الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٩ - السبت ١٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


السيناريو المرعب للحرب





في الفترة الماضية، تصاعد الحديث في امريكا وفي الغرب عموما حول احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية بين امريكا وايران. والشغل الشاغل للمحللين والكتاب في امريكا هذ الايام هو الحديث عن هذه الاحتمالات من زوايا مختلفة.

مفهوم بالطبع ان الذي جعل هذا الحديث عن احتمالات الحرب مطروحا على هذا النحو هي التطورات الاخيرة في المنطقة. اهم هذه التطورات، التصعيد الايراني في الفترة الماضية وخصوصا التهديد بالاقدام على اغلاق مضيق هرمز ووقف صادرات النفط من المنطقة كلها، ورد الفعل الامريكي على هذا التهديد. ومن هذه التطورات ايضا احتمالات قيام دول الاتحاد الاوروبي بفرض حظر على واردات النفط الايرانية، وهو الامر الذي لو حدث سوف يسبب اذى شديدا لايران.

في خضم هذا الجدل حول الازمة في المنطقة واحتمالات الحرب، عبر عدد من المحللين عن خشيتهم من احتمال اندلاع ما يسمونه «الحرب بالصدفة». ويقصدون بهذا انه في ظل هذا التصعيد والشحن، وهذا التوتر الشديد، وحتى لو لم تكن الولايات المتحدة او ايران او أي طرف آخر راغبين في اندلاع حرب، فإن حربا يمكن ان تندلع بالصدفة، أي بسبب حدث عرضي.

فيليب جيرالدي، احد المحللين الذين ناقشوا هذا الاحتمال بتوسع في تحليل مطول نشره قبل يومين.

في تحليله يرسم سيناريو محتملا للحرب، هو سيناريو مرعب حقا.

من المهم ان نقدم ملخصا له، فبالنسبة إلينا في المنطقة، يجب ان نأخذ كل الاحتمالات بجدية تامة في كل الاحوال.

بحسب السيناريو الذي يرسمه، فإن الحرب يمكن ان تبدأ بسبب حادث عرضي بسيط، ويمكن ان تتطور على النحو التالي:

ف يمكن ان تعلن ايران، تحت وطأة العقوبات وتأثيراتها الشديدة، انها سوف تحدد من يحق له استخدام مضيق هرمز ومن لا يحق له، وانها سوف تتخذ خطوات لمنع السفن الحربية الامريكية من دخول المضيق. في هذه الاثناء، يقوم زورق ايراني صغير محمل باعضاء من الحرس الثوري بمواجهة سفينة حربية امريكية ويطلب منها المغادرة وترفض طبعا. يتجاهل قائد الزورق اوامر صدرت له بتجنب المواجهة المباشرة مع السفن الامريكية، ويأمر بفتح النار واطلاق صواريخ على السفينة الامريكية. تقوم السفينة الامريكية بالرد وتدمر الزورق وتقتل كل افراد الحرس الثوري على متنه، ويقتل ايضا اربعة من طاقم السفينة.

يتلو ذلك قيام مقاتلات من على متن حاملة الطائرات يو اس ستينيس بتدمير القاعدة البحرية التي انطلق منها الزورق الايراني. ويعقد الرئيس الامريكي اوباما مؤتمرا صحفيا يعتبر فيه ان ما حدث هو عمل من اعمال الحرب، ويتعهد باتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية القوات الامريكية في المنطقة، لكنه يحجم عن اعلان شن الحرب على ايران.

تستغل اسرائيل اجواء الحرب هذه، وتقوم من دون ابلاغ امريكا بشن هجوم على المنشآت النووية الايرانية وتدمر مفاعل بوشهر وتقتل ١٣ من الفنيين الروس كما تدمر المنشآت النووية في نطنز، وتسقط الدفاعات الايرانية ست مقاتلات اسرائيلية.

تتصاعد الضغوط على الادارة الامريكية من الكونجرس الذي يهب دفاعا عن اسرائيل ويطلب من اوباما شن الحرب على ايران. وبعد تردد، يوافق اوباما على شن هجوم محدود على المنشآت العسكرية والنووية ومواقع الحرس الثوري الايراني. وبسبب التفوق العسكري الامريكي، يحدث دمار هائل للقواعد البحرية والعسكرية والمنشآت النووية الايرانية كما تسقط اعداد من المدنيين.

ترد ايران بهجمات صاروخية من القواعد التي اخفتها عن السفن الامريكية، وايضا يشن الحرس الثوري هجمات انتحارية على هذه السفن الامر الذي يؤدي الى تدمير او اصابة عدد منها باضرار.

تندلع مظاهرات في بيروت تأييدا لايران ويطلق حزب الله اعدادا كبيرة من الصواريخ على تل ابيب والمدن الاسرائيلية ويقتل اعدادا من الاسرائيليين، وترد اسرائيل بشن هجمات على لبنان وسوريا.

تحدث اضطرابات شيعية في السعودية والبحرين. وتطلق ايران صواريخ على المنشآت النفطية السعودية، ويرتفع سعر برميل النفط الى ٣٠٠ دولار للبرميل.

يقوم احد حراس الرئيس الافغاني قرضاي من الشيعة باغتياله باوامر من طهران، لتشعل التوتر في المنطقة كلها، وتحدث تطورات تجعل الهند وباكستان اطرافا في الحرب.

تشهد المدن الامريكية والاوربية عمليات انتحارية. وحالة من الرعب تعم العالم.

ويمضي الكاتب في سيناريو الحرب على هذا النحو، ويتابع كيف يمكن ان تتطور الحرب هكذا لتصبح حربا تشمل كل منطقة الخليج وسوريا ولبنان والهند وباكستان وافغانستان والدول الغربية.. الخ أي تصبح حربا عالمية ثالثة.

وهكذا فإن مواجهة عرضية بسيطة في البداية بين زورق حربي ايراني وسفينة حربية امريكية في الخليج يمكن ان تتطور لتتحول الى حرب عالمية ثالثة.

مع ان هذا سيناريو تخيلي للحرب بطبيعة الحال، فإن كل الاحتمالات تظل ممكنة ولا يمكن استبعاد أي احتمال.

والمقصود كما ذكرت ان دول الخليج العربية في كل الاحوال من المفروض ان تكون مستعدة لأي احتمال او تطور، بما في ذلك التطورات التي ليست بحسبان احد.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة