الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٧ - الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


سوريا ومأزق الجامعة العربية





يجتمع وزراء الخارجية العرب اليوم لبحث الوضع في سوريا وما انتهت اليه جهود الجامعة العربية ولتقرير الخطوة التالية التي ستتخذها.

والحقيقة ان الجامعة في موقف لا تحسد عليه. بعبارة ادق، الجامعة ازاء الوضع في سوريا تواجه مأزقا لا تعرف بالضبط كيف تتعامل معه او تخرج منه.

الجامعة اطلقت مبادرة لحل الأزمة في سوريا. وترافق مع اطلاق المبادرة تصاعد الآمال في ان تتمكن الجامعة اخيرا من ان تلعب دورا ايجابيا فاعلا في حل ازمة عربية في اطار عربي.

وفي اطار المبادرة، تم ارسال بعثة المراقبين العرب الى سوريا.

ومع انتهاء فترة الشهر التي تم تحديدها لعمل بعثة المراقبين، اصبح واضحا للجميع ان جهود الجامعة اجمالا انتهت الى الفشل.

وجهود الجامعة في سوريا انتهت الى الفشل بمعيار محدد واضح، هو ان الوضع في سوريا مازال كما هو من دون تحقيق أي خطوة الى الامام في اتجاه الحل. فرغم المبادرة واعلان النظام السوري قبولها، ورغم ارسال المراقبين، فان عمليات القتل في سوريا مازالت مستمرة بنفس الوتيرة. وليس هناك في الافق أي مؤشر على الاطلاق يشير الى أي امل في مجرد بدء عملية سياسية نحو حل الأزمة.

ازاء هذا الفشل، وهذا الوضع، ما هي الخيارات التي يمكن ان تكون متاحة امام الجامعة العربية؟.. ما الذي بمقدورها ان تفعله بالضبط؟

من الواضح من تصريحات المسئولين العرب ومسئولي الجامعة في الفترة الماضية انه لا احد يعرف بالضبط اجابة عن هذا السؤال. لا احد يعرف ما الذي يجب عمله بالضبط، والتخبط هو السمة الاساسية للتقديرات والمواقف.

قبل فترة، طرح امير قطر فكرة ارسال قوات عربية الى سوريا.

ومن الواضح بالطبع ان الاقتراح كان اقتراحا متعجلا، او ربما اريد من اطلاقه فقط ان يكون جزءا من ممارسة الضغوط على النظام السوري. ذلك ان الاقتراح غير قابل للتطبيق اساسا، وغير مقبول ايضا من حيث المبدأ.

ارسال هذه القوات يتطلب بالطبع موافقة النظام السوري، وموافقة دول عربية على ارسال قوات. وقد اعلن النظام السوري بالفعل، كما هو متوقع، الرفض القاطع للاقتراح. كما ان اغلب الدول العربية رفضته، بحسب التقارير المنشورة.

والاقتراح غير مقبول اساسا، لأنه بفرض وجود امكانية لارسالها، ما الذي يمكن ان تفعله اصلا.. هل ستقاتل في سوريا؟.. وتقاتل من بالضبط؟

المسئولون في الجامعة العربية حين اعلنوا ان الاقتراح يمكن ان يناقش في اجتماع الوزراء العرب اليوم حاولوا تعديله قليلا واعلنوا ان الذي سيطرح للنقاش هو ارسال قوات حفظ سلام عربية.

وحتى بهذه الصيغة، الاقتراح لا معنى له ايضا. من الممكن ارسال قوات حفظ سلام اذا استقر الوضع في سوريا وتوقفت عمليات القتل، ووافقت سوريا على ارسال مثل هذه القوات للاشراف على هذا الوضع.

اذن، غير هذا، ما هي الخيارات الاخرى امام الجامعة؟

البعض - وعلى رأسهم المعارضة السورية او قطاعات منها - يضغطون على الجامعة كي تعلن صراحة فشل جهودها، وتقرر احالة الملف السوري الى مجلس الأمن.

وايضا هذا خيار غير مقبول ولا جدوى منه.

من الواضح ان عددا كبيرا من الدول العربية لا يريد تكرار تجربة ليبيا، ولا يريد ان يكون مسئولا عن كوارث يمكن ان تترتب على تدخل عسكري غربي في سوريا.

وحتى لو طلبت الجامعة العربية من الامم المتحدة التدخل، فالانقسامات معروفة في مجلس الامن، والدول الغربية نفسها غير راغبة في أي تدخل عسكري في سوريا على غرار ليبيا.

ازاء هذا المأزق الذي تواجهه الجامعة، اشارت التقرير بالأمس الى ان النية تتجه في اجتماع اليوم الى اتخاذ قرار بتمديد عمل بعثة المراقبين العرب مدة شهر آخر.

وإذا اتخذ الوزراء العرب هذا القرار فعلا، فسيكون هذا ليس بسبب الاعتقاد بجدوى هذه الخطوة، ولكن لأنه ليس لديهم أي شيء آخر بمقدورهم ان يفعلوه.

بعبارة اخرى، سيكون هذا القرار بمثابة اعلان لفشل جهود الجامعة العربية واقرار بأنها لا تملك أي خيارات اخرى للتعامل مع الأزمة.

حقيقة الأمر ان مبادرة الجامعة وجهودها، مهما اختلفت الآراء حولها، كانت فرصة حقيقية اتيحت للنظام السوري لانهاء الازمة فعلا.

لكن النظام السوري اضاع هذه الفرصة.

ومن الآن فصاعدا، فان الوضع في سوريا مفتوح على كل الاحتمالات بناء على تطور الصراع الداخلي. وللأسف، ليس بين هذ الاحتمالات أي احتمال واحد مطمئن. كلها احتمالات كارثية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة