الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٤ - السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين


الشيخ صلاح الجودر: أعمال العنف والتخريب تكشف حجم المؤامرة التي تتعرض لها البحرين





تحدث الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة بجامع الخير فقال: المتأمل في مقاصد الشريعة، في العبادات والمعاملات والأخلاق، يرى أنها تهدف إلى تحقيق الغايات الكبرى، جمع الكلمة وتوحيد الصف ولمّ الشمل، والحث على التعاون والتماسك، والبعد عن العداوة والبغضاء والكراهية، وما يثير الأحقاد بين الناس.

ونحن نعيش في عصر المحن، ومظلات الفتن، وتكالب الأعداء على أمة الإسلام، فإن الواجب على المسلم الغيور على دينه وأمته أن يربأ بنفسه عن كل ما يسبب الشقاق والانقسام بين المسلمين، أو يكون معول هدم في كيان أمته ووطنه، فيقع في مخططات الأعداء لتغيير هوية المنطقة، من حيث يدري أو لا يدري، فإن ما تتعرض له الأمة اليوم من سموم وأدواء الفتن ليعجز العقل أن يفك رموزها، لذا ليحذر المسلم من الانسياق خلف الشعارات التدميرية والخطب التأجيجية.

عام كامل والأمة تعاني الأمرين من فتن قد أطلت برأسها، ومحن حلت بديارها، الأمر الذي ينبغي أن يتنادى الغيورون إلى مقاومته والتصدي له والتحذير منه، وقد حذر منها سلف الأمة في سابق الأزمان، وبيّنوا خطره، إنها مسألة العنف والتخريب والتدمير، فما يفعله المغرر بهم من شباب وناشئة من أعمال عنفية، وما ينتج عنها من تخريب وتدمير وأذية وإجرام لمسلك تستهجنه العقول النيرة والأفهام السوية، فقد نقلت وكالات الأخبار في الأسبوع الماضي صوراً للعنف الممنهج والتدمير المبرمج في ثقافة حديثة تسمى (صناعة الموت)، وكيف انهم يتفننون في صنع الأسلحة العنفية، والأدوات التدميرية، من زجاجات حارقة وأسياخ نافذه، وغيرها من وسائل القتل والتخريب والتدمير.

نعم فإن مسلسل العنف والتدمير والتخريب في البحرين مستمر، ويذهل ويتعجب الفرد من هول ما يرى ويسمع، فما يحدث هذه الأيام في بعض القرى والمناطق من حوادث مؤلمة تقوم بها فئات ضالة عن الحق، ليؤكد حجم المؤامرة التي يتعرض لها أبناء البحرين، سنّة وشيعة، وما ذاك إلا للنعم التي أولى الله بها هذه الأرض وقيادتها وأهلها، فشمّر أعداء هذا الوطن عن سواعد الإثم والعدوان، وسلكوا مسالك قنوات الفتن وحزب الشيطان، فكانت عاقبة تلك الجرائم التي يرتكبونها في حق وطنهم ومجتمعهم، تدميراً وتخريباً وترويعاً، فهي حلقات عنفية جديدة ضمن مسلسل الأعمال الإجرامية والإرهابية الآثمة، وهي أعمال استنكرها العلماء والدعاة والخطباء، داخل البحرين وخارجها، إذ كيف يمكن أن يكون مقبولاً استهداف رجال حفظ الأمن الذين يؤدون واجبهم الديني والوظيفي، وما يقع عليهم من مسئولية كبرى في حفظ الأرواح والممتلكات؟

هل يؤيد هذه الأعمال الإجرمية والأفعال الإرهابية أحد من البشر؟ وهل يوافقها من لديه بقية من عقل أو شيء من فهم؟ فضلاً عن أن يبررها أو يبحث لها عن مسوغ، ثم لنتساءل أليس رجال حفظ الأمن من المسلمين؟ أليسوا يشهدون الشهادة ويقرون بالتوحيد؟ أليسوا بشراً مثلنا محفوظي الدماء والأنفس؟ لقد طالتهم يد الغدر والإثم، فالاعتداء على رجال حفظ الأمن يعتبر حلقة في مشروع طويل لإذهاب هيبتهم، وإضعاف مستوى الأمن، ومن ثم إشاعة الفوضى والتخريب بين الناس، ولا نملك إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

إن المتأمل في هذه الأعمال ليرى أنها اعتداء آثم، وإفساد في الأرض، وإتلاف للأموال والممتلكات، قال رسول الله(ص): المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. إن العنف والتخريب والتدمير وجدا في الكثير من الدول وليس البحرين فقط، وهذه سنة الله وقضاؤه، ولا يعني ذلك ضعف الدولة أو المجتمع، ولا يعني تقصير أهلها، ولكنه ابتلاء وامتحان يميز الله من خلاله الخبيث من الطيب، وليظهر أهل الإيمان من أهل العنف والخراب.

إن من سلك طريق العنف والتخريب والتدمير أبداً لا يحقق مقاصده، ولا يصل إلى هدف، ولا يحصد إلا الندم والخسران المبين، فإن أصحاب الفكر التدميري رضوا لأنفسهم أن يكونوا مصدر إزعاج وقلاقل وفتن في أوطانهم، ورضوا أن يبيعوا أنفسهم للهوى والشيطان. نسأل الله أن يحمي بلادنا من شر الأعداء في الداخل والخارج، وأن يكشف سترهم، ويفضح فعلهم، وأن يكف عنا بأسهم وإجرامهم، وأن يحفظ رجالنا البواسل في جميع الميادين، فقد أثبتوا أنهم أهل لهذه الثقة والمسئولية، وأن يوفق قادة البلاد لما فيه صلاح العباد والبلاد.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة