الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٨ - الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


أرض سياسية زلقة





قضايا الإصلاح والتغيير والمعارضة والنضال الديمقراطي الحافر في الأرض كلها معلقةٌ بسبب الوضع الإقليمي، فالسياسة الإيرانية الحالية تُلقي بظلالها على كل شيء.

الشعب يريد تغييراً والبناء الاقتصادي يريد تحولات جذرية، والناس تبغي وحدة سياسية، ولكن أي حركة سياسية تتحول إلى اضطراب، والأجندة الداخلية الضرورية المهمة تحتك وتلتهب بالأجندة الخارجية فيتفجر الجانبان ونحصل على حصاد هشيم مدمر.

من دون وحدة المسلمين لا يتغير أي شيء.

على مستوى الحياة السياسية الإقليمية فإن تعاون السعودية وإيران والعراق، القوى الكبرى في المنطقة، هو عامل الاستقرار المطلوب، ومن دون هذا التعاون الأخوي الوثيق فإن الأرض ملتهبة ومشروعات الإصلاحِ والتغيير متجمدة خاصة في الشريط الخليجي الساحلي.

على مستوى الحياة المحلية من دون تعاون الحكومة والمعارضة لا يمكن أن يحدث تطور عميق واسع يرضي الأغلبية الشعبية.

السياسة الإيرانية لا تريد لأي أطراف محلية أن تتفق وتعمق التعاون بينها.

في العراق على سبيل المثال هناك أزمة عميقة لها مظهر طائفي كما هو الشأن في البحرين، لكن الشكل الطائفي مظهر للتدخل الحكومي الإيراني الذي يريد أن يقرر هو السياسة العامة في العراق.

ففي العراق لا توجد«دولة سنية» تسيطر على المواطنين بل هناك حزب شيعي موال لإيران يحكم ويقرر السيادة والتخلص من منافسيه رغم أن الدولة برلمانية فلم تستطع أن تبني توافقا وطنيا ونهضة شعبية، لكون السياسة المذهبية غير قادرة على توحيد المسلمين.

أي غير قادرة على تكوين الفئات الوسطى والعمالية المتعاونة لحل مشكلات الحياة السياسية والاقتصادية عبر المؤسسات البرلمانية والنقابية وغير مرتبطة بالخارج.

التنظيم المذهبي يعني العودة للعصور الوسطى وطرح سياسات تفتيت وتفكيك للمواطنين وبروز ولاءات مختلفة لهم، ويأتي من يستغل ذلك.

السياسات المذهبية معناها انفلات المصير السياسي من أيدي المواطنين بمختلف طبقاتهم وعدم قدرتهم على التجمع والاختلاف المفيد.

هل ننتظر إلى أن يسقط النظام الإيراني من أجل أن نحلحل قضايانا في مراقبة المال العام والشركات العامة والكثير من المشكلات والتحديات في هذا المجال؟

هل ننتظر لنوسع روضات الأطفال والمدارس والمصانع أن نرى الملالي وهم يرحلون؟

في الواقع ان الأطرافَ السياسية الاجتماعية لم تصل إلى مستوى الخطورة التي تعيشها المنطقة وظلالها الخطرة علينا، ولم تركز في حل القضايا المحلية والوحدة والتعاون المشترك ومقاربة الحلول الوسط.

من دون تعاون الأطراف المحلية في كل بلد لن تنتهي المشكلات الآن وفي المستقبل.

فلتعدْ الأطراف السياسية كافة النظر في برامجها وأعمالها التي هي كلها قاصرة عن الارتفاع لمستوى التحديات الخطرة التي تواجهها منطقة الخليج، بل يواجهها بحرنا القريب الملاصق للقلوب والأبنية والمصانع.

فلتعتمد هذه القوى على التقارب والصلح والسلام الاجتماعي والاختلاف ضمن القانون.

فلتحول معاركها من الشوارع والعنف إلى البرلمان والبلديات والقاعات ومقاعد الدرس والصراع السلمي الهادف للتغيير عبر التعبير والكتابة والخطابة. إن القوى السياسية كلها في مأزق تاريخي، فالإصلاحات على حالها بسبب السقف الأعلى المرفوع دائماً، الذي يتحول إلى قميص عثمان والهدف زعزعة أوضاع المنطقة وبلدانها، وخلط الأوراق.

إنها سنة ٢٠١٢ الحاسمة في منطقة الخليج، التي سوف تغير الملامح السياسية، فيجب ألا تُضيع القوى السياسية هذه الفرصة، ولابد أن تتشبث بوطنيتها وتعمق جذورها وتطويرها للواقع ولحياة السكان ولتقاربهم وأن تلتحم مع بعضها بعضا، فغداً سوف تهب رياحُ التحول لتغير ما بقي من الإقليم ما لم يتغير، ومن يتشبث بمواقعه العتيقة ويرفض أن يتطور.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة