الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٩ - الأحد ٤ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١١ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


إذا أردت أن تطاع..!!





على ضوء التقرير المنشور في «أخبار الخليج» بالأمس حول المرسوم بقانون رقم ٣٢ لسنة ٢٠١١ والذي ينص على رفع نسبة حصة الحكومة في حصيلة رسوم العمل من ٢٠% الى ٥٠%.. نود بداية التوضيح ان هذا المرسوم صدر في العام الماضي وفي فترة العطلة البرلمانية.. وبالتالي وطبقا لأحكام الدستور البحريني لا بد من عرض هذا المرسوم على السلطة التشريعية من أجل الموافقة عليه أو عدم الموافقة.. وفي حالة الموافقة يستمر تنفيذ هذا المرسوم بقانون بأثر رجعي حيث ينص في مادته الثانية على: أن يعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية.. الحكومة أحالت هذا المرسوم إلى مجلس النواب ضمن مجموعة المراسيم بقوانين التي صدرت في غيبة البرلمان، وطبيعي أن يحيل رئيس المجلس هذا المرسوم الى اللجنة المختصة بالمجلس ــ وهي لجنة الخدمات ــ لنظره وإعداد تقرير حوله لعرضه على الجلسة العامة (الثلاثاء ــ بعد غد).. وقد أعدت اللجنة تقريرا حول هذا المرسوم بعد أخذ رأي ثلاث جهات معنية وهي: وزارة المالية - وزارة العمل - غرفة تجارة وصناعة البحرين.

المهم أن لجنة الخدمات قد انتهت الى توصية مقتضاها «عدم الموافقة على هذا المرسوم بقانون»، وهذه التوصية هي المعروضة في الأساس على جلسة بعد الغد للموافقة عليها أو رفضها، وبالتالي إقرار المرسوم بقانون من عدمه.. وهنا تكمن المشكلة.. أو بمعنى آخر إن هذا هو السر الذي سوف يؤدي إلى جعل جلسة مجلس النواب بعد غد شديدة السخونة.

طبعا وزارة المالية تطالب في اصرار بالموافقة على هذا المرسوم ملمحة الى ان الزيادة الأخيرة في الرواتب تكلف الخزانة العامة (٢٩١) مليون دينار سنويا.. وهذه تشكل خطرا على الميزانية إن لم يتم تدبير مورد ثابت لها.. يعني: إما اللجوء الى الاقتراض.. واما أن يوافق مجلس النواب على هذه الحصة المرتفعة بنسبة ٥٠% حتى يتم البدء في تطبيقه.. وأشارت الوزارة الى انه حتى الـ ٥٠ من حصيلة رسوم العمل التي يوفرها هذا المرسوم لا تكفي وحدها لتمويل كلفة الزيادة الأخيرة في الرواتب بل ستسندها حصيلة الزيادة الأخيرة في تسعيرة تزويد الغاز للشركات.. وانه إذا لم يحدث ذلك فسيظل العجز في الميزانية العامة للدولة المترتب على منح الزيادات الأخيرة في الرواتب يشكل خطرا داهما على الميزانية.

وتذكرّ وزارة المالية صاحب العمل أو التاجر بأنهما يحصلان على دعم كبير من قبل الحكومة في نواح كثيرة ومختلفة، وهذه الرسوم تعتبر مساهمة منهم في حل بعض المشاكل بميزانية الدولة.

وزارة العمل نراها تقف على الحياد وتعرض رأيا أو تفسيرا آخر وهو أن هذا القرار سيتيح للحكومة التدخل والرقابة بشكل أفضل على حصيلة رسوم العمل، كما سيسهل عليها توجيه هذه الموارد بدلا من أن تذهب (٨٠%) من هذه الحصيلة إلى «تمكين».. الخ.

نأتي إلى الطرف الثالث المهم في هذه القضية ألا وهو غرفة تجارة وصناعة البحرين وهي المنظمة أو المنبر الذي يتحدث باسم أصحاب العمل والتجار على أرض المملكة.. والغرفة ترفض ان تحصل الخزانة العامة على ٥٠% من الرسوم التي يدفعها التجار وأصحاب العمل من دون غيرهم... وهي تقف وقفة صلبة دون رأيها في هذه القضية.. وتقول كلاما كثيرا أو كبيرا بشأنها.. فمثلا تقول: إن الرسوم التي يدفعها القطاع الخاص يجب أن تعود كلها على القطاع الخاص في صورة تدريب وتطوير للقوى العاملة في الشركات ومنح القروض بها واقالة الشركات المتعثرة منها وخلق وظائف للعاطلين.. الخ، وتقول انها راضية باستقطاع ٢٠% بحد أقصى لصالح الخزانة العامة.. كما نقول أيضا ان ذهاب ٥٠% من حصيلة رسوم العمل الى الخزانة العامة يعني أنها ستصرف في القطاع العام وعدم استفادة القطاع الخاص منها، بينما القطاع الخاص ليس مسئولا عن الانفاق على القطاع العام.. ثم ان كون المسألة برمتها على هذه الشاكلة فهذا يوحي بأن الـ ٥٠ هي ضريبة مفروضة على أصحاب الأعمال.. وهذا خطأ لأن مملكة البحرين لا تقوم على نظام ضرائبي. كل ما ذكر آنفا «كوم» وما قاله موظفو وعمال القطاع الخاص في هذه القضية «كوم» آخر.

قالوا من خلال استطلاع سريع: كيف تتحدث وزارة المالية عن ان الـ (٥٠) التي ستؤول الى الخزانة العامة ستخصص لمواجهة الزيادة الاخيرة في الرواتب والتي تبلغ سنويا (٢٩١) مليون دينار.. بينما هذه الزيادة لمواجهة الزيادة في رواتب موظفي وعمال الحكومة وليس في رواتب موظفي وعمال القطاع الخاص؟

وقالوا: إن الزيادات العامة في الرواتب يستفيد منها على الدوام موظفو الحكومة ويحرم منها موظفو القطاع الخاص الى الدرجة التي أصبح فيها موظفو القطاع الخاص في وضع صعب.. فهم المستبعدون والمظلومون على الدوام من كل خيرات في الدولة.

وقالوا كذلك: لو كانت وزارة المالية قد ألمحت ؟ مثلا - الى ان نسبة الـ ٥٠ المستقطعة من حصيلة رسوم العمل ستخصص لدعم مشروع لزيادة الرواتب في الحكومة والقطاع الخاص معا لكان الأمر سيهون، بدلا من ظاهرة فوران الدم التي أصيبوا بها بمجرد سماع هذا الخبر.

وقالوا: حتى ان أصحاب العمل كان هناك احتمال كبير بأن يوافقوا على ذلك في هذه الحالة على أساس ان زيادة رواتب موظفيهم وعمالهم ستسهم في رفع عبء ثقيل عنهم.. كما انها ستؤدي الى راحة الموظفين والعمال ورفع معنوياتهم الأمر الذي سيؤدي بالضرورة الى تحسين ظروف العمل وزيادة الإنتاج وخاصة في مثل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد. معنى ذلك أن كل شيء مقبول ومستساغ ماعدا القول بأن يدفع القطاع الخاص لمواجهة زيادة رواتب موظفي الحكومة.. وأن يظل القطاع الخاص على الدوام يدفع ويتفرج.. وقول آخر أكبر أهمية وهو: إذا أردت أن تطاع فامر بما يستطاع!!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة