بأن تكون بغير سلاح وعتاد بينما إيران على القرب منهم تسعى إلى التسلح النووي ولم يتجرأوا على استنكار هذا المسعى ولو بمجرد حرف واحد!

المهم انه قد جاء الرد واضحا.. صريحا وقويا.. وبدرجة أشد من مكرهم وانحراف نواياهم فكان هناك من النواب الوطنيين الذين واجهوهم قائلين: نعيش من دون ملبس أو طعام أو حتى دواء لتمتلئ مخازننا بأقوى وأحدث سلاح وعتاد!

ولم ننتظر الوقت الطويل حتى أكدوا مكرهم بأنفسهم، عندما حاولوا تكسير الوطن واختطافه وتسليمه الى أعدائه.. ولم يردهم على أعقابهم غير هذا السلاح الذي قالوا عنه إنه يصدأ بالمخازن.. رغم أنه لم يستخدم منه شيئا على الإطلاق.. ورغم أن هناك من قالوا إنهم لم يستخدموا مما عندهم ضد وطنهم أكثر من ٥٠!!

نفس الشيء يحدث الآن في قضية الاتحاد العام لعمال البحرين.. انهم يستخدمون إزاءه نفس المكر، ونفس الحيل المكشوفة التي لا تنطلي على أحد.. يستميتون في الدفاع عن بقائه.. رغم الجرم المشهود الذي ارتكبه هذا الاتحاد في حق الوطن واقتصاده.. ورغم آثاره المدمرة التي لم تنمحي كلها بعد.. ورغم رائحة هذا الجرم الكبير التي لا تزال تزكم الأنوف..!

بصراحة شديدة.. الكثيرون يعبرون عن استغرابهم وهم يشهدون هذه الاستماتة في الإبقاء على هذا الاتحاد.. وفي محاربة تطبيق قانون التعددية النقابية على الأرض.. ويطلقون شعاراتهم المزيفة مثل: الحرية النقابية.. الالتقاء على اتحاد قوي.. والوحدة العمالية.. الخ.

كل ذلك بينما الطفل الرضيع يدرك حق الإدراك أنهم يريدون من وراء كل هذه الحملة المسعورة والمكشوفة الإبقاء على هذا الاتحاد الذي أساء إلى الوطن.. ربما لتوجيه ضربة أو إساءة أخرى إلى الوطن قد تكون أشد فتكا وتدميرا.

نريد الإجابة على سؤال واحد ألا وهو: لماذا تعويق التعددية بينما العالم كله يعلم أن هذه التعددية تجسد واحدة من أهم مفردات أو آليات الديمقراطية؟ ولماذا هذا الإصرار على إبقاء الاتحاد؟.. لماذا هذه الحرب ضد الاتحاد الحر مادام سيخدم المصلحة العامة ويخدم الوطن ويحقق التوازن المنشود الذي يضمن سلامة الوطن والمواطن! أيام.. ويحل علينا شهر رمضان الكريم بكرمه وخيره وسهراته الممتعة المليئة بالنفحات الدينية والوطنية والاجتماعية، والتي تجعل من أيام هذا الشهر ومضة خير وبركة تنير القلوب والأنفس وتنقيها من أدرانها وتسرها ثم تمضي هذه الومضة إلى حال سبيلها مأسوف عليها.

من بين هذه المتع الرمضانية الجميلة التي ميز الله بها البحرين وأهلها هذه المجالس الرمضانية التي يلتقي فيها الوطن والمواطنون على خير دائما: وهي التي يدعمها ويزكيها ويباركها قادة البلاد الكرام، ويدعون على الدوام إلى تعميمها وانتشارها لتسهم بالمزيد من التحام الأسرة البحرينية الواحدة وتوحدها على الخير.

ولكن للأسف الشديد.. فقد لجأ أهل البحرين إلى تحويل هذه الميزة المجتمعية الفريدة.. وأقصد بها مجالس البحرين الرمضانية.. إلى عادة شكلية.. يتوجهون إليها ليس لأكثر من السلام والمصافحة والمباركة بالشهر الكريم.. إلى درجة أن الكثيرين يمرون على العديد من المجالس من دون أن يجلسوا في أي منها أو يجالسوا أهلها ولو لدقيقة واحدة..!

المفروض وهذا هو ما تحتاج إليه البحرين في ظروفها الراهنة وأكثر من أي وقف مضى.. أن يلتقي الجميع في هذه المجالس ويتحاوروا ويتصافوا ويتحابوا.. ويعلنون رفضهم لكل ما يفرق هذا الشعب الأبي ويمزقه.. فيحولوا هذه المجالس إلى منابر تدعو أهل البحرين لأن يعودوا إلى مكانة الصدارة التي كانت لهم بين الدول بتعليمهم وحضارتهم وتاريخهم العريق. حقا يمكن لهذه المنابر أن تعوض هذا الشعب الطيب عن هذه المنابر التقليدية الذي انحرفت عن دورها وتنكبت الطريق، وتركت هذا الشعب فريسة للتباعد والتناحر.. منابر لا يستطيع معها أي مصلٍّ أن يرد معتلٍ لها يسيء الى دوره أو يتجاوز حدوده.. بينما منابر المجالس الرمضانيةيمكن لكل مرتاديها أن يتبادلوا الرأي، وان يتحاوروا، وان ينطقوا بالحق ما شاءوا في حب الوطن وجمع صفوفه ولم شمله فليتنافس المتنافسون.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة