تحت سعار: ما لا تحتاجة.. لغيرك حاجة
 تاريخ النشر : الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢
تحقيق: خولة القرينيس
"معارض تدوير النعمة" هي فكرة مبتكرة يعمل على تنفيذها مجموعة من الشباب أخذوا خطوات جادة لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي حثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وذلك من خلال مجموعة من الفِكَر المبتكرة، التي تشجع الناس على العطاء بدون تردد، وهي تمثل مجموعة من المؤسسات الشبابية تعمل تحت مظلة جمعية المستودع الخيرية، وتهدف إلى تغيير العادات الاستهلاكية في مجتمعاتنا، وقد تم اختيار اسم "تدوير النعمة" لهذه الحملة إشارة إلى ثقافة السلوك الاستهلاكي الجديد المراد نشره في المجتمع، وقد انبثقت هذه المجموعة من قبل بعض الشباب الذين تجمعهم صلة قرابة بالإضافة إلى الصداقة، وبدعم كامل من قبل الأهل لإيمانهم المطلق بأن هذه الفكرة نبيلة، كما أنها في ذات الوقت قد تعيب نوعا ما على جمعيات البحرين الخيرية بأنها تحمل الرؤية نفسها ولا تقدم التنمية المستدامة للمجتمع.
الجدير بالذكر أن هذه الفكرة جديدة على المجتمع البحريني ولا توجد فكرة مشابهة لها ومفعلة بشكل قوي، وخصوصا ان مجتمعنا أصبح استهلاكيا بشكل كبير لذلك بات بحاجة ماسة إلى مبادرات مشابهة لتدوير النعمة وتنمية موارد المجتمع.
وللتعرف أكثر على فكرة هذا المشروع أخبار الخليج تلتقي عددا من القائمين عليه وتسلط الضوء معهم على الأثر الإيجابي لهذا المشروع في المجتمع البحريني.
حل لأزمة التخزين
في بداية الحديث التقينا دعاء بوعلي التي تحدثت عن هذا المشروع بكل حماسة قائلة لقد وضعنا شعار المشروع: "ما لا تحتاج إليه.. لغيرك حاجة" وتتلخص فكرته في استقبال كل ما يزيد على حاجة الناس ويكون في حالة جيدة وصالحا للاستعمال، حيث نتولى بيع هذه الأغراض من خلال معارض يتم اعلانها بشكل مسبق، وعلى الجانب الآخر نجد اننا نسهم في حل مشكلة الحاجات الزائدة التي تحتاج إلى مكان لتخزينها والتي يعانيها الكثير لأننا نعيش في مجتمع استهلاكي، كما نقوم بمنحهم الخيار لاسترداد جزء من قيمته في حال كان المتبرع يرغب ذلك، وعلى الجانب الآخر فإن عوائد هذا المشروع تخدم بالدرجة الأولى الشباب غير المقتدرين على إكمال دراستهم الجامعية، ودعم أصحاب المشاريع والفِكر المبتكرة ليحققوا النجاح الذي يحلمون به ليتمكنوا من تطوير أنفسهم بعيدا عن النمط التقليدي بالبحث عن الوظائف الحكومية وتوقف إبداعاتهم عند حد معين.
وتواصل حديثها قائلة لقد حصد المشروع ومنذ المعرض الأول إقبالا كثيفا فاق كل التوقعات فقد زارنا من مختلف الفئات العمرية بالإضافة إلى تنوع الجنسيات مما زاد الإقبال على الشراء، وقد كان النجاح الأول للحملة هو نتيجة لحماسة المتطوعين وإصرارهم على إنجاح الفعالية ولله الحمد كانوا طاقات مشتعلة لإنارة المشروع بهمتهم وفِكَرهم الراقية، وهذا الأمر جعلنا نأمل في أن تصل فكرة المشروع إلى دول الخليج ومن ثم الدول العربية، بالإضافة إلى إعداد برامج توعية للشباب وأسرهم في الاستهلاك والتوفير.
مشروع بنك الوقت لاستثمار الوقت وتحويله إلى دخل إضافي (للمتطوعين وغير المتطوعين).
وعن أبرز المشاريع الخيرية التي ستقام من ريع تدوير النعمة قالت بالنسبة إلى الريع الأول تم التبرع به لجمعية رعاية حفظ القرآن (٧٠٠٠ دينار)، أما المشروع الثاني فكان عبارة عن حملة لسوريا حصلنا خلالها على ٣٠ ألف دينار وسنقوم ببناء مستشفى ميداني - مساعدة في بناء مستشفى آخر - استشفاء جرحى في الأردن - شراء حقائب طبية - التعاقد مع مخبز في لبنان لتوفير أغذية للنازحين.
ومن الخطط المستقبلية سنقوم بالتركيز في فئة الشباب والريع الذي سنحصل عليه سينصب في مجال تدريسهم ومجال البحث العلمي وإنشاء مشاريع تجارية.
نهوى خدمة المجتمع
وعن مشاركتها في هذا المشروع قالت نجلاء البوفلاح نحن أسرة تهوى خدمة المجتمع وتعمل تحت مظلة جمعية المستودع الخيرية، أمها العطف وأبوها الخير وأبناؤها العطاء، ولدت من فترة قصيرة ولكن أهدافها ورسالتها بعيدة المدى هذه الأسرة في أول لقاء لها كان عدد أفرادها ٩ في البداية حتى انتهت بأربعين متطوعا ومتطوعة تقريباً، وتتفاوت أعمارهم ما بين ١١ سنة وفوق ٣٥ سنة والعدد في تزايد مستمر مما يعكس حب شباب البحرين للأعمال التطوعية في سبيل رفعة مجتمعهم ووطنهم الغالي.
وتقوم حملات تدوير النعمة على مبدأ تجميع الحاجات الفائضة (الجديدة أو المستعملة استعمالا بسيطا) وإعادة بيعها بأسعار رمزية واستخدام الريع في العمل الخيري، وللجهات المانحة الخيار في الحصول على نسبة مئوية من عوائد هذه الحاجات أو التبرع بجميع العوائد للعمل الخيري، ريع الفعالية سيوجه لدعم أعمال الخير في البحرين ودعم الفكر والمشاريع الشبابية المبتكرة بشكل أخص.
خلال الحملة الأولى حصلنا على عدد كبير من التبرعات العينية لهذا المعرض التي تشمل الكتب والملابس بأنواعها واختلاف أعمارها والأجهزة المنزلية والالكترونيات، والأثاث، والتحف واللوحات وغيرها الكثير، وقد حقق هذا المعرض نجاحا باهرا لم نكن نتوقعه، مما زاد في نفوسنا الحافز للاستمرار في مثل هذه الحملات. والحملة الثانية كانت لجمع تبرعات إلى إخواننا في سوريا في المكان نفسه، والحملة الثالثة هي المعرض الثاني لتدوير النعمة الذي أقيم في متنزه خليفة في مدينة الحد، والحمد لله استمر النجاح بفضل الله ومن ثم جهود الشباب والشابات وتعاون الجميع معنا.
وعن الأثر النفسي لمشاركتها في مثل هذا النوع من الأعمال قالت إن فعل الخير له لذة خاصة لا يتذوقها إلا من يعمل به، ففي المعرض الأول على سبيل المثال كان المعوق الرئيسي عامل ضيق الوقت ولم يتم التعريف بالحملة على نطاق واسع، أما في المعرض الثاني فكانت الحملة الإعلامية أوسع حيث قمنا بعدة مقابلات على تلفزيون البحرين والـح وأيضا في إذاعة البحرين بالإضافة إلى نشر أخبارنا في الصحف، لذلك نرجو من الجميع مساندتنا والتعرف على آخر مستجداتنا من خلال تواصلهم معنا من خلال التالي:
moc.liamg@hb.ogtiteL:liamE -HB_oGtiteL@:rettiwt أو الاتصال بـ ٣٦٦٦٤٢٣٦ - .٣٦٧٧٧٩٥١
العلاقة السامية
أما هدى بومطيع (عضو مشروع تدوير النعمة) فترى أن العامل الأساسي لنجاح هذا المشروع هو العلاقة السامية التي تجمع بين أفراده مكنونها الحب والتعاون بالإضافة إلى حب الشعب البحريني الذي يؤمن بمبدأ التكافل الاجتماعي ولم يبخل علينا بالمساهمة في دعم هذه المشاريع ولو بالقليل، كما لا يمكننا ان نغفل مشاركة المقيمين على هذه الأرض المعطاء. وكلنا أمل في الله عز وجل ان يوفق خطواتنا في خدمة هذا الدين ومجتمعنا البحريني والحصول على جائزة الشيخة حصة آل خليفة للعمل التطوعي، فجزيل الشكر لكل من أسهم في دعم هدفنا وتحويله من فكرة لطالما جالت في عقولنا إلى واقع ملموس ومؤثر في حياتنا وحياة الآخرين.
وتضيف نظرا للنجاح الملموس الذي تمكنا من تحقيقه فنحن نسعى في الفترة الحالية إلى العمل على توفير مقر دائم لنا لتفادي مشاكل نقل وتخزين الأغراض لأنها تتطلب جهدا كبيرا، ولأن هدفنا لا يقتصر على المعارض فقط فنحن نطمح لعقد دورات تثقيفية في المقر أيضاً وإعداد الكثير من البرامج التوعوية.
الرغبة النفسية
أمينة المحرقي - موظفة في شركة الحد للطاقة تؤكد أن المجتمع البحريني وللأسف أصبح مجتمعا تحركه الرغبة النفسية وليست الحاجة الفيزيائية، أصبح الجميع يكترث باسم الملابس التجارية بدلا من أن ينظر لماذا يحتاج إلى شراء هذه الملابس، ومن هنا جاءت فكرة معارض تدوير النعمة التي جعلتنا نستوعب مبادئ التوفير، وتضيف على الرغم من دراستي الجامعية في مجال الاقتصاد فاني أخيرا تمكنت من استيعاب معنى الاقتصاد والحاجة ومبادئ الاقتصاد الجزيئي بشكل أفضل. وخلال فترة العمل تمكنت من التأثير الشخصي من المجموعة، وكذلك من الأشخاص الذين قاموا بزيارتنا بشكل ايجابي في مختلف النواحي.
وعن أكثر المواقف التي أثرت فيها خلال المعارض التي عملت بها قالت من المواقف التي لا تنسى في حملة سوريا لجمع التبرعات، كانت قاعة التبرعات بالقرب من مدرسة أطفال ابتدائية، وكان الأطفال يتبرعون بمصروفهم اليومي للمدرسة من أجل اخوانهم أحباب الله في سوريا، وفي آخر يوم من الحملة جاءت عاملة بسيطة في المدرسة، وتبرعت بمدخراتها التي ادخرتها للذهاب إلى العمرة من أجل سوريا. هذه المواقف أثرت فيّ جدا، وإن دل هذا الأمر على شيء فإنما يدل على أصالة وطيبة الشعب البحريني على الرغم من وضعه الاجتماعي أو دخله المالي أو توجهه السياسي، شعب البحرين اثبت أنه شعب إنساني من خلال كرمه وطيبه وحسن تواصله مع حملتنا.
الحراك التطوعي
ومن جانبه أكد خليفة الكعبي أن الحراك التطوعي الشبابي في البحرين في تحسن وتطور دائمين ولكن ينقصه الدعم الإعلامي، هناك العديد من المشاريع التي لا يعلم عنها المجتمع وخصوصا الشباب ونحن هنا لا نلقي باللوم على جميع الوسائل الإعلامية بل على الجمعيات الشبابية التي يجب أن تنزل لمستوى الشباب وتحاكي عقولهم وتبحث أكثر في احتياجاتهم، وتشجعهم على الحضور والمشاركة في الفعاليات والأنشطة التي تقوم بها بشكل مستمر حيث لا تكتفي بالإعلان في الصحف فقط بل يجب أن يمتد هذا الأمر إلى وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا تويتر فعلى سبيل المثال شبكة تويتر لم تكن تستخدم بكثرة حتى السنة الماضية في البحرين، فالدعاية في موقع تويتر أصبحت من ركائز الإعلام الاجتماعي في البحرين وربما بعد سنة نرى ظهور شبكة اجتماعية جديدة، ولكن طموحنا أن نرى المجتمع البحريني يعي وبصورة أكبر أهمية العمل التطوعي وينخرط في العمل به وبشكل أكبر لما له من خير على المجتمع بشكل عام، وخصوصا اننا في معارض تدوير النعمة نعاني قلة المتطوعين في هذا المجال بالإضافة إلى عامل ضيق الوقت وضغط العمل بسبب قلة العاملين فيه.
تحريك الاقتصاد
وعلى الجانب الآخر أشاد المتابعون لمعارض تدوير النعمة بهذه الفكرة كونها تسهم في خدمة البحرين وتحريك الاقتصاد بالإضافة إلى تعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي لأن الفوائد التي سيحصدها المجتمع تعتبر متميزة ورائعة وجيدة على المجتمع الخليجي.
ميثم رفيع يرى أن فكرة المعرض أكثر من رائعة وخصوصا أن التخلص من الحاجات الزائدة على الحاجة أسلوب ذكي كما انها تسهم في توفيرها إلى أناس أكثر حاجة إليها مما يحقق مبدأ التكافل الاجتماعي بالدرجة الأولى، كما انها تسهم في الارتقاء بمستوى الفرد من جميع النواحي.
صابرين القحطاني كانت حريصة على زيارة معارض تدوير النعمة التي أقيمت خلال الفترة الأخيرة وترى ان هناك جهدا واضحا في الجهود التي يبذلها الشباب، وتتمنى في ذات الوقت أن يستمروا بنفس الجهد الذي يبذلونه لأنه بحق بادرة متميزة وحازت رضا الكثيرين من أفراد المجتمع، كما حصلت على تجاوب مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.
ويعلق محمد عبدالرحمن على هذه البادرة الشبابية ويصفها بالتحضر ويطالبهم في ذات الوقت بالاستمرار بالحماس نفسه الذي بُدئ به بل العمل على تشجيع الشباب على الانخراط في مثل هذا الهدف النبيل حتى يكون العمل على نطاق أوسع فكلما زاد عدد العاملين كانت هذه المعارض على مستوى أكبر وخصوصا أن المجهود بلا شك سيكون مضاعفا. ئل
.
مقالات أخرى...
- مدينة الشباب ٢٠٣٠ رؤية جديدة لاستثمار طاقات الشباب - (12 يوليو 2012)
- استخدام المضادات الحيوية بعشوائية.. قضية تستفحل بين المواطنين والمقيمين - (9 يوليو 2012)
- في صيف هذا العام «المنامة.. مدينة الفرح» - (8 يوليو 2012)
- أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة: نحن على هاوية الإفلاس - (7 يوليو 2012)
- ظاهرة بحاجة إلى وقفة.. الباعة الجائلون.. واجهة غير حضارية - (6 يوليو 2012)
- رجال الأعمال يثمنون قرار رئيس الوزراء بتجميد الرسوم ويؤكدون: القرار يعكس تفاعل سموه مع همومنا - (3 يوليو 2012)
- "فرسان السلام".. ينشرون التسامح - (2 يوليو 2012)
- الإدمان على المخدرات - (29 يونيو 2012)
- ندوة حقوق المرأ تكشف عن: علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي - (26 يونيو 2012)