الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٦ - الاثنين ٢٠ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


«الحل السياسي» على طريقتهم!!





تحدثت في مقال الأمس عن مصطلح «الحل الأمني» للأزمة في البحرين الذي لا تتوقف جماعة الوفاق واتباعها عن استخدامه ويقولون ان الدولة تلجأ اليه وانه فشل ولا بديل عن «الحل السياسي»، واوضحت ان هذا كلام غير صحيح ومضلل.

إذن، ما الذي يريدونه بالضبط من حديثهم عن «الحل الأمني» و«الحل السياسي» بالمعنى الذي في ذهنهم وفي السياق الذي يقصدونه؟

هم بداية، وتحت دعوى مقولة فشل «الحل الأمني»، يريدون من الدولة ان تتوقف عن الاجراءات الامنية التي تتخذها في الشارع بهدف حماية الامن ومواجهة عمليات العنف التي تشهدها البلاد.

بمعنى ادق، هم يريدون من الدولة ان تتخلى عن مسئوليتها في حماية البلاد وان تترك الشوارع تحت رحمتهم وساحات مستباحة يفعلون فيها ما يشاؤون.

بالطبع، مفهوم السبب الذي من اجله يريدون ذلك.

هم يعتبرون ان التصعيد في الشارع هو اكبر ادواتهم لمحاولة فرض ما يريدون على الدولة والمجتمع. كما سبق لي ان كتبت، يراهنون على التصعيد الخطر للاحتجاجات واعمال العنف الى الدرجة التي تجد الدولة فيها نفسها مجبرة في لحظة معينة على الرضوخ لمطالبهم.

وبالطبع، هم بحديثهم عن «الحل الأمني» الذي يقولون انه فشل يخاطبون القوى الاجنبية التي تتعاطف او تتواطأ معهم. ويتصورون انهم بهذا الحديث سوف يدفعون هذه القوى الى ان تمارس ضغوطها على الدولة كي تترك لهم شوارع البحرين يفعلون بها ما يشاؤون من تصعيد واعمال عنف وترويع.

في تصورهم ان اجبار الدولة على ترك الشوارع لهم على هذا النحو ولهذا الغرض، هو مرحلة اولى ضرورية للانتقال الى المرحلة الثانية.

والمرحلة الثانية هي فرض «الحل السياسي» الذي يتحدثون عنه ويقولون انه لا حل للأزمة الا به.

وينقلنا هذا مباشرة الى مفهوم «الحل السياسي» لديهم.

حين يتحدثون عن «حل سياسي» يقصدون معنى واحدا محددا لا ثاني له. يقصدون ان أي «حل» لا بد بالضرورة ان يقوم على الرضوخ لهم وقبول كل مطالبهم هم وحدهم، وهي المطالب التي يعرفها الجميع.

بعبارة اخرى، هم يقصدون ان أي شئ آخر من دون الرضوخ لمطالبهم لا يعتبر «حلا» من الاساس ولا معنى له.

ويعني هذا انه مهما قدمت الدولة من مبادرات سياسية، ومهما اقدمت على خطوات اصلاحية، فكل هذا هو بالضرورة مرفوض وليس له أي قيمة طالما لم ترضخ الدولة لمطالبهم بالكامل.

ويعني هذا ايضا بالنسبة اليهم انه لا معنى ولا قيمة لأي مبادرات او افكار او تصورات جديدة يمكن ان تقدمها أي قوى اخرى في المجتمع للخروج من الازمة.

هذا هو الذي يقصدونه بالضبط حين يقولون انه لا خروج من الازمة الا بـ«الحل السياسي».

وهذا المفهوم الذي يتنبونه لمعنى ومضمون «الحل السياسي» هو الذي يفسر مثلا موقفهم من قضية الحوار.

في الآونة الاخيرة، اصبحوا يرددون كثيرا ان أي حوار غير مقبول ما لم يكن حوارا «جادا» و«ذا مغزى».

كلمات مثل «جاد» و«ذا مغزى» تحمل بالنسبة اليهم معنى محددا.

تعني من جانب ان أي حوار لن يكون له معنى الا اذا قام على اجندتهم هم ومطالبهم هم.

ويعني من جانب ثان، ان أي حوار يجب ان يكون حوارا بين الدولة وبينهم هم وحدهم ولا تشارك فيه أي قوة اخرى.

إننا اذا تأملنا هذا الذي يريدونه من وراء استخدام مصطلحي «الحل الأمني» و«الحل السياسي»، فليس من المبالغة القول انهم هم الذين يريدون فرض الحل الأمني على الدولة والمجتمع.

هم الذين يريدون بالعنف في الشارع وبالقسر والاكراه والتواطؤ مع القوى الاجنبية ان يفرضوا اجندتهم الطائفية على الدولة وعلى المجتمع كله.

وحقيقة الامر ان تفكيرهم على هذا النحو هو تفكير غير رشيد وغير عقلاني، ويجب ان يدركوا ان البحرين تجاوزته بمراحل.

يجب ان يدركوا ان هذا الذي يتصورون انه يمكنهم فرضه وتحقيقه، هو ببساطة مستحيل التحقيق، لأسباب كثيرة لعل في مقدمتها:

١- انه ليست هناك أي دولة في العالم يمكن ان تترك شوارعها مستباحة تحت أي ضغط من أي احد، ويمكن ان تترك امنها واستقرارها رهينة بيد أي قوة ايا كانت.

٢- انه ليست هناك أي دولة في العالم يمكن ان ترضخ تحت أي ظرف لارادة جماعة او قوة واحدة ايا كانت، وتجعل مستقبل البلاد رهنا بأجندتها.

فما بالك ان كانت هذه الاجندة التي يراد فرضها هي اجندة طائفية لا تعبر عن الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب؟



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة