الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧١ - الأحد ٥ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


للأسف.. انتصروا لأصوات حفنة من الناخبين..!!





لم يرتفع عندي ضغط الدم طوال الفترة التي قمت خلالها بواجب التغطية الصحفية لمجلس النواب كما ارتفع في جلسة المجلس يوم الثلاثاء الماضي.. عشر سنوات تغطية لهذا المجلس «وهي مهمة قاسية» مرت بسلام ومن دون مخاطر.. ثم جاء الخطر من خلال جزء واحد فقط من الجلسة الماضية وهي التي كانت واحدة من أثقل الجلسات وأطولها!

لأول مرة أرى السادة النواب ينتصرون للصوت الانتخابي على حساب المصلحة العامة «عيني عينك.. وبجرأة فاقت كل الحدود!».

وزير التربية بُحَّ صوتُه وهو يقول لهم: ان مشروع تمديد اليوم المدرسي مدة ساعة واحدة في اليوم هو في مصلحة الطالب وولي أمره، وتطوير التعليم، وفي مصلحة المعلم ماليا، وفي مصلحة سمعة التعليم ومخرجاته، وفي مصلحة هدف التقدم والتطوير على أرض الوطن بكامله.. ورئيس مجلس النواب يقول لهم: «هذا في مصلحة عيالنا».. ولكنهم جميعا وللأسف الشديد كانوا أذانا من طين والأخرى من عجين.. عندما صوتوا ضد الحق والتطوير!

قال لهم الوزير.. وقد أقسم أمامهم بالقرآن: أن هذا المشروع في مصلحة البلد.. وانه تم اتخاذ كل الاستعدادات لتنفيذه فقد عرض على معهد التخطيط لليونسكو وأقره.. وعرض على مجلس الوزراء الذي باركه وأقره ورصدت له الميزانيات اللازمة.. وتم تدريب المعلمين والمعلمات.. كما تم توفير مساحات للصلاة.. وتطوير شبكة المكيفات.. وتحسين مستوى النظافة بالمدارس.. وزيادة أعداد الحافلات ورفع مستواها.. وطرحت مؤخرا مناقصة لتركيب ٤١١٥ جهاز تكييف حائطي اضافية و٩٩٢ مكيفا مجزأ.. إضافة الى ما هو موجود.. والاتفاق على بناء ٧٢ مظلة بمساحة (١٠٠) مترمربع لكل واحدة.. وتم تطوير دورات المياه.. وتوفير مياه الشرب النقية.. ولم ننس أولياء الأمور فقد عقدنا معهم ٢٦ لقاء وأظهروا حماسا للمشروع.. ونفذت سلسلة من برامج التوعية بالمشروع من خلال وسائل الاعلام.. ولكن السادة النواب أصروا على موقفهم وصوتوا ضد المشروع لا لشيء سوء استجابة لنسبة قليلة من أولياء الأمور الذين يرون أن المشروع سوف يسبب بعض المتاعب والجهد اليومي بالنسبة إليهم!

قال لهم الوزير: عدد ساعات الدراسة الآن في الثانوي ٦٣٥ ساعة والمشروع يزيدها إلى ٧٨٥ ساعة.. ولكنهم سدوا آذانهم وصوتوا ضد المشروع!

وقال لهم: عدد ساعات التعليم السنوية في الدول المتقدمة تتراوح ما بين ٩٠٠ و١١٠٠ ساعة.. وعدد ساعات التعليم بالمدارس الخاصة في البحرين من ٩٠٠ الى ١٤٠٠ ساعة بفارق يتراوح ما بين ٢٦٥ و٧٦٥ ساعة.. وهذا هو سر تفوق المدارس الخاصة على المدارس العامة.. ونحن نريد استعادة المكانة التي كانت للمدرسة العامة.. ولكنهم أصروا على التصويت ضد المشروع!

وفي أدب شديد.. حذرهم الوزير ووضعهم أمام صميم مسئولياتهم الحقيقية.. قائلا لهم: إذا لم نبدأ التطوير الآن فسوف يكون هناك خطر على التعليم وعلى مستقبل البحرين بكامله.. ولكنهم لم يرفعوا أصابعهم من آذانهم احتراما لوعدهم لعدد قليل من أولياء الأمور وصوتوا ضد المشروع!

وقال لهم: الدول التي نزلت على سطح القمر مشغولة الآن أكثر من أي وقت مضى بمسألة تطوير التعليم، وسوق العمل يشكو من ضعف مخرجات التعليم، والمجتمع كله ــ ما عداكم ــ راغب وبشدة في تطوير التعليم.. ولكنهم للأسف الشديد كانوا قد اختاروا الانتصار لأصوات بعض الناخبين!

والآن ماذا يجب علينا عمله من أجل البحرين ــ بلد التعليم والمتعلمين، وبلد التحضر والحضارة، والدولة الأولى في مجال التنمية البشرية - بعد أن انتصر السادة النواب لرغبة عدد محدود جدا من الناخبين؟

نحن أمام خيارين لا ثالث لهما:

الأول: ان يبادر عدد من السادة النواب في شجاعة لا تنقصهم وليتقدموا بطلب اعادة بحث المشروع ثم يتخذ المجلس قرارا بالسير في تنفيذ المشروع في موعده بعد ان تم اتخاذ كل متطلبات التنفيذ.. وليس هناك ما يمنع من طلب كل الضمانات التي يريدونها.. والوزير يرحب بكل شيء من هذا القبيل.. وهذا الذي اقترحه ليس جديدا على المجلس فقد اتخذ المجلس مثل هذا الموقف مرارا وتكرارا.

الثاني: طالما أن القرار قد صدر عن مجلس الوزراء بمباركة مشروع تمديد اليوم المدرسي واقراره.. ورصدت له كل متطلباته.. فأنا اقترح ان تتوكل وزارة التربية والتعليم على الله وتبدأ في تطبيق المشروع في موعده.. وهذا ليس فيه أي احراج لمجلس النواب.. لأن الأمر لا يتعلق سوى باقتراح برغبة.. وعادة فإن الاقتراحات برغبة ــ ولكثرتها ــ لا تنفذ جميعها وقد اعتاد المجلس والسادة النواب ذلك!وأخيرا.. لا بأس من اللجوء الى اجراء عملية جراحية طالما أن فيها الحياة.. وتمديد اليوم المدرسي ليس فيه أي خطر لا على الطالب ولا أولياء الأمور ولا النواب ولا المجتمع.. بل فيه الخير.. كل الخير للجميع!!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة