الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٩ - الخميس ٢٣ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


للفاتح.. وللبحرين فقط





كانت الساعة تشير إلى الثالثة عصرا، وقررت أن أمكث في مقر عملي ولا أخرج من المنامة حتى أعود إلى ساحة الفاتح عند الساعة السادسة تجنبا للازدحام المتوقع، ولكني ذهبت ماشيا إلى جامع الفاتح لأشاهد الاستعدادات الجارية والتحضير للتجمع في ذكراه السنوية الأولى، ولكن ما إن وصلت حتى وجدت أن الحشد الجماهيري يتدفق نحو الساحة من كل الطرق المؤدية والمحيطة بالمكان، وأعجبني الموقف في تنوع الحضور بين طفل وشاب، ورجل وامرأة، وشيخ وعجوز، حتى أن بعضا منهم جاء على الكرسي المتحرك، وبعض الشباب جاء بسيارته والبعض بالدراجة النارية والبعض الآخر بالباصات والبعض ماشيا.

كل من جاء وحضر إلى تجمع الفاتح يوم الثلاثاء الماضي كان من أجل البحرين والبحرين فقط، لتجديد الولاء للوطن وإعادة الذكريات الجميلة في ذلك اليوم ٢١ فبراير ٢٠١١م، وحينما دخل أذان المغرب صليت في الجامع وصلى بجانبي رجل كبير في السن من الطائفة الشيعية، وكم أسعدني هذا الموقف، حيث إن الوحدة الوطنية في الفاتح جمعت الكل، وقد كان هناك العديد من الإخوة من أصحاب الديانات الأخرى خارج الجامع.

بين فترة المغرب والعشاء كنت أرصد المشاهدات في الساحة وكيف يعيد كل شخص هناك شريط الذكريات في اللقاء التاريخي، حتى قمنا لصلاة العشاء خلف الشيخ مشاري العفاسي الذي رتل آيات القرآن بصوته الملائكي الشجي وقد أحسن في اختيار الآيات القرآنية.

حينما بدأت الفعالية أعلن أن الحضور فاق عشرات الآلاف، تم عرض الفيلم السينمائي الذي شارك فيه عدد من الشخصيات الإعلامية وكان الأستاذ سعيد الحمد حاضرا ومتميزا فيه، وخاصة حينما ردد الكلمة العامية في نقد المتآمرين «إبليس يكسر مواعينه» في قفشات الحمد المعتادة، إلا أن الحمد كان موفقا وحكيما حينما شدد على أهمية الوحدة والترابط ونبذ الخلافات وتأكيد أن المؤامرة لم تنته ودور كل مواطن مخلص وشريف لم ينته كذلك.

حينما تحدث المفكر السياسي د. عبدالله النفيسي وأطلق العبارة الشهيرة عن «القرامطة الجدد» وكشف الدعم الإيراني الصفوي وسياسة المصالح نال إعجاب الجميع، وحينما وقف العفاسي وأنشد «وطني حبيبي» تفاعل معه الحضور بالأيادي والقلوب والعيون التي أدمعت من أجل البحرين، وكذلك حينما قام الشيخ نبيل العوضي بالدعاء الكريم، وحينما ألقي البيان الذي تضمن المطالب والدعوات الوطنية الخالصة للحكم والتحذير للمتآمرين وللسفير الأمريكي، وكان مشهد الأعلام الخليجية والعربية حاضرا، واللافتات المرفوعة والمكتوبة باللغتين برسائلها المختلفة مشهدا لا يمكن وصفه.

وكان تجمع الفاتح كله من أجل البحرين فقط لا غير، ومن شارك ومن حضر كان من أجل البحرين ولم يكن لأي أمر آخر.. ورسالة واضحة وكبيرة لمن يعنيه الأمر في أن الغالبية الصامتة أصبحت اليوم غالبية فاعلة ولا يمكن تجاوزها ولا يقبل بتهميشها بعد اليوم.

أما موضوع عدم مشاركة د. الشيخ العزيز عبداللطيف المحمود فقد كان قراره وقرار جمعيته خاطئا بامتياز مهما كانت الأسباب، وأذكر أنني انتقد الجمعيات التي أصدرت بيانها بعد التجمع الأول، وشكرني المحمود على ما كتبت، إلا أنني اليوم أؤكد له أنه كذلك أخطأ في عدم المشاركة، لأن البحرين فوق الجميع وفوق كل الخلافات، وإن كان تجمع الفاتح خرج من عباءة المنبر والأصالة وبعض الجمعيات والشخصيات، فإننا نتمنى عليهم جميعا أن يتصالحوا من أجل البحرين في الوقت الذي يدعو فيه الجميع إلى المصالحة ولم الشمل ووحدة الصف، ولا أريد أن أذكر المزيد في هذا الموضوع لأن البحرين أهم من الجميع، ولكني أتمنى صادقا أن نشهد في اللقاء القادم حضور الجميع بوجود د. الشيخ عبداللطيف المحمود، ولربما كانت الميزة أننا بالإمكان أن ننتقد أي شخص بخلاف تجمعات أخرى ترى علامات القداسة على قياداتها من أمثال «عيسى قاسم اسحقوه» وخادمه علي سلمان وغيرهما ممن لا يمكن نقدهم في الضفة الأخرى.

نصيحة صغيرة للإخوة الأعزاء في تجمع صحوة الفاتح، النسخة الشبابية «للمنبر والأصالة»، في المرات القادمة رجاء ثم رجاء نريد أن نرى عناصر شبابية نسائية فوق المنصة، والتقليل من الشعارات الإسلامية والدينية، فالبحرين بلد الحضارة والتسامح للجميع.. وكنتم حقا رائعين في التنظيم والإعداد.. ولكم كل الشكر والمحبة والتقدير.

في الساعة التاسعة مساء خرجت من ساحة الفاتح وتوجهت سريعا لأكتب للجريدة ما تم تكليفي به من التغطية الإعلامية والمشاهدات وأرسلت الخبر وسلكت الطرق الفرعية لأعود إلى المنزل من شدة البرد ولكني كنت دافئا من شحنة وطني البحرين التي من أجلها خرج الجميع وقال كلمته وأثبت حضوره ومشاركته.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة