الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠١ - الثلاثاء ٦ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


لهفة لا يساندها مبرر واحد!!





لا أرى وجود مبرر واحد وراء هذه اللهفة والمطالبة بإعمال السرعة في اقرار قانون الصحافة الجديد.. فالمؤكد أن هذه اللهفة غير المبررة كما تسببت في إعداد مشروع قانون هش.. مهزوز.. ومسلوق الى درجة انه ليس من المستبعد ــ ومن خلال هذه اللهفة غير المبررة ــ أن يصدر في النهاية قانون أشد هشاشة.. ربما يتعرض ــ مع هذه الهشاشة ــ لأن يلقى نفس مصير القانون الحالي الذي حكم عليه بأن يقبر في مهده ويتحول الى كم عديم الجدوى، لا يجد طريقه نحو التنفيذ.. أو النفع بأي شيء!

المشكلة أن ايجاد قانون صحيح أو سليم للصحافة قد أصبح عسير المنال في الوقت الذي كثرت فيه القوانين ومنها: قانون الصحافة الحالي الموجود على الساحة والمفروض انه معمول به ــ ومشروع قانون معد من مجلس الشورى ــ ومشروع قانون معد من الحكومة.. وشيء آخر معد في مجلس النواب جاء من خلال الاقتباس.. والاستنساخ.. والنقل.. والاستعارة.. وآراء أصحاب الخبرات!.. ومتطلبات الواقع والميدان.. وجمعيات قائمة.. وأخرى تحت التأسيس منذ زمن بعيد.. الخ. كل هذا لا بأس به ولكن أليست كل هذه المحصلة في حاجة إلى تأنٍ.. وإلى بحث.. وتفنيد وتمحيص.. وأن العجلة كفيلة ببعثرتها أو نسفها كلها!

الصحيح هو ما قاله بعض السادة النواب في جلسة يوم الثلاثاء الماضي بأنه لا يجوز مناقشة هذا القانون في غياب وزير مسئول عن الإعلام. وانه لا يجوز أبدا مع مثل هذا القانون أن ينتدب أي وزير ولو من حيث الشكل لمثل هذه المهمة الخطيرة.. والقول الصحيح أيضا انه توجد هيئة شئون إعلام بحجم وبثقل وبقدرات وزارة كاملة: وكيل و(٤) إدارات عامة وأقسام تخصصية كبيرة ومتعددة وذات خبرات معتقة.. وإذاعة وتلفزيون ومطبعة.. الخ.. ورئيس هيئة هو أصلا بدرجة وزير منذ زمن بعيد.. وليس صحيحا أن ما يصلح في دولة ما يمكن أن يصلح في دولة أخرى.. وأعني بالضرورة ان مسألة «الهيئة» و«الوزارة» والخلاف حول أي منهما مطلوب لادارة دفة ومسئولية الإعلام على أرض البحرين.

على أي حال ما أعنيه أنا، وما ألح في طلبه هو مناشدتي للتريث في إنجاز هذا القانون مع ضرورة التأكد أولا ــ وقبل كل شيء ــ من أن قانون الصحافة الجديد قد أنجز مستفيدا من الثغرات الكبيرة التي كشفت عنها الأحداث الأخيرة في البحرين، وهي التي تسببت كثيرا في اختراق الوطن والاساءة إليه وإلى أمنه وسيادته.. ويقيني أن هذا النوع من الحرص يغيب تماما عن مشروع القانون المعد للعرض الآن.. لذا يجب «ألا نركب رؤوسنا» ونعاند وننصاع لإلحاح الملحين في سرعة إنجاز هذا القانون وبأي ثمن حتى ولو كان على حساب المصلحة العامة!

}}}

ورشة العمل التي نظمها مؤخرا معهد البحرين للضيافة ودُعِيَ إليها الخبير والمحاضر العالمي في مجال الإدارة «روبن شارما».. كشفت عن وجود نقص كبير لدى نسبة من الإداريين البحرينيين، وغياب أكبر في الثقافة والفكر الإداري.. لكن في المقابل قد كشفت هذه الورشة عن وجود حرص كبير لديهم جميعا على مداواة هذا النقص والتزود بالخبرات الإدارية العالمية مهما كان الثمن أو الجهد والدليل على ذلك أنه ــ كما قال السيد حاتم داداباي رئيس المعهد والذي رتب لهذه الورشة ــ كنا نتوقع أن يشارك في ورشة العمل هذه (٣٠٠) مشارك في أحسن الظروف أو كحد أقصى.. لكننا فوجئنا انه قد حضر اليها في يوم انعقادها أكثر من ألف مشارك.. وقد بقوا جميعا منذ بداية الورشة وحتى نهايتها.. وأمطروا المحاضر بآلاف الاسئلة اضافة الى انهم تناقشوا من أجل الحصول على مؤلفات «روبن شارما» كلها رغم تعددها وكثرتها الى درجة ان كميات الكتب التي كان قد شحنها الى البحرين نفدت في وقت قياسي.

كانت الورشة تحت عنوان: «القيادة بدون ألقاب»، وهذا يعني ان الإدارة ليست حكرا على أحد.. أو فئة معينة أو سن عمرية محددة.. انها متاحة لكل من أراد.. أي إنسان يمكن أن يكون قائدا إداريا فذا لو ملك العزيمة والارادة.. وهذا يعني - أيضا وبالضرورة - دحض كل ما قيل ان الإدارة موهبة أو تحتاج الى مواصفات وقدرات نظرية قد يملكها شخص ويحرم منها الآخر.. والنتيجة مقتضاها ان النبوغ الاداري مكتسب يجيء محمولا عبر العزيمة والارادة كما انه ليس حكرا على أحد مهما كان لونه أو جنسه أو عقيدته.

ومن خلال الحوار قال «روبن شارما» ان تفوق الإداري الأوروبي أو الامريكي أو غيرهما خدعة سخيفة.. وليس صحيحا بالمرة ان المدير الغربي يبرز أو يتفوق على المدير العربي.. مضيفا: انه عمل بالشرق الاوسط عشر سنوات.. وكانت هذه الفترة كفيلة بدحض هذه الخدعة.. وانه اقترب من مديرين عرب كانوا أكثر كفاءة ونبوغا من المدير الغربي.

وقد قابل الحاضرون بورشة العمل ما أكده «روبن شارما» بدهشة كبيرة.. واستغربوا كيف تضحك الكثير من الشركات والبنوك والوزارات على نفسها عندما تغدق على المدير الأجنبي رواتب ومزايا لا حصر لها ثم تدفع بالفتات الى المدير البحريني, في الوقت الذي لا تخجل فيه من حرمان الإنسان البحريني من كل هذه الرواتب والمزايا!!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة