الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٨ - الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٣٠ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


ما كل هذه الضجة حول ضرب إيران؟!





هل تستعد إسرائيل فعلا لشن هجوم عسكري على ايران في الفترة القليلة القادمة؟

منذ نحو اسبوعين، يحتل هذا السؤال ومحاولات الاجابة عنه صدارة الاهتمام في الكتابات والتحليلات الأمريكية والغربية، وتتناوله أجهزة الإعلام المختلفة والمحللون من زوايا شتى.

الذي جعل القضية مطروحة بمثل هذا الالحاح، ما نشره الصحفي الامريكي المعروف ديفيد اجناتيوس في صحيفة «واشنطون بوست» الامريكية الشهير قبل فترة بهذا الشأن.

الصحفي نقل عن وزير الدفاع الأمريكي بانيتا قوله ان هناك احتمالا كبيرا بأن اسرائيل سوف تقدم على شن هجوم عسكري على ايران في الربيع القادم، أي في الفترة ما بين شهري ابريل ويونيو. وبرر بانيتا اختيار هذه الفترة لشن الهجوم بالقول ان الاسرائيليين يعتقدون انه اذا مضت هذه الفترة، فان ايران سوف تكون قد وصلت الى ما يسمى مرحلة «الحصانة النووية»، أي انها ستكون قد قطعت شوطا على طريق امتلاك السلاح النووي يستحيل معه بعد ذلك منعها او ردعها.

بالطبع، ما كان لهذا الكلام ان يثير كل هذا الاهتمام في امريكا والعالم، لو لم يكن صادرا بالذات عن وزير الدفاع الأمريكي.

وقد كان ملفتا جدا انه عندما سئل وزير الدفاع الأمريكي عما نشرته الصحيفة منسوبا اليه، رفض التعليق. وبداهة، رفض التعليق على كلام خطير مثل هذا ليس له من معنى الا ان ما نسب اليه صحيح. وكان هذا عاملا اضافيا لتأجيج الجدل.

ومما زاد من إلحاح القضية وأجج الجدل حولها أكثر، انه في اعقاب ما نشرته الصحيفة تابع الامريكيون والعالم سيلا من تصريحات المسئولين الامريكيين الكبار، وفي الدول الأوروبية أيضا، كلها تدور حول جدية هذا الاحتمال بشن هجوم اسرائيلي على ايران، وتحذر من اخطار ذلك، وكيف ان الادارة الامريكية لا توافق اسرائيل على ما تفكر فيه.. وهكذا.

مثلا، خرج رئيس الأركان الأمريكي ديمبسي يقول لشبكة سي ان ان الامريكية: «ان أي ضربة عسكرية اسرائيلية ضد ايران ستتسبب في زعزعة الاستقرار، وليس من الحكمة اتخاذ قرار بمهاجمة ايران في الوقت الحالي».

ومن جانبه، اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان مهاجمة اسرائيل لايران «لن يكون قرارا حكيما» داعيا الى اعطاء الفرصة للجهود الدبلوماسية والاقتصادية.

مثل هذه التصريحات اعطت بدورها الانطباع بأن المسألة جدية تماما، وان هذا الاحتمال بشن هجوم اسرائيلي قائم فعلا من دون شك.

ولم يتوقف الأمر عند حدود مثل هذه التصريحات فقط.

في الفترة القليلة الماضية، تابعنا انباء عن تحركات امريكية، وزيارات لكبار المسئولين الامريكيين العسكريين ومسئولي المخابرات لاسرائيل. وقيل ان هذه الزيارات تندرج في اطار مناقشة الملف الايراني ومحاولة اقناع الاسرائيليين بأن الوقت الحالي غير مناسب لشن هجوم على ايران.

وتابعنا ايضا اخبار الاتصالات التي أجراها الرئيس اوباما مع نتنياهو، وقيل ان هدفها هو الضغط عليه واقناعه ايضا بصرف النظر عن خطط مهاجمة ايران في الوقت الحاضر.

وايضا، هذه التحركات الامريكية اعطت الانطباع الصريح بأن انباء الاستعداد الاسرائيلي لمهاجمة ايران لها درجة عالية من المصداقية والجدية.

وفي غضون ذلك، في خضم الجدل حول القضية، تابعنا في الفترة القليلة الماضية، عددا من الكتابات والتحليلات ترجح جدية احتمال هذا الهجوم الاسرائيلي وتناقش السيناريوهات المختلفة.

تابعنا تحليلات تقول انه ليس هناك من خيار أمام اسرائيل سوى مهاجمة ايران، وان هذا الهجوم آت لا محالة.

بعض المحللين تحدثوا تفصيلا عن السيناريوهات المحتملة للهجوم الاسرائيلي، وكيف يمكن ان يكون عليه، وما هي ردود الافعال الايرانية المحتملة على الهجوم، وما هي التأثيرات المتوقعة على الوضع في المنطقة.. وهكذا.

إذن، هذه هي الاجواء والتوجهات العامة في امريكا والغرب حول احتمالات الهجوم الاسرائيلي على ايران في أعقاب التصريحات المنسوبة الى وزير الدفاع الامريكي.

كما نرى، كلها تشير الى اتجاه ان احتمالات هذه الضربة الاسرائيلية هي أمر جدي لا هزل فيه.

ومع ذلك.. مع كل هذه الضجة ، ظل التساؤل مطروحا: هل فعلا تستعد اسرائيل لمهاجمة ايران أم ان العملية برمتها تندرج في اطار شكل من اشكال النصب والاحتيال.

الشيء المدهش رغم كل هذه الضجة، ان الاتجاه الغالب لدى المحللين المدققين ان المسالة برمتها هي عملية نصب واحتيال.

كيف؟ ولماذا؟

هذا ما سنناقشه في المقال القادم بإذن الله.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة