الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٦ - الاثنين ٩ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير

التقرير السياسي للتجمع:

١- الموقف من حراك الدوار






} في اليوم التالي للمؤتمر بدأت بقراءة متأنية للتقرير السياسي، ولامست حجم الخلل والتخبط في الرؤية المطروحة به، وبما لا يمثل الشريحة الواسعة من أهل الفاتح، سواء وصفا لهم أو تعبيرا عن موقفهم التاريخي، وخاصة تجاه أسباب الموقف من حراك الدوار والمعارضة الطائفية، أو أسباب الموقف من شرعية النظام، أو من التدخل الأجنبي، وهذا جعلني أهاتف أحد القادة الإداريين في التجمع، وأهاتف الدكتور «عبداللطيف المحمود»، وأحتفظ بما دار بيننا هذه اللحظة؟ ليتم ترتيب لقاء بإيعاز منه مع بعض من كتب التقرير وهم قلة، ورغم الجدل خرجت من اللقاء، وموقف الطرف الآخر بقي في مكانه، من دون إصدار بيان أو توضيح لموقف التجمع من التقرير كما طلبت.

} لقد وصف أحد كتاب الدوار في الصحيفة المنتمية إلى حراكه الطائفي التقرير السياسي بأنه (فضيحة وعار بالمفهوم الأخلاقي وغباء بالمفهوم السياسي)، ولكن باستنتاجات من جانبنا والأسباب غير تلك التي ذهب إليها، وأبحر في بحورها هو وغيره في الصحيفة ذاتها كأن ما قيل في التقرير يعبر عن حقيقة ما حدث، أو عن ضمائر كل من خرج إلى «الفاتح» حينها في فزعة تاريخية وطنية ليقلب موازين حراكهم الانقلابي.

×وبكل صدق وشفافية فان التقرير فعلا اتسم في مجمله بالتخبط والعشوائية حينا، والضبابية والغموض بل التعسف في قراءة ما حدث وفي وصف أهل الفاتح ودورهم التاريخي حينا آخر، مما يحتاج ليس إلى قراءته فقط، وإنما قراءة ما بين سطوره، ليتضح الظلم الفادح لتوصيف دور أهل الفاتح ممن يقول انه يمثلهم من جهة، ومحاولة تبرئة واسترضاء من تسبب بالكوارث لهذا الوطن من أصحاب الحراك الانقلابي من جهة أخرى، في إطار معادلة مقلوبة تماما بلغ فيها الأمر إلى حد استنساخ إما أفكار «الوفاق» وإما كلماتها، ووضع النظام وحده في قفص الاتهام، بل التسبب في الأزمة بل عدم توصيف المرحلة الراهنة بما يليق بخطورتها على البحرين وعلى الخليج العربي بشكل عام، مما يجعلنا نقف أمام مطلب كاتب الدوار ذاته موقفا ميلودراميا أو سرياليا وهو يقول بالحرف الواحد (ولو كان هناك عملية محاسبة داخلية، لكان أول ما يفترض القيام به إقالة كاتب التقرير الذي أثار كل هذه الضجة)، وليكمل ولكن هنا بحسب استنتاجه الخاطئ بأن كاتب التقرير (كشف كل ذلك المخبأ تحت السجادة من غبار) فنوضح وهو في موقف الشماتة التي هي في غير محلها لأن الغبار في واقعه لم يكن تحت سجادة أهل الفاتح وموقفهم الوطني المشرف، وانما كان فقط تحت سجادة من كتب التقرير، ان كان واحدا أو أكثر.

} فيما يخص البحرين وأهل الفاتح وموقفهم الوطني الذي من خلاله يستمد تجمع الوحدة الوطنية أي مصداقية اكتسبها، فان لا مجاملة ولا سكوت عمن يريد الإخلال بذلك، فعلى الجميع أفرادا أو جمعيات تحمل مسؤوليتهم الوطنية بما فيها تجاه أهل الفاتح، وسواء كان التقرير معبرا بالفعل عن موقف التجمع، أو لم يكن لأي أسباب يعرفها من في إدارته، فان التوضيح مطلوب.. وحيث لكل حادث حديث، ولكن حتى اللحظة فان التقرير خرج باسم التجمع ولم ينقضه أحد، وهذا ما سوف نناقشه.

} التقرير يطرح موقفا من احداث الدوار يُستشف (بضم الياء) منه موقف متعاطف في مجمله مع الحراك الانقلابي وأصحابه، وبما هو نقيض ما طرحه أهل الفاتح في فزعتي فبراير ومارس ٢٠١١، ولنوضح في هذا المقال أولا الموقف من الحراك الطائفي في التقرير وباقتضاب:

١- سمى ما شهدته البلاد في فبراير أنه (احتجاجات سياسية) وسماه (التحرك الشعبي في البحرين كان امتدادا لاحتجاجات سابقة) ولذر الرماد في العيون أضاف أنه (غير متوافق عليها وطنيا) الفقرة الأولى ص١، بينما الحقيقة أنه حراك انقلابي طائفي مدعوم كما يعرف الجميع.

وحين جاء ليتحدث عن الانقسام الطائفي قال في ذات الصفحة (للانقسام الطائفي الحاد الذي تخلف عن الأزمة في المجتمع البحريني) ومن دون أن يحمل قادة الحراك الطائفي في الدوار مسؤولية ذلك الانقسام.

٢- التقرير وهو يتحدث عن جذور الأزمة قال (تواجه البحرين في تاريخها الوطني نوعا من «الهبات الوطنية» بمعدل كل ١٠ سنوات)، ثم وضع تواريخ الهبات الوطنية تلك ليختمها بـ (لتتفجر مؤخرا فيما سمي حركة ١٤ فبراير ٢٠١١ وتأتي هذه الحركة لتعبر عن حالة من عدم التوافق بين نظام الحكم والشعب)، أي أن الحراك الانقلابي جزء أصيل من الهبات الوطنية مما يعني الاعتراف به كحركة وطنية وشعبية بدليل تعبير «الشعب» وليس باعتباره - كما هو في حقيقته- حراكا فئويا طائفيا لا وطنيا، وبعدها تأتي فقرة متناقضة تماما مع الطرح الأول وحيث لا ينفع فيه العطار ما أفسده التقرير.

٣- في الصفحة الثالثة يتبنى التقرير رؤية وموقف الوفاق من الاسباب التي أدت إلى الأزمة بل تجميل ذلك الموقف باعتباره كما يبدو موقف كاتب التقرير نفسه جراء التعبيرات التي تم استخدامها حول صدمة القوى السياسية مع صدور الدستور ٢٠٠٢ وأسباب المقاطعة ليصل إلى أن (كتلة الوفاق رغم كبر عدد ممثليها وجدت نفسها تصطدم بالواقع المرير داخل المجلس) إلى آخر التوصيفات الوفاقية التي تصل إلى أن الديمقراطية ليست حقيقية في البحرين وأن (عملية التعديلات الدستورية هي حركة تجميلية للوضع السياسي المتردي) والمقطع بين قوسين من التقرير نفسه صفحة .٣

ولا ذكر هنا أو في أي مكان عن دور الوفاق التأزيمي بقصد وبهدف واستنادا إلى أجندة ظهرت ملامحها في إعلان الجمهورية في الدوار، ولا ذكر إن كان المطلوب شعبيا من بقية المكونات الأخرى في البحرين هو التدرج وليس القفز على الواقع أو على الديمقراطية ولا ذكر لاستباحة القانون والدستور حين الاستناد إلى العنف ولا الارتباطات الخارجية سواء بمنظمات التدريب الأمريكية أو بالدعم الإيراني المطلق للحراك الطائفي الانقلابي، ولا شيء من كل ما اتضح سواء في تقارير «الويكيليكس» حول الوفاق أو الفبركات الإعلامية أو الكذب والتشويه المتعمد أو الوقائع أو... مما أصبح بمثابة الممارسات المكشوفة لكل مراقب، بل إن كاتب التقرير يصوغ عبارات الإعجاب وتبرئة ساحة الوفاق والاقتناع بما رفعته من شعارات كأن كاتب التقرير لم ير عملية توزيع الأدوار وتبادلها بين الوفاق ومن سماهم التقرير القوى المتطرفة (حق، الوفاء، أحرار البحرين). إلى جانب الكثير من التعميمات التي لا تضع أي مسؤولية على الوفاق حتى بما ذكره تقرير بسيوني على الأقل.

وفي هذا لابد من قراءة التقرير كاملا لتتضح الصورة فما بين ثنايا السطور والكلام الكثير من الاندفاع تجاه تبني رؤية الوفاق حول تحليل جذور الأزمة وأسبابها مما يجعل قارئها واقعا في حيرة من العديد من الفقرات التي يشعر بأن كاتبها وفاقي وليس من تجمع الوحدة الوطنية، وهو أمر يدعو إلى الدهشة وخاصة أن السطور كانت كما قلنا تحمل روحا متعاطفة مع الانقلابيين وروحا أخرى تقزيمية لدور أهل الفاتح وموقفهم التاريخي.

غدا نكمل.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة