الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠٦ - الأحد ١١ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٨ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


التوافق أو الاتفاق مع «الوفاق»..!





ثمة حديث عن حوار قادم، وربما بات في حكم المؤكد أنه واقع، رغم أن البعض يرى أن الحوار لم يتوقف أصلاً كي يبدأ، وأن سلسلة لقاءات مباشرة وغير مباشرة عقدت بين أطراف مختلف معنية بالشأن السياسي. على أي حال، على الساحة السياسية الآن عدة قوى فاعلة، سيكون لها رأي في أي مشروع يطرح، هناك جمعيات تمثل الأغلبية السنية، وأخرى تمثل الأغلبية الشيعية، الأغلبية السنية ممثلة في جمعية تجمع الوحدة الوطنية، والأصالة، والمنبر، باعتبارها ثلاثة تيارات رئيسية وجماهيرها غفيرة وحاشدة. والأغلبية الشيعية تمثلها الوفاق، وهناك جمعيات أخرى «ديمقراطية» و«ليبرالية» هي في حقيقتها تدار وفاقياٌّ أيضاً. المهم في هذا كله ما هي آلية الحوار؟ بمعنى، كيف ستتم إدارته؟ ولعلنا هنا نطرح السيناريوهات المحتملة ونلقي نظرة على توقعات وسقف هذا الحوار.

أولاً، من المهم أن نسأل عن آلية اتخاذ القرارات، هل ستكون قرارات توافقية أم ستعتمد مبدأ التصويت؟ إذا كانت القرارات توافقية فما الذي يضمن عدم تكرار سيناريو الانسحاب الوفاقي الذي كنا قد توقعناه في الحوار السابق؟ وإذا كانت القرارات ستتبع مبدأ التصويت فعلى أي أساس سيتم توزيع المقاعد والمشاركين في الحوار؟ وهل سيكون الحوار سياسياٌّ بحتاً أم سيشمل محاور اقتصادية واجتماعية وغيرها كالحوار السابق؟

ثانياً، ما هي الأجندة المطروحة لهذا الحوار؟ وهل ما زالت نفس المحاور التي طرحت أثناء الأزمة قائمة أم أنها تغيرت؟ الوفاق استصدرت فتوى من المرجعية وجاءها دعم «شرعي» من إيران والعراق ولبنان فخرجت الحشود للمشاركة في مسيرة المنامة، وبعد انتهاء المسيرة أشاد الديوان الملكي بسلمية التعبير عن الرأي في البحرين. ربما لم تكن جماهير الوفاق، التي خرجت بفتوى من «الفقيه» تعلم أن هدف المسيرة هو الدخول في الحوار، والتهدئة مع الدولة، بدليل أن الدولة امتدحت المسيرة. وبالتالي فإن كثيراً ممن شاركوا في المسيرة ثم فوجئوا بحديث عن «حوار» أصيبوا بالإحباط وقالوا «لقد خدعنا». المهم، سردت هذه المعلومات لأن مع هذه الأحداث تزامنت تصريحات وفاقية نقلتها «سي إن إن» العربية أنهم سيدخلون الحوار، بل وسيقدمون تنازلات أيضاً، ومن هنا أعود بالسؤال أعلاه، هل ما زالت نفس المحاور مطروحة أم أنها تغيرت؟ ثالثا، من المؤكد أن الأطراف المشاركة في الحوار، سوف لن تقبل بالتوافق أو الاتفاق مع الوفاق، لأنها هي الأخرى لديها شروط ومطالب صارمة، في مقدمتها - بحسب ظني- أن تعترف الوفاق بأخطائها التي ارتكبتها في الأزمة، والإقرار بها، تماماً كما فعلت الدولة حينما هي أقرت بأخطائها في الأزمة نزولاً عند نتائج تقرير بسيوني الذي حمل «المعارضة» المسئولية أيضاً. ومن ثم تطبيق القانون المدني على من ارتكبوا جرائم خلال تلك الفترة، تماماً كما تطبق الدولة القانون على أفراد الأمن المخالفين وتقوم بتنفيذ توصيات التقرير. وكذلك تبقى نقطة مهمة، وهي إعلان رفض العنف وأعمال التخريب التي تحدث في البحرين، واستنكارها وشجبها علناً، مع ضمان أكيد بتوقف هذه الأعمال تماماً وعدم الدفاع عمن يقومون بارتكابها، ستكون هذه مجرد شروط مبدئية للقبول بالجلوس على طاولة واحدة مع الوفاق، ومن ثم يأتي الحوار والسجال، والذي لا يتوقع أن يكون عالي السقف بعد أن ضيعت الوفاق ومن معها كل الفرص التي أتيحت لها، ولم يعد من الممكن رفع السقف بعد كل ما مرت به البحرين.

الموضوع يطول، وهو متشعب جدا، وأعلم أن البعض يعترض جملة وتفصيلاً على فكرة الحوار من أساسه، ولكنني هنا أتحدث محللا لا صانع قرار، فما هي الإجابات عن هذه التساؤلات؟ وهل هي تساؤلات في وقتها أم أنها متأخرة جدا لوجود ترتيبات واتفاقات وتسويات مسبقة ستخرج صوريا من أحشاء حوار شكلي



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة