الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٤ - السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


باحثة أمريكية تفضح أمريكا ومنظماتها المشبوهة





استكمالا للمقالات التي كتبناها في الايام الماضية حول قضية المنظمات الامريكية المشبوهة في مصر وغيرها من الدول العربية، لا بد من التوقف عند هذا التحليل.

هذا التحليل ببساطة اشبه ما يكون بصفعة على وجه الادارة الامريكية، ويفضح كل دعاواها واكاذيبها فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه المنظمات والمؤسسات الامريكية المدعوة زورا بمنظمات مجتمع مدني في مصر ومختلف دول العالم.

التحليل كتبته مارلين سبويري، وهي باحثة في معهد كارنيجي، ونشرته صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية الشهيرة قبل يومين.

الفكرة الجوهرية في التحليل ان غضب المسئولين الامريكيين وتصريحاتهم التي تندد بالاجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية ضد المنظمات الامريكية والتهديدات التي تطلقها امريكا، كل هذا بلا معنى ولا مبرر، وان مصر في حقيقة الامر محقة في موقفها.

الباحثة الامريكية قدمت في تحليلها كثيرا من المعلومات والحقائق التي تؤكد وجهة نظرها هذه، ألخص اهمها فيما يلي:

أولا: ان الانشطة التي تقوم بها هذه المنظمات الأمريكية في مصر هي انشطة لا تسمح بها الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية نفسها ولا تتسامح معها. ذلك ان تقديم أي دعم اجنبي للأحزاب السياسية او للحملات الانتخابية يثير غضبا عارما ورفضا قاطعا في الولايات المتحدة.

ثانيا: ولتأكيد ما سبق، تتساءل الباحثة: ماذا حدث في امريكا عندما اثيرت مجرد ادعاءات عن وجود تدخل اجنبي في الحملات الانتخابية الامريكية؟

تجيب عن هذا السؤال بتقديم مثالين مما حدث في مثل هذه الحالات.

في عام ١٩٩٦، ثارت اشاعات - مجرد اشاعات - عن ان السلطات الصينية تقوم سرا بتمويل «اللجنة الوطنية الديمقراطية» الامريكية. على الفور، تفجر غضب عارم في امريكا، ووصل الأمر الى حد ان الكونجرس قام باجراء سلسلة من التحقيقات، وتمت ادانة ٢٢ شخصا بتهم الاحتيال في علاقة بالقضية.

وفي عام ٢٠٠٣، ترددت ادعاءات بأن السويديين والكنديين يقدمون اموالا لحركة «موف اون» الأمريكية. على الفور، تم اتهام الاجانب بالتآمر من اجل تقليل فرص اعادة انتخاب جورج بوش . وفي خلال ايام، اتخذت: «موف اون» خطوات واجراءات لحظر تلقي أي مساهمات مالية اجنبية.

لنلاحظ هنا ان الامر يتعلق ببلدين صديقين بل حليفين لأمريكا هما السويد وكندا.

ثالثا: ان عديدا من الدول الديمقراطية في العالم تضع بالفعل تشريعات تحرم على الاجانب تقديم أي دعم مالي او مادي الى الاحزاب السياسية المحلية. وهي تفعل ذلك على اعتبار ان هذا الدعم الاجنبي يعرقل ويشوه ارادة الشعب، ويتناقض مع جوهر العملية الديمقراطية.

رابعا: ان المنظمات والمؤسسات الامريكية في مصر وفي كثير من دول العالم تتدخل بالفعل في الشئون المحلية. فهي تقوم بعمليات تدريب وتضع استراتيجيات انتخابية لبعض الاحزاب، وتقدم لها الدعم المادي والمالي، وذلك بهدف التأثير على مواقفها وتصرفاتها.

خامسا: ان السلطات الامريكية تزعم ان هذه المنظمات الامريكية المدانة في مصر هي منظمات غير منحازة لأحزاب بعينها وتتخذ مواقف وتنفذ انشطة مستقلة وليست تابعة للحكومة الامريكية. وهذا ليس صحيحا بالمرة.

ففيما يتعلق بمزاعم عدم الانحياز لأحزاب، فان ما فعلته مؤسسات مثل المعهد الديمقراطي الامريكي، والمعهد الجمهوري في دول مثل صربيا وجورجيا واوكرانيا ودول كثيرة في العالم يكذب هذا تماما. فهي انحازت الى احزاب وقوى بعينها ومولتها. وبسبب هذا الانحياز بالذات والدور الذي تلعبه هذه المنظمات، فان عديدا من دول العالم دأبت على التنديد بما يسمى مشروع امريكا لنشرالديمقراطية.

اما فيما يتعلق بمزاعم ان هذه المنظمات والمؤسسات الامريكية غير حكومية، فعلى الرغم من ان هذه المنظمات تطلق على تفسها منظمات مجتمع مدني ، الا ان الحقيقة ليست كذلك.

المعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري مثلا تمولهما بالأساس جهات حكومية امريكية، والمسئولون عنهما عادة ما يكونون من كبار المسئولين الامريكيين السابقين.

والحقيقة هنا، كما تقول الباحثة الامريكية، ان هذه المنظمات ما هي الا ادوات للسياسة الخارجية الامريكية.

هذه هي اهم الافكار التي طرحتها الباحثة الامريكة في تحليلها.

وما طرحته كما نرى يمثل شهادة ادانة للولايات المتحدة، وانصاف لمصر وغيرها من الدول التي تتخذ اجراءات من هذه المنظمات المشبوهة.

الذي طرحته يعني ببساطة ان امريكا تكذب بداية في كل ما تردده في محاولة تبرئة ساحة هذه المنظمات او في محاولة تجميل الاهداف والمخططات التخريبية من وراء انشطتها، ويؤكد ان هذه منظمات مشبوهة بالفعل. ويعني من جانب آخر ان امريكا تريد ان تفرض على مصر وغيرها من الدول ما لا تقبله هي لنفسها. وهذا في حد ذاته تجسيد لقمة العنصرية والنوايا الشريرة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة