حكومة نتنياهو واحتمال الانتخابات المبكرة في إسرائيل
 تاريخ النشر : الخميس ٩ فبراير ٢٠١٢
بيروت - من: أورينت برس
حتى الآن تبدو حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مستقرة بعد تراجع الاحتجاجات في الشارع ضد غلاء الغذاء وايجارات الشقق، لكن البعض يظن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيسعى إلى إجراء انتخابات مبكرة للاستفادة القصوى من شعبيته قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:
تعتبر الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الراهنة واحدة من أكثر الحكومات استقراراً منذ عقود كونها قد استطاعت ان تبقى وان تستمر في نهجها المتطرف رغم كل الحركات الاحتجاجية ضدها التي وصلت إلى حد نصب الخيم في الشوارع وتنظيم التظاهرات بشكل دوري.
ومن المعروف انه لن تحصل الانتخابات الاسرائيلية المقبلة قبل سنتين تقريباً. مع ذلك، انتشرت حمى الانتخابات في أنحاء اسرائيل وكتب المزيد من المحللين تقارير متنوعة تشي بذلك، ويظن البعض أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يستعد بكل هدوء للدعوة إلى انتخابات مبكرة في منتصف هذه السنة على الأرجح.
وجوه جديدة
أعلن أبرز حزبين سياسيين، وهما حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو وخصمه الأساسي المتمثّل في حزب «كاديما» الوسطي، أنهما سيجريان الانتخابات الأولية لاختيار قادتهما على أن تطرح أسماء الفائزين في الانتخابات المقبلة.
وقد عقد حزب العمل اليساري مؤتمراً لقياداته في شهر سبتمبر الماضي لبحث موضوع الانتخابات. كما برزت اسماء كثيرة على الساحة السياسية وتسعى للتنافس. وفي فبراير الفائت، وعد مذيع الأخبار الشهير يائير لابيد بخرق وضع المراوحة فأعلن أنه سينافس على منصب رئيس الوزراء بصفته رئيساً لحزب جديد.
انتخابات مبكرة
في بلد كانت فيه ولاية رئيس الوزراء في العقود الأخيرة أقصر من ثلاث سنوات وكانت معظم الحكومات تنهار في مرحلة مبكرة بسبب فضائح سياسية وعسكرية ومالية، يظن البعض أن نتنياهو الذي تولى منصبه في عام ٢٠٠٩ سيسعى إلى الاستفادة القصوى من شعبيته المتزايدة من خلال ضمان فوزه بولاية أخرى قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر المقبل خوفاً من فوز الرئيس الامريكي الحالي باراك ازباما بولاية ثانية.
وكما بات معلوماً فقد اشتبك نتنياهو والرئيس أوباما في مناسبات عدة بسبب استمرار بناء المستوطنات في إسرائيل على الأراضي التي قضمتها خلال حرب عام .١٩٦٧ ورغم انه في الأشهر الأخيرة، قلص البيت الأبيض ضغوطه على الكيان الصهيوني خوفاً على الأرجح من أن تؤدي هذه الخطوات إلى إثارة غضب الناخبين اليهود والمسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة وإلى منح منافسي أوباما الجمهوريين الحصانة التي يحتاجون إليها، فإن نتنياهو يدرك ان اوباما غير راض عنه وانه يتمنى عدم فوزه بولاية جديدة.
ضغوط متجددة
إذا فاز الرئيس أوباما بولاية رئاسية ثانية، فإن اعتقاداً يسود في الاوساط الاسرائيلية أنه قد يجدد ضغوطه على نتنياهو لإحراز تقدم معين في محادثات السلام في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء استحقاقا انتخابيا خاصا به بهدف إعادة انتخابه.
في هذا الصدد، يرى خبراء في السياسات الحزبية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية: «سيساهم فوز أوباما في شهر نوفمبر المقبل في تجديد تفويضه الشعبي، مما يسمح له باستعمال نفوذه لتفعيل عملية السلام والضغط على نتنياهو وإسرائيل لأخذ المبادرات وتقديم التنازلات. قد يفضل نتنياهو خوض انتخاباته بعد حصول هذه التطورات حتى يضمن فوزه او بقاء شعبيته في مستواها على الاقل». وبهذا فإن نتنياهو قد يحاول استباق الامور لمواجهة اوباما ان أعيد انتخابه ولاسيما انه له بالمرصاد.
يذكر انه بعد إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط ضمن صفقة تبادل الاسرى مع «حماس»، تقارب نسبة تأييد نتنياهو راهناً الخمسين في المائة وتشير استطلاعات الرأي الاسرائيلية إلى أن حزب الليكود قد يفوز بأكبر عدد من المقاعد في الكنيست إذا أجريت الانتخابات اليوم قبل الغد، لذلك يركن نتنياهو الى هذه الاستطلاعات ويحاول قطف ثمار شعبيته المزعومة قبل فوات الاوان. وبرأي المقربين إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي فإن «وضع نتنياهو لا يمكن أن يكون أفضل مما هو عليه اليوم».
لكن سرعان ما وضع مساعدو نتنياهو حدا لجميع التكنهات في هذا الصدد حين أعلنوا أن رئيس الوزراء لم يذكر شيئاً عن تقديم موعد الانتخابات التي ستحصل مبدئيا في خريف عام .٢٠١٣
مع ذلك، يشير المحللون إلى قرار نتنياهو المفاجئ بانتخاب قادة الحزب في نهاية شهر يناير باعتباره بادرة في اتجاه الانتخابات المبكرة. وبرر رئيس الحكومة الإسرائيلية قراره بقوله إن «تقديم موعد الانتخابات لرئاسة الليكود، سيجعل الحزب أكثر استعداداً لخوض الانتخابات القادمة للكنيست، وسيجنبه الصراعات الداخلية قبل الانتخابات». وقد فاز نتنياهو برئاسة الحزب بنحو ٧٤ في المائة من الأصوات، مقابل ٢٤ في المائة لمنافسه: موشيه فايغلين، زعيم الجناح اليميني المتطرف.
وهذا ما دفع زعيمة المعارضة تسيبي ليفني إلى القيام بالمثل، فأعلنت إجراء انتخابات أولية لحزب «كاديما» في شهر مارس. واعتبر النائب مائير شطريت عن حزب «كاديما» أنه قد ينافس ليفني على منصب قيادة الحزب، وأضاف قائلاً: «حين أقدم نتنياهو على ذلك، كان علينا القيام بالمثل»، كما اعترف بأن إجراء الانتخابات العامة في هذه الفترة قد يضعف حظوظ حزب كاديما لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الناخبين لم يستوعبوا رسالة ليفني او مواقفها الاخيرة من جملة من القضايا.
انقلاب الامور
في الوقت نفسه، اعتبر شطريت أن الانتخابات المبكرة قد ترتد عكسيا على نتنياهو لأن حزب كاديما يسلط الضوء على فشل رئيس الوزراء في إحراز أي تقدم لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، مما يعزز عزلة إسرائيل الدولية. وأوضح شطريت: «كل رئيس وزراء يُريد انتخابات مبكرة يخسر في أغلب الأحيان، فالوضع السياسي في إسرائيل متغير جدا، وقد تنقلب الأمور رأساً على عقب بين مرحلة الدعوة إلى الانتخابات ومرحلة التصويت».
مع ذلك، يقول البعض في اسرائيل إن نتنياهو يملك سبباً وجيهاً لأخذ تلك المجازفة نظراً إلى تقلب السياسة الإسرائيلية، صحيح أن حكومته اليمينية بمعظمها هي مستقرة في الوقت الراهن، لكن قد يتغير هذا الوضع لأن أعضاءها لا يتفقون بأي شكل حول المسائل الشائكة مثل ضم أكثر المحافظين تشدداً إلى الجيش أو تفكيك مراكز الاستيطان غير المصرح بها.
وتشكل التهم التي يواجهها وزير الخارجية اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان مسألة شائكة أخرى، إذ يخضع ليبرمان للتحقيق منذ أكثر من عشر سنوات بسبب اتهامه بالرشوة وغسل الأموال، ومن المتوقع أن تتخذ النيابة العامة الإسرائيلية قرارها النهائي في الأشهر المقبلة. بحسب رأي المحللين، إذا أُدين ليبرمان فقد يسعى إلى إسقاط الحكومة كي يخوض مع حزبه انتخابات جديدة قبل بدء محاكمته. وذلك قد يعني تضاؤل فرص نتنياهو بالحفاظ على منصبه الحالي مهما حاول. في هذه الأجواء، يبرر مؤيّدو نتنياهو إجراء الانتخابات المبكرة بالقول إنها تسمح للحزب الحاكم بالاستعداد لأي مفاجأة يبادر إليها أحد شركاء الائتلاف بإسقاط الحكومة، لا يُعلم حتى الآن الظروف التي ستحصل فيها.
في المقابل، هناك من يرى انه على الرغم من الانتخابات الحزبية المبكرة التي بادر اليها وأجراها رئيس الوزراء الاسرائيلي والتي انتهت بتحقيقه فوزاً كاسحاً، فإن هذه الانتخابات لا تعني الاقتراب من انتخابات نيابية عامة مبكرة قد تشهدها الساحة الاسرائيلية، لكنها، تأتي في اطار الخطوات الوقائية التي يقوم بها بنيامين نتنياهو على جميع الأصعدة، والتي تشمل بطبيعة الحال الساحة الحزبية، وتحديدا «الحديقة الخلفية» وحاجة نتنياهو الى الهدوء فيها وهي ساحة الليكود نفسه، وعدم حدوث أي مفاجآت من خصومه السياسيين داخل الحزب، ونتنياهو الذي تجاوز هذه المعضلة سوف يتجه الى جهات أخرى ضمانا للاستقرار ولو كان هذا الاستقرار مؤقتا.
فبالنسبة للساحة الداخلية «وبشرح عسكري» فان رصاصة الانتخابات موجودة في «بيت النار» ولن يتردد نتنياهو في اطلاقها حال إذا ما جرى استفزازه من جانب أحد حلفائه من داخل الائتلاف الذي يتزعمه، وهو ما يتوقع المراقبون حدوثه، على الاقل في الشهور القريبة القادمة.
.
مقالات أخرى...
- استعدادات على الأرض لهجوم وشيك على إيران - (8 فبراير 2012)
- بعد الانسحاب الأمريكي.. نوري المالكي يحكم قبضته على الجيش العراقي - (4 فبراير 2012)
- تصريحات لمفتي القدس تثير غضبا عارما في إسرائيل - (3 فبراير 2012)
- المال السياسي في العراق أفسد السياسيين وأفقر الشعب - (1 فبراير 2012)
- إخفاقات المعارضة السورية تضعف مصداقيتها ووحدة قوامها - (28 يناير 2012)
- عام ٢٠١١ .. الأكثر دموية في تاريخ الصحفيين - (28 يناير 2012)
- محاولات تاريخية فاشلة لإغلاق مضيق هرمز - (23 يناير 2012)
- وصفتها أقلام الغرب بـ«الدجاجة التي تبيض ذهبا»سيناء مفتاح الأمن والنهضة لمصر بعد ثورة ٢٥ يناير - (14 يناير 2012)
- مخاوف متصاعدة حول إغلاق مضيق هرمز - (14 يناير 2012)