الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٦ - السبت ٢١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


مرحلة جديدة من التهديد الإيراني





ايران لا تتوقف يوما عن توجيه التهديدات إلى دول الخليج العربية. غير ان التهديد الايراني اتخذ في الفترة القليلة الماضية منحى جديدا.

قبل فترة، هددت ايران باغلاق مضيق هرمز وحرمان دول الخليج العربية من تصدير نفطها. أي ان ايران تريد معاقبة دول الخليج العربية بسبب فشلها هي في حل ازمتها مع الغرب، وتريد لدول الخليج ان تدفع ثمن هذا الفشل.

بعد ذلك، انتقل التهديد الايراني الى مرحلة اخرى.

عدد من المسئولين الايرانيين اطلقوا سلسلة تهديدات سافرة لدول الخليج العربية ان هي قررت تعويض امدادات النفط الايرانية إذا ما قررت الدول الاوروبية فرض حظر على واردات النفط الايرانية.

وزير الخارجية الايراني اعتبر ان هذه الخطوة ستكون «مؤشرا غير ودي». مسئول آخر هو ممثل ايران في منظمة اوبيك، لم يتورع عن تهديد الدول الخليجية بانها ان فعلت ذلك، فانها ستواجه «احداثا» لم يحددها، لكنه يقصد طبعا اجراءات عدوانية ايرانية مباشرة سوف تتعرض لها.

وبداية، المسئولون الايرانيون يتحدثون بهذا الشأن كما لو كانت كل مواقف وسياسات ايران تجاه دول الخليج العربية هي مواقف وسياسات ودية تماما، وبالتالي مطلوب من دول الخليج ان تقابل هذا الود بود مقابل.

هذا في الوقت، الذي لم تر فيه دول الخليج العربية من ايران الا المواقف والسياسات العدوانية، والتدخل السافر في الشئون الداخلية والتحريض على الفتن الطائفية.

كما قلت، هذ مرحلة جديدة من التهديد الايراني.

لنلاحظ هنا الجوانب التالية:

اولا : ان الامر برمته يتعلق بقضية لا دخل لدول الخليج العربية بها وليست طرفا مباشرا فيها.

نعنى ان الامر يتعلق بازمة متفجرة بين ايران والدول الغربية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وبموقف تريد الدول الغربية اتخاذه بتشديد العقوبات على ايران بما في ذلك احتمال فرض حظر على واردات النفط الايرانية.

لم تكن دول الخليج العربية بداهة هي التي فجرت الازمة، وليس لها علاقة مباشرة بتطوراتها وبالمواقف والقرارات التي تتخذها الدول الغربية.

ومع هذا، تتعامل ايران، بتهديداتها هذه، مع الدول الخليجية العربية كما لو كانت هي المسئولة عن ازمة ايران مع الغرب وتفاقمها.

ثانيا: ان الامر يتعلق هنا بقرار سيادي لدول الخليج العربية.

نعني ان قرار زيادة انتاج النفط أو لا إذا ما فرض حظر اوروبي على واردات النفط الايرانية، هو قرار سيادي خليجي بداهة، تحكمه اعتبارات المصلحة الخليجية العربية كما تقدرها قيادات هذه الدول.

ومعنى هذا ان ايران بتهديدها السافر هذا تريد ان تصادر القرار الخليجي العربي لحسابها.

بعبارة اخرى، تريد ايران ان تجبر الدول الخليجية العربية على ان تتخذ القرار الذي تريده ايران، والذي يخدم مصالحها هي.

أي ان ايران بعبارة ثانية، تريد بالتهديد والاكراه، ان تجبر الدول الخليجية العربية على تقابل مواقف وسياسات ايران العدوانية تجاهها بمكافأتها وتطويع القرار الخليجي لصالحها.

ولهذ السبب قلنا ان التهديد الايراني دخل مرحلة جديدة، هي مرحلة محاولة مصادرة القرار الخليجي ذاته.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد.

المسئول الايراني الذي اطلق هذا التهديد، لم يتورع عن مطالبة دول الخليج العربية بأن تعلن بوضوح انها لن تقدم على تعويض النفط الايراني، لماذا؟ لأنه، في تقديره، ان فعلت الدول الخليجية هذا، فلن تتخذ الدول الاوروبية قرارا بفرض حظر على النفط الايراني.

مرة اخرى كما نرى، يريد هذا المسئول الايراني من دول الخليج العربية ان تكافئ ايران على مواقفها وسياساتها العدوانية تجاه دول وشعوب المنطقة، وان تتطوع من تلقاء نفسها بانقاذ ايران من قرار العقوبات الغربية.

اذن، هذا النهج الايراني في التعامل مع دول الخليج العربية، وهذه التهديدات السافرة ان كان لها من مغزى اساسي، فهو ان دول الخليج العربية حين تتحدث عن خطر ايراني يتهددها، فهي على حق.. وحين تتحسب لمواجهة هذا الخطر حاضرا ومستقبلا، فهي على حق.

وكما ان ايران، دفاعا عن مصالحها، تعطي لنفسها الحق في ان تهدد وتتوعد، من حق دول الخليج العربية ان تتخذ أي مواقف وان تلجأ الى أي سياسات ترى انها كفيلة بحماية مصالحها.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة