الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٠ - الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


متى تلتقط البحرين أنفاسها.. وتفكر؟





الذي يتابع ما يجري في البحرين من تطورات وأحداث عاصفة على امتداد الأشهر الماضية، سيجد البحرين أشبه ما تكون بانسان يجري بأقصى ما يملك من سرعة بلا توقف الى وجهة لا يعرف ما هي بالضبط، ولا يعرف الى أين يقوده الطريق بالضبط، ومتى يجب عليه ان يتوقف.

ولهذا، لعل البحرين ليست بحاجة الى شيء اليوم قدر حاجتها الى ان تتوقف عن هذا اللهاث، وتلتقط أنفاسها، وتهدأ قليلا، وتفكر.

ينطبق هذا على الكل في البلاد بلا استثناء.

الأسباب التي تدعو الى ذلك نعلمها جميعا، ولعل في مقدمتها ما يلي:

١- ان البلاد كلها، انهكت انهاكا شديدا، وقواها مستنزفة.

الناس كلها بلا استثناء تعبت الى اقصى حدود التعب، وحائرة اشد الحيرة وخائفة على مستقبل البلاد، وتريد ان تعرف ما الذي يحمله المستقبل القريب والبعيد.

لا نحسب ان احدا في البحرين اليوم إلا ويريد ان يرتاح من كل هذا الإنهاك والتعب والقلق، ويريد ان يرى نهاية لهذا الطريق الطويل الذي يقطعه الكل جريا.

٢ - مصالح البلاد والعباد اصبحت معطلة.

الاقتصاد في وضع غاية في الصعوبة، وعملية التنمية شبه متوقفة. وان استمر هذا الوضع، فستكون له بداهة افدح التأثيرات على كل مواطن ومقيم وحالته المعيشية.

٣ - الانقسام الاجتماعي في البلاد بين ابناء الوطن والقوى المختلفة وحالة عدم الثقة، وصلت الى حد ينذر بالخطر فعلا.

ولا يمكن ان يكون هذا وضعا يرضي أحدا في البلاد أيا كانت مواقفه أو رؤاه وانتماءاته.

٤ - انه على وجه الاجمال، وبغض النظر عن التفاصيل والخلافات، الكل بات يدرك ان هذه الاوضاع في مجملها لا يمكن ان تستمر، ولا بد لهذا الوضع من نهاية.

على ضوء هذه الاعتبارات مجتمعة، وغيرها كثير، نقول ان حاجة البحرين اصبحت ملحة الى التقاط الانفاس والهدوء قليلا.

وماذا يعني هذا بالضبط؟

يعني قبل كل شيء ان يوقف الكل بلا استثناء التصعيد بكل صوره وأشكاله، سواء كان تصعيدا في الشارع، او تصعيدا في الخطاب السياسي والإعلامي.

كل من هو حريص على مصلحة البلاد، والمفترض ان يكون الكل كذلك، يجب ان يفعل هذا من تلقاء نفسه ومن دون توجيهات من أحد ولا اتفاقات.

وقف التصعيد على هذا النحو هو ضرورة قصوى لافساح المجال أمام التفكير العقلاني الهادئ المتزن من جانب كل القوى في البلاد بلا استثناء.

لكن، ما الذي يجب التفكير فيه بالضبط؟

أمور كثيرة يجب على كل القوى في المجتمع، معارضة او غير معارضة، ان تفكر فيها بهدوء وروية وعمق، لعل في مقدمتها:

١ كيف وصلت البلاد الى هذا الحال؟.. ولماذا؟.. ومن المسئول؟

القضية الجوهرية هنا التي يحتمها أي تفكير عقلاني ومنصف، انه ليس مقبولا من أي أحد أو أي قوة ان تتنصل من مسئوليتها.

ليس مقبولا ولا منصفا مثلا ان يكتفي البعض بالاعتقاد أو القول إن الحكومة والحكومة وحدها هي المسئولة. هذا ليس عدلا، وليس صحيحا من الأساس.

القضية الجوهرية بعبارة أخرى هي ان كل القوى يجب ان تعترف بأنها تتحمل قدرها من المسئولية فيما آل اليه حال البلاد.

٢ - يترتب على هذا بداهة، ان كل القوى في البلاد يجب ان تفكر بأمانة في، ما هي الاخطاء التي ارتكبتها وساهمت في وصول الحال الى ما وصل اليه.

يجب ان تفكر في، كيف يمكن ان تصلح هذه الاخطاء، وتتحمل قدرها من المسئولية الوطنية في معالجة الاوضاع الراهنة والخروج بالبلاد الى بر الأمان.

هذا النوع من التفكير، ومصارحة النفس بالأخطاء والاعتراف بها علنا، ليس من علامات الضعف السياسي، بل هو من علامات التفكير الوطني الرشيد والقويم والمسئول.

٣ - واذا تحقق ذلك، فسوف تكون قد توفرت الارضية المناسبة لأن تفكر قوى المجتمع المختلفة معا، وبصوت مسموع عال، في مسار الطريق الذي يجب سلوكه كي يصل بالبحرين الى بر الأمان وبما من شأنه تحقيق مصالح الشعب والوطن بشكل عادل.

البحرين تستحق هذا.

البحرين تستحق هذه الفرصة لالتقاط الانفاس والتفكير الهادئ المتزن العقلاني.

ولو حدث هذا، فليس هناك شيء في البحرين صعب التحقق.. ليست هناك خطوة اصلاحية جديدة يجمع الكل على ضرورتها بعيدة المنال.



.

نسخة للطباعة

في مواجهة الشر .. لا مجال للصمت

أمس تشرفت بحضور مجلس سمو رئيس الوزراء بعد فترة طويلة من الغياب. وقد وجدت المجلس مكتظا بالمواط... [المزيد]

الأعداد السابقة