الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٣ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٥ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


قانون الصحافة الذي يناقش غدا





المفروض أن يناقش مجلس النواب في جلسته صباح غد تقرير لجنة الخدمات بالمجلس بشأن مشروع قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر على ضوء الاقتراح بقانون المحال من مجلس الشورى، ومشروع قانون آخر بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم ٤٧ لسنة ٢٠٠٢م، بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر المرافق للمرسوم الملكي رقم ٢٦ لسنة ٢٠٠٨م.. وبعبارة أسهل فإن مجلس النواب سيناقش غدا قانون الصحافة الجديد.

بداية أود التأكيد أن الحكومة مهتمة جدا بهذا القانون الجديد.. وتود لو صدر اليوم قبل الغد، إيمانا منها بالأهمية القصوى لهذه المهنة الاستراتيجية ودورها على الساحة، وفي مواجهة التحديات التي تجابهها المملكة وخاصة لعلاقتها العضوية بمسألة الأمن وقضية التنمية بصفة عامة، وبسمعة البحرين في الداخل والخارج، ولا غلو في القول انه بقدر مكانة الصحافة في أي دولة تكون مكانة الدولة وقدرها.

ومن هنا وجب الاهتمام اللائق بهذا القانون المعروض، والتريث في بحثه وصياغته، ورغم ان السير في طريق استصدار القانون قد تأخر كثيرا فإنني أرى عدم العجلة في أمره حتى لا تكون النتائج عكسية تماما.. حيث يوجد قانون على الساحة ويمكن العمل بمقتضاه حتى يصبح لدى مملكة البحرين القانون اللائق بها وبقدرها.

تصفحت مشروع القانون المعد للعرض غدا.. وقد لمست ان لجنة الخدمات بمجلس النواب قد بذلت جهودا كبيرة في إعداد تقريرها من حوله.. ولكن بما أن كلمة الحق هي التي يجب ان تقال، فإنني أرى ان الصياغة المعدة لمشروع هذا القانون لم تأت على الوجه المرتجى.. فقد شابتها «الكلفتة» وعدم توافر الخبرة الكافية لتبث فيه الروح الواجبة.. الأمر الذي جعل المقارنة بين نصوص هذا المشروع ونصوص قوانين الصحافة في الدول العربية الأخرى غير جائزة بالمرة.

أنا لا تعنيني هنا لا من بعيد ولا من قريب هذه المسألة المثارة على الساحة.. ألا وهي مسألة الحبس الاحتياطي للصحفي بسبب ممارسته مهنته من عدمها.. ولكن تعنيني بالدرجة الأولى قدرة هذا القانون على حماية المصلحة العامة، وأمن الوطن وسلامته، وضمان عدم اختراق الوطن عبر نصوصه!

أريد أن أقول بصراحة إن هذا القانون لم يراع، أو انه لم يستفد من الأزمة التي مرت بها البلاد.. ولم تتم صياغة مواده بالصورة التي تضمن تلافي الثغرات المهلكة التي كشفت عنها هذه الأزمة.. وقد يكون لدى القائمين على إعداد هذا المشروع بقانون عذرهم لأن هذا المشروع قد أعد في معظمه قبل وقوع الأزمة وما كشفت عنه من مأس وكدت أتخيل ؟ وأرجو أن أكون مخطئا ؟ ان بعض نصوص هذا المشروع قد صيغت بصورة تخدم النوايا غير الطيبة لدى البعض على حساب إحكام القبضة أو السيطرة على سلامة البلد وأمنه.. يعني بصراحة ؟ وهذا أضمن تقييم ؟ وإن هذا المشروع لم يتلاف الثغرات التي حصلت.. وسأذكر أمثلة بسيطة أرجو أن تعبر عن الهدف من هذا الطرح الذي أبادر به قبل مناقشة نصوص هذا المشروع بقانون الشديد الحيوية لأمن الوطن.

كلنا نتذكر المآسي التي حدثت من وراء ما يطلق عليهم المراسلين الصحفيين أو الاعلاميين.. وبسبب تلك التيسيرات التي تمنحها الدول العربية للمراسلين الأجانب لممارسة مهامهم.. وكيف ظهر فيما بعد أنهم لا مراسلين ولا يحزنون.. مجرد أجهزة ومنظمات كبرى سهلت لهم حمل بطاقات وهويات مزيفة للدخول الى الدولة من اجل التخريب أو تحريك المشاعر العدائية ضد مصلحة الوطن، ثم يظهر فيما بعد أنهم عملاء أو مأجورون أو منخرطون في أجهزة مخابرات أو منظمات مناهضة مثلما حدث في مصر منذ شهور.. حيث تم ضبط مراسلين لوسائل إعلامية ينتمون الى شبكات أمريكية وإسرائيلية للتخابر والهدم وإشعال الفتن.

أريد أن أقول ان هناك مواد متساهلة جدا أو مهادنة أكثر من اللازم، في هذا المشروع بقانون الذي سيناقش غدا وخاصة تلك التي تحكم عمل المراسلين الصحفيين ومنها هذه المادة: م (٨٩): على الإدارة المختصة أن تلفت نظر مراسل الصحيفة أو المجلة أو مندوب وكالة الأنباء الأجنبية أو الاذاعات الأجنبية اذا تبين أن الأخبار التي نشرها غير صحيحة أو مختلقة، فإذا تكرر ذلك يوجه اليه لفت نظر ثانٍ من الادارة المختصة، فاذا ارتكب ذات الفعل مرة اخرى وجه اليه انذار بذلك، فاذا ارتكب ذات الفعل مجددا جاز للوزير طلب إحالة سحب الترخيص الممنوح له الى القضاء، ولصاحب الشأن الطعن في قرار سحب الترخيص أمام المحكمة الكبرى المدنية خلال سبعة أيام من تاريخ صدور هذا القرار».!

أنا شخصيا لا أرى هذه المادة متساهلة أو متسامحة جدا فحسب، بل اراها مادة مرتعشة أو مرتجفة الى درجة أنها لا تأمر باتخاذ الاجراء ضد المراسل الخائن أو المخرب إلا بعد خراب مالطة!

وهناك الكثير من المواد المرتجفة أو المترددة والمتهاونة الأخرى في هذا المشروع بقانون ومنها على سبيل المثال وليس الحصر المادة التي تقول:

«يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار كل من ساهم في نشر ما من شأنه التحريض على ارتكاب جنايات القتل أو النهب أو الحرق. حتى ولو لم يترتب على هذا التحريض أية نتيجة»!

أي هوان هذا؟ تحريض على ارتكاب جنايات القتل والنهب والحرق عن طريق النشر والعقوبة ألف دينار؟!

عقوبة الجرم الذي يهدد أمن وطن بأكمله والغرامة ألف دينار.. بينما عقوبة حمل مخدرات بحجم حبة قمح السجن عشر سنوات.. والسجن (٣) سنوات للمتحرش بأنثى.. بينما تهديد أمن وطن عقوبته الغرامة ألف دينار!! لا أريد.. ولا أملك أن أطيل في هذه المقالة.. ولكني أطالب بإعادة هذا المشروع الى اللجنة المختصة من جديد.. والبحث عن طريق جديد لصياغته من جديد على الأقل للتخفيف مما يشوبه من عدم استقامة في الصياغة.. ومن ضعف وهوان على حساب أمن الأوطان!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة