الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٧ - الجمعة ٢٠ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

لديه أكبر احتياطيات للذهب في إفريقيا
المعدن الأصفر يفتح آفاقا جديدة أمام انتعاش الاقتصاد السوداني





الخرطوم ـ رويترز: في مكتبه بسوق الذهب في الخرطوم يشرب محمد ادم وكيل مبيعات البنك المركزي كوبا من الشاي ويراقب الموظفين وهم ينقلون حزما من النقود تساوي عشرات آلاف الدولارات من الخزانة إلى أربعة صناديق. وستستخدم الحكومة هذه الحزم من الجنيهات السودانية لشراء الذهب الذي تنوي بيعه للحصول على الدولارات اللازمة لسداد ثمن واردات الغذاء وسلع أساسية أخرى.





وقال ادم «نشتري كل الذهب من التجار المحليين والباحثين عن الذهب». وخارج المكتب يبرم تجار الذهب صفقاتهم في سوق مزدحمة بمبنى متهالك بوسط المدينة يتساقط طلاء جدرانه.

ويتطلع السودان لتوسعة مناجم الذهب وتعزيز انتاج المعدن النفيس ليبقي اقتصاده صامدا.

وكان النفط هو المصدر الرئيسي للايرادات العامة والدولار الامريكي الذي يستخدم لسداد ثمن الواردات لكن السودان فقد ثلاثة أرباع انتاجه النفطي حين انفصل جنوب السودان العام الماضي.

ودفع نقص الدولارات معدل التضخم السنوي للارتفاع إلى ٣٧.٢% في يونيو، أي نحو مثلي المستوى المسجل في يونيو ٢٠١١ ويقول المسئولون ان الاسعار سترتفع أكثر من ذلك.

ويقبع السودان فوق ما قد تكون أكبر احتياطيات للذهب في إفريقيا وقد منحت الحكومة عقود تنقيب لاكثر من ٦٠٠ شركة تعدين للبحث عن الذهب ومعادن أخرى.

ويأمل السودان أن يحقق ما يصل إلى ثلاثة مليارات دولار من صادرات الذهب هذا العام أي مثلي الايرادات المحققة في العام الماضي. وقد بلغت الايرادات ٦٠٣ ملايين دولار بحلول مطلع إبريل بحسب أحدث البيانات الرسمية.

ويأتي جزء كبير من الانتاج حاليا من شركات تعدين صغيرة وأفراد تغريهم أسعار الذهب المرتفعة للتنقيب عن المعدن النفيس في أطراف نائية من البلاد. ويشتري البنك المركزي حاليا ذهبهم الذي كان في الماضي يهرب إلى الخارج غالبا.

وتقدر الحكومة أن نحو ٢٥٠ ألف سوداني يبحثون عن الذهب معظمهم في شمال البلاد حيث كانت صحراء النوبة مصدرا للذهب منذ عهود سحيقة من التاريخ السوداني.

وقال تاجر الذهب جمعة محمد سعيد الذي يسافر كل شهر إلى

منطقة صحراوية على مسافة ٣٠٠ كيلومتر شمالي الخرطوم «أذهب دائما وأشتري الذهب من السكان ثم أبيعه إلى البنك المركزي».

وقال سعيد (٢٥ عاما) «أحيانا أشتري بضعة جرامات وأحيانا ٥٠٠ جرام أو كيلو. أنا دائما مشغول. ويجلب سعيد الذهب إلى الخرطوم حيث يتاجر مع البنك المركزي. ويتحقق الخبراء من نوعيته قبل أن ينتهي به المطاف فوق مكتب ادم».

وقال ادم ان البنك المركزي عين ثلاثة وكلاء مبيعات في سوق الذهب يقومون بشراء المعدن النفيس بثمن أقل بقليل من السعر العالمي.

لكن مسؤولا كبيرا في منظمة دولية قال إن الوكلاء يدفعون أحيانا أكثر من السعر العالمي لمنع التجار الآخرين من شراء الذهب وتهريبه إلى دبي وهي سوق كبيرة للذهب.

وتابع المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه قائلا «يدفع البنك المركزي أحيانا أكثر من أسعار السوق بكثير... هذا يرفع التضخم لكنهم يحتاجون الدولارات التي تأتي من صادرات الذهب».

والمليارات الثلاثة التي يهدف السودان لتحقيقها من صادرات الذهب هذا العام أقل بكثير من ايراداته النفطية التي بلغت خمسة مليارات دولار على الاقل في ٢٠١٠. لكن الحكومة تأمل في ابقاء الاقتصاد صامدا بينما تتفاوض للتوصل إلى حل لمسألة رسوم تصدير النفط من جنوب السودان.

وتواجه الخرطوم عجزا في الميزانية قدره ٦.٥ مليارات جنيه (٤.١ مليارات دولار) بعد أن استقل جنوب السودان قبل عام في إطار اتفاقية السلام المبرمة عام ٢٠٠٥.

وكانت وزارة المالية تعول على رسوم تصدير بالدولار من الدولة الجديدة الحبيسة التي تحتاج لاستخدام خطوط الانابيب الشمالية وميناء بورسودان على ساحل البحر الاحمر لنقل نفطها الخام إلى الاسواق العالمية، لكن جوبا أغلقت كل ابار النفط في يناير بعد فشل محادثات بشأن رسوم التصدير. وأخذت الخرطوم بعض النفط لتعويض ما قالت انها مستحقات لم تسدد من استخدام الانابيب.

في غضون ذلك تحاول الحكومة اجتذاب مزيد من الاستثمارات مع تطلعها لتعزيز انتاج الذهب الذي بلغ ٣٣.٧ طنا العام الماضي.

وقطاع التعدين من القطاعات القليلة التي تنمو في الاقتصاد السوداني الذي يواجه أزمة بسبب نقص النقد الاجنبي.

ومن أصل ٦٠٠ رخصة منحها السودان للتنقيب عن المعادن ذهبت ٨٨ رخصة إلى شركات كبيرة. وقال المركز السوداني للخدمات الصحفية المرتبط بالدولة الاسبوع الماضي ان مناجم جديدة ستفتح للاستثمار.

وقال تكر باري خبير التعدين المطلع على السودان والذي يعمل في كندا «السودان يقترب من الصدارة في إفريقيا من حيث الامكانات المعدنية».

وأضاف «شمال شرق السودان في موقع متقدم للغاية على قائمة إفريقيا للتنقيب عن الذهب».

وتجاهلت الشركات السودان لفترة طويلة في ظل حربه الاهلية وصراعاته العرقية، لكنها تتجه اليه الان كاحدى أكبر المناطق غير المستكشفة في افريقيا.

وفي الاسبوع الماضي قالت شركة التعدين الكندية لا مانشا ريسورسز أكبر لاعب في السودان انها وافقت على أن تشتريها شركة مملوكة لرجل الاعمال المصري نجيب ساويرس.

وقالت لا مانشا ان الصفقة ستساعدها على تطوير منجم الحصاية أكبر منجم للذهب في السوادن والذي تشغله شركة أرياب للتعدين التي تملك الحكومة السودانية أغلبية أسهمها بينما تملك الشركة الكندية ٤٠ بالمائة منها.

وقال باري «مع تدفق السيولة من ساويرس ستكون الشركة في وضع جيد وستواصل التنقيب والتطوير».

وغالبا ما تكون مشروعات التعدين باهظة التكلفة لان معداتها تنقل عبر مسافات طويلة. وتخرج الجامعات المحلية عددا قليلا من المؤهلين للعمل بالتعدين وغالبا ما تعتمد الشركات على قوى عاملة كبيرة من المغتربين.

وبسبب الحظر التجاري الذي تفرضه الولايات المتحدة على الخرطوم منذ عام ١٩٩٧ لدورها في ايواء اسلاميين بارزين في الماضي من بينهم أسامة بن لادن، تحجم معظم الشركات الغربية عن المجيء إلى السودان بينما تعاني الشركات التي تأتي من ظروف صعبة. وترفض البنوك الغربية بشكل روتيني تمويل المشروعات في السودان.

وبالرغم من أن الحكومة تأمل في تحقيق أرباح سريعة يقول حمدي ان العديد من المشروعات ستحتاج ثلاثة أعوام إلى خمسة لتبدأ الانتاج.

وتتوقع لا مانشا مثلا أن يتراجع انتاج الذهب العائد اليها نحو ١٦ بالمائة هذا العام بسبب استنفاد الطبقة العليا في منجم الحصاية الرئيسي بعد استغلالها مدة ٢٠ عاما. وتحتاج الشركة الى الاستثمار في تقنيات جديدة للحفر على مستويات أعمق.

وقال سعيد تاجر الذهب الذي يتاجر مع البنك المركزي ان منقبين غير محترفين في المنجم الذي يزوره كل شهر يواجهون نفس المشكلة.

وتابع «في بادئ الامر كانوا يتجولون بأجهزة كشف المعادن ويكتشفون الذهب على السطح. الان يحتاجون الى الحفر على مستوى أعمق، الامر يزداد تكلفة».







.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة