ألف باء العولمة
 تاريخ النشر : الأربعاء ٧ مارس ٢٠١٢
جعفر عباس
كثيرون لا يعرفون ما هي العولمة، وقليلون هم من يقدرون على تقديم شرح واف ومقنع لماهيتها، وقد قرأت كتاب «سيارة اللكزس وشجرة الزيتون»، لتوماس فريدمان الذي يشرح فيه العولمة وتجلياتها وحتميتها، فلم يشف غليلي، ولكن فاعل خير يراسلني عبر الإنترنت يوافينينيني بين الحين والآخر بمادة ثقافية دسمة عبر الإنترنت، وقد زودني مشكورا ببضعة اسطر جعلتني أفهم معنى ومغزى العولمة، بل أدرك حقيقة أنها صارت أمرا واقعا.. وبالمناسبة فإن كثيرا من القراء الذين يراسلونني يقدمون إلي مواد أستخدمها في مقالاتي (من دون نسب الفضل إليهم كي لا يطالبوا بنسبة مئوية من المكافأة التي أتقاضاها نظير كتابة كل مقال).. المهم ان تلك الرسالة قدمت إلي شرحا وافيا لماهية العولمة يتلخص في ان وفاة الليدي ديانا مثلت قمة العولمة! كيف؟
أميرة إنجليزية كانت زوجة ولي عهد بريطانيا ورأت شابا سودانيا يهبل يعمل في «بي بي سي» وأول حرف من اسمه جعفر، فوقعت في غرامه ولكنه طنشها، لأنه يعرف الأصول ومنضبط أخلاقيا (وفي رواية أخرى أهبل)، فقررت البحث عن حبيب أسمر ينسيها جعفر، وأحبت شابا مصريا اسمه عماد محمد الفايد والده يحمل الجنسية الفرنسية واسم الدلع الخاص به «دودي»، ولقيا مصرعهما سويا في نفق فرنسي، بينما كانا في سيارة ألمانية، محركها مصنوع في هولندا، ويقودها رجل بلجيكي، كان «سكران طينة» بعد ان تعاطى ويسكي اسكتلنديا، وكانت سيارتهم مطاردة من قبل مصورين إيطاليين، يمتطون دراجات نارية يابانية، وبعد الحادث قام طبيب أمريكي بإجراء الكشف على ديانا وصاحبها دودي الفايد مستخدما عقاقير برازيلية، وزودني بهذه الحكاية صديق سعودي مستخدما تكنولوجيا سرقها بيل جيتس من اليابانيين!! أظن ان القارئ فهم الآن ما هي العولمة! اما أصحاب الأدمغة المصفحة والمشبعة بالكولسترول فإنهم بحاجة إلى مزيد الأمثلة:
العولمة يا سادة ويا سيدات هي ان تأتي بأرز من تايلند، وتضعه في طبق «صيني»، وتفتح عليه الماء من حنفية مستوردة من جنوب افريقيا، ثم تصفيه بمنخل هندي، وتضعه في وعاء طبخ أمريكي، وتضيف اليه الدجاج البرازيلي او اللحم النيوزيلندي او السوري (شخصيا سأقاطع اللحم السوري امتثالا لقرار الجامعة العربية الذي لم يصدر حتى كتابة هذه السطور بفرض عقوبات اقتصادية على نظام بشار الأسد الشبيحاوي). المهم ان كل ذلك مع قليل من الطماطم المحلية المضروبة في خلاط فرنسي، وفوقها شوربة ماجي البريطانية وبعض الكاري الباكستاني، ثم تسمي ذلك «أكلة شعبية»!!! وأكتب هذه السطور على كمبيوتر ألماني، مصنوع في تايوان بدون ترخيص رسمي، مرتديا نظارات ايطالية، وقميصا اسبانيا وضرسا اصطناعيا مادته الخام سويدية، وحذاء صنع في لبنان ولكن جلده مستورد من الارجنتين.. يعني ليس في كل ما يتعلق بهذا الشخص الذي يكتب هذه السطور ما ينتمي إلى السودان سوى جيناته وعواطفه! يعني كلنا متعولمون من حيث المظهر الخارجي بل ان بعضنا متعولمون من جوه ومن بره!! ولعل فيفي عبده هي النموذج الأروع والأبلغ للشخص المدرك للعولمة ومقتضياتها، فقد صرحت مؤخرا عبر قناة دريم الفضائية بانها مستاءة من ان الغرب يسيء فهمنا، وأعلنت انها قررت القيام بجولة اوروبية - امريكية لتقديم رقصات في مختلف الاندية مساهمة منها في تقريب الشقة بين الشرق والغرب وكي يعرف الغربيون اننا لسنا جميعا متخلفين.. ومحتشمين.!
jafabbas١٩@gmail.com
.
مقالات أخرى...
- عن شرور المرور - (6 مارس 2012)
- عن الوساخة والنظافة الدولية - (5 مارس 2012)
- عن ثقافة الهشك بشك! - (4 مارس 2012)
- عن الجهالة الأممية! - (3 مارس 2012)
- عمالة مترهلة وكمبيوترات متعطلة - (2 مارس 2012)
- عن الأيتام والجرسونات - (1 مارس 2012)
- عدم الجليد «نعمة» - (29 فبراير 2012)
- حب إيه اللي أنت..... - (23 فبراير 2012)
- وللثراء ثمن قد يكون فادحاً - (22 فبراير 2012)