الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٣ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٥ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

لأن العشب يكون أكثر اخضرارا في غير مكانه

الكثيرون يرون المدير الأوروبي أفضل من العربي





وجدت نفسي بالأمس ألبّي دعوة السيد حاتم محمد داداباي الرئيس التنفيذي لمعهد البحرين للضيافة لحضور ورشة عمل في مجال الإدارة عقدت بمركز الخليج الدولي للمؤتمرات بفندق الخليج.

نادرا ما ألبي مثل هذه الدعوات - وخاصة إلى ورش العمل - ولكني وجدت نفسي مدفوعا إلى التلبية لسببين رئيسيين:

الأول: أجد نفسي مولعاً أكثر بكل ما له علاقة بعلوم الإدارة والفكر الإداري.. وهذا هو دأبي منذ أن عملت في بلاط صاحبة الجلالة.

الثاني: أن المحاضر أو القائد للورشة هذه المرة هو واحد من ألمع علماء الإدارة وخبراء التدريب الإداري في العالم.. ألا وهو «روبن شارما» الكندي الجنسية الهندي الأصل.. صاحب المؤسسة العالمية التي تحمل اسمه «روبن شارما» ومقرها كندا.

وفوق ذلك فإن هذه الورشة كانت مدة يوم واحد (من الثامنة صباحا حتى الثانية ظهرا).. وأنه رغم الصيت الكبير للسيد روبن شارما, فإن هذه هي أول مرة يزور فيها البحرين وأول مرة يحاضر على أرضها.

وكانت المفاجأة.. عندما وصلت إلى مركز الخليج الدولي للمؤتمرات بالأمس.. كنت أتوقع أن يكون عدد الحاضرين المشاركين في الورشة لا يزيد على (٢٠٠) أو (٣٠٠) مشارك على أكثر تقدير.. ولكني وجدت أن عدد الحاضرين والمشاركين يزيد على ألف مشارك من بينهم شخصيات كبيرة من أمثال السيد محمود الكوهجي الرئيس التنفيذي لشركة تمكين وشخصيات قيادية كبيرة أخرى من شركات ومؤسسات القطاع الخاص.

والحقيقة أنه كانت عندي بعض الأسئلة أريد أن أوجهها إلى السيد روبن شارما على هامش ورشة العمل هذه.

أبرز وأهم ما سمعت من السيد «روبن شارما» هو ما معناه «خدعوك فقالوا إن الإداري الناجح هو إنسان موهوب يتمتع بصفات فطرية لا تتوافر لغيره ولذا فإن هناك إنسانا يصلح أن يكون قائدا إداريا.. وهناك إنسان لا يمكن أن يصلح بدعوى أنه يفتقد الصفات التي تمكنه من تحقيق هذا الهدف».

يقول الرجل: كل إنسان على ظهر الأرض يمكن أن يكون قائدا ناجحا في العمل وفي أي مجال آخر.. هذا إذا أراد أن يكون.. أي انه يمكن لأي شخص بالإرادة أن يكون قائدا ناجحا.

وعندما سألته عن الفرق بين القائد الأوروبي مثلا.. والقائد العربي قال: لا فرق بالمرة لأن القيادة تحتاج فقط إلى إنسان وإرادة.

وعندما قلت له: ولكن لماذا يلمع القائد الأوروبي أو الأمريكي مثلا في العالم العربي أكثر من القائد العربي أجاب: لأن العشب يكون أكثر اخضرارا في غير مكانه.

بداية الحديث

وفي بداية حديث السيد «روبن شارما» خلال التقائه رجال الصحافة والإعلام بحضور السادة محمود الكوهجي وحاتم داداباي وقطب داداباي وعدد من خبراء الإدارة - عقب الانتهاء من محاضرته - قال:

أنا سعيد جدا بزيارتي للبحرين.. فهذه أول مرة أزورها في حياتي رغم أنني سمعت وقرأت عنها الكثير والكثير.

ثم قال: وأنا سعيد أيضا بنجاح الورشة التي عقدتها في البحرين حول «القيادة لا تحتاج إلى ألقاب» و«لا إلى عناوين» فلم أتوقع أن يحضر ألف شخص للاستماع إلى محاضرة في الإدارة في بلد عربي صغير كالبحرين.. وهذا يؤكد أن أهل البحرين لديهم رغبة أكيدة في التفوق في العمل وأخذ الأمور بمأخذ الجد.

ثم قال: نعم.. كل إنسان يستطيع أن يكون قائدا.. وليس لدى أي إنسان عذر مقبول لعدم صيرورته قائدا في مجال عمله أو في محيطه أيا كان هذا المحيط.. فحتى يكون الإنسان قائدا يجب أن يقبل تحمل المسئولية.. وفي رأيي أن كل إنسان يمكنه تحمل المسئولية.. ولكن للأسف تجده أحيانا لا يريد.. ومن هنا فإن الإرادة ضرورية جدا كي تصبح قائدا.. إذاً حتى تكون قائدا فالمطلوب منك فقط أن تكون راغبا في تحمل المسئولية ولديك الإرادة في ذلك.. وألا تكون من النوع الذي يلتمس لنفسه الأعذار.. أو يلقي اللوم على الآخرين.

وقال: حتى ينهض المرء في عمله.. وحتى ينجح مع فريق مؤسسة في تحقيق الأهداف عليه ما يلي:

١- أن يلتزم بالتدريب المتواصل والتزود بالخبرات والمعارف على الدوام.

٢- أن يكون لديه تصور كامل عن المستقبل الذي يريد تحقيقه.

٣- أن يعمل بشكل دائم ومستمر.

وكل ذلك مع عدم التخلي عن حقيقة مؤداها أن كل إنسان يمكن أن يكون رئيسا أو قائدا في العمل نفسه الذي يؤديه على الأقل, وتحقيق الأهداف المنشودة من ورائه.

محمود الكوهجي: أهم رسالة يريد السيد روبن شارما أن يوصلها هي أن القيادة لا تحتاج إلى ألقاب أو رسميات.. وكل إنسان يمكنه أن يسهم – كقائد - في نجاح مؤسسته أو شركته.

أمل المؤيد: نحن بحاجة في البحرين إلى غرس هذه الأفكار في نفوس شبابنا.. إن شبابنا يفتقد شيئا اسمه التركيز.. كما أنهم لا يعرفون أحيانا ماذا يريدون؟

روبن شارما: أنا مستعد لالتقاء الشباب في الجامعات وفي كل مجال لنشر الأفكار الايجابية من أجل حياة أفضل على أرض البحرين التي أراها بيئة صالحة لكل ذلك.

محمود الكوهجي: الشباب الخليجي بصفة عامة راغب في الوصول وتحقيق النجاحات.. لم أكن أتصور أن أجد هذا العدد المهول في هذه الورشة.. أكثر من (١٠٠٠) شاب من البحرين والسعودية حضروها.. وليس هذا مهمّا وحده.. المهم هو الاستمرار في الإقبال على مثل هذا الشيء.

«أخبار الخليج»: يعني لا يوجد فرق بين أي جنسية وأخرى في مجال النبوغ كقادة إداريين؟

روبن شارما: نعم.. ولا يوجد عذر مقبول لدى أي شخص لعدم الوصول إلى مكانة القائد في أي مجال.

«أخبار الخليج»: لماذا يلمع المدير الأوروبي مثلا ولا يلمع المدير العربي بالسرعة نفسها والمستوى نفسه؟ هكذا يؤكد الكثيرون؟

روبن شارما: هذا غير صحيح.. فكما ينبغ المدير الأوروبي.. يمكن للمدير العربي أن ينبغ بالدرجة نفسها وأكثر.. لا فرق أبدا.. وقد عملت مع مديرين عرب وكانوا أكثر نبوغا من غيرهم.. وعموما العشب يكون أكثر اخضرارا في غير مكانه.

وقال: أنا أقول إن أي شخص في أي عمل يمكن أن يكون رئيسا في مجال عمله لو أراد.. حتى منظف المكان يمكن أن يكون رئيسا لو أراد.. فلا توجد قيود أو عقبات إلا التخاذل أو إبداء الأعذار، وكلها خصال غير مقبولة.

الدوافع نحو البروز

* وهل هناك دوافع نحو البروز وشغل المناصب القيادية؟

روبن شارما: نعم.. هناك (٥) دوافع وهي:

١- التحديات والاضطراريات لأنها تخلق فرصا أفضل في عالم القيادة.

٢- قبول العمل في أي مجال حتى الأعمال التي لا يناسبنا القيام بها.

٣- الفاشلون مهرة في خلق الأعذار.. والقادة خلاقون في الوصول إلى النتائج.

٤- المبادرة إلى إظهار المهارات وعدم التردد بدلا من المهارة في إبداء الأعذار.

٥- التعلم هو أكبر وقاية من الفشل في العمل في جميع المجالات على وجه الأرض.

ويقول روبن شارما: إن العالم العربي بيئة صالحة جدا لإنتاج القيادات في مختلف الأعمال.. والإنسان العربي مطلوب منه أن يدرب نفسه على التركيز.. والاختلاء مع نفسه كثيرا.. وممارسة الشيء النافع والمستحق ومن بين ذلك بالضرورة العبادات.. والقراءة.. والتدريب الدائم على ممارسة الإرادة.. وقبول الأعمال الصعبة.. وإلغاء التردد من قاموس الحياة.

وقال: أعود فأكرر أنني عملت بالشرق الأوسط أكثر من ١٠ سنوات.. وكما عايشت قادة أوروبيين متميزين.. عايشت قادة عربا أكثر تميزا.. الكنوز موجودة في كل نفس بشرية وعلينا أن نستخرجها ونستثمرها.

* هل القائد القادم من مؤسسة أكاديمية أفضل؟ أم القادم من العمل نفسه والذي نشأ وتدرج فيه منذ البداية؟

روبن شارما: بحسب طبيعة العمل الذي يسند إلى القائد أو المدير الإداري.

أمل المؤيد: لماذا نلحظ السلبية أكثر عند الشباب العربي أحيانا؟

روبن شارما: بالتدريب والتكتيك الحصيف يتم القضاء على السلبية في النفس البشرية.. ولدى المسلمين فإن المواظبة على صلاة الفجر مثلا تعد أحد الأدوية الناجعة لتقويم الضعف أو السلبية في النفس البشرية.

أخيرا..

وأخيرا التقينا السيد حاتم داداباي الرئيس التنفيذي بمعهد البحرين للضيافة منظم هذه الورشة وصاحب الدعوة للخبير العالمي روبن شارما فقال: هذه أول مرة يحاضر فيها خبير الإدارة العالمي روبن شارما.. ولن تكون الأخيرة بإذن الله.. وهدفنا من وراء هذه الخطوة هو الإسهام في تدريب وتطوير الشباب البحريني الراغب في التطور والمساعدة في نهضة الوطن بصفة عامة.. وقد أخذنا نتفاوض معه من أجل الحضور ٨ أشهر متواصلة بالنظر الى كثرة مشاغله على مستوى العالم.. وقد حققت هذه الخطوة نجاحا كبيرا لم نتوقعه حيث جاءتنا طلبات بالمئات من سعوديين للحضور والمشاركة.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة