الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٢ - السبت ١٧ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٤ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


الكرة أفيون العرب





لو كان الامريكيون يعرفون أبجديات السياسية، لما ضيعوا وقتهم وجهدهم وأموالهم في نشر الديمقراطية والإصلاحات في العالم العربي، ولما أوكلوا تلك المهمة إلى رئيسهم السابق جورج ووكر بوش، ذلك الرجل الأخرق القادر على انتزاع الهزيمة من فك النصر.. وقد كتبت قبل سنوات عن تخصيص بشبوش المدووش ٢٥ مليون دولار لنشر الديمقراطية بين العرب، وقلت إن ذلك المبلغ «يا دوب» يقنع أبا الجعافر باحترام الرأي الآخر (فما بالك بحكام مفاتيح خزائن البنوك المركزية في جيوبهم)، ولو خصص الامريكان عشرة ملايين دولار لتنظيم منافسات دولية شهرية في كرة القدم يتم بثها فضائيا من دون احتكار جهة ما حق نقل وقائعها، لما صدرت همهمة خافتة من اي عاصمة عربية حتى لو تم نقل نانسي عجرم إلى غوانتنامو، من منطلق أنها ستظل ننوسة البسبوسة، وأن مواهبها الفذة ستتفتح أكثر في كوبا (حيث جوانتنامو) وهي مكان «طراوة» وآخر حلاوة، بدليل ان معتقلين مسلمين ابلغوا منظمات دولية بأنهم يفضلون البقاء هناك في كوبا على ان يتم تسليمهم إلى حكومات بلادهم.. (بالمناسبة فمن اساليب «التعذيب النفسي» في جوانتنامو ان يتم إبلاغ المعتقل بأن التحقيق معه سيتم على أيدي محققين عرب!!).. الشاهد هو ان بالعرب ولعا عجيبا بكرة القدم.. وربما كان منشأ ذلك أنهم يعتقدون ان الكرة مصنوعة من جلود قادة ومؤسسي اسرائيل، وأن ركلها بعنف نوع من المقاومة الايجابية.. وخلال منافسات البطولة الأوروبية لكرة القدم أو الدوري الإنجليزي أو الإسباني أو الإيطالي، يحلو لي التجول بسيارتي مساء في الشوارع، وكأنني «في آي بي» أي من كبار الشخصيات، لأن الشوارع تكون خالية إلا من شرطة المرور والنجدة، وذلك بسبب انشغال معظم الناس بوقائع تلك المنافسات الكروية.. فحتى عندما تكون المباراة بين نادي سباجيتي الايطالي ونادي البشاميل البلجيكي فإن الملايين في كل انحاء العرب تبقى مسمرة في كراسيها.. وكنت في بادئ الأمر اعتقد ان النساء يتضايقن بل يكرهن كرة القدم لأن أزواجهن يتحولون إلى أكياس من البطاطس أمام شاشات التلفزة خلال متابعة المباريات، ولا يتحركون من أماكنهم حتى لو احتاج حمودي الى العناية الطبية الطارئة بعد ان أغلق الباب على إصبعه.. ولكنني أدركت لاحقا ان أكثر ما يضايق النساء في مباريات كرة القدم، هو أن اخلاق الرجال تصير خلالها «رياضية».. والأخلاق الرياضية - كما نعرف جميعا - هي ان يقوم لاعب بكسر رجل لاعب خصم بعد ان يعجز عن انتزاع الكرة منه.. أو ان يبصق اللاعب على الحكم لأنه ضبطه وهو في حالة تسلل.. أو أن يستخدم لاعب أصابعه بطريقة بليغة لجرح شرف او عرض لاعب آخر!! ومتابعة مباريات كرة القدم تؤدي إلى انتشار الأخلاق الرياضية.. فرجل البيت يجلس امام التلفزيون وهو يصرخ وينط كلما توجهت الكرة نحو المرمى، أما لو صاح ولده البالغ من العمر سنة واحدة: ماما أنا جوعان!! فإن الأب يصيح: اسكت يا حمار.. مو وقت أكل هذا يا ثور (ما ترسى على رأي: إما حمار أو ثور!!) ثم يلتفت نحو الأم التي هي الزوجة: خذي الزفت هذا واعطيه طعاما يسد حلقه!! وقد يكون اسم الرجل الذي يتابع مباراة بين ايطاليا والسويد «عبد الله عبد الخالق عبدالبارئ مصطفى عبدالحي».. ويقوم اللاعب جورج كريستيان بتسجيل هدف رائع في مرمى الخصم فيصيح: ينصر دينك يا كريستيان!!!.. ويا ويل زوجته إذا «تفلسفت» وسألته كيف يدعو لدين «كريستيان» بالنصر!! سيصيح في وجهها: اسكتي يا بقرة.. إنتي لا تفهمين شيء في الكورة!!





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة