الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٢٣ - الأربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٥ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

كفاكم هزلا في التعامل معنا

هل يجوز أن يكون وزير العدل أول من خالف القانون؟!!





في مرافعته حول رسوم التسجيل العقاري قال النائب عبدالله بن خلف الدوسري النائب الأول لرئيس مجلس النواب:

كنت اعتقد أن اجابة مهمة وتفصيلية سوف تصلني من الوزير وخصوصا ان مدة الخمسة عشر يوما لم تكن كافية له ولا لكادر وزارته لكي تأتيني اجابة وافية وشافية عن هذا السؤال فطلب تأجيل الرد على السؤال.

ولكن المفاجأة ان الوزير وبعد كل هذه المدة فإن كل ما فعله هو تزويدنا بنسخة من قرار مجلس الوزراء الذي ضرب بموجبه تشريع سنه مجلس النواب عرض الحائط ونسف القانون رقم (١٧) لسنة ٢٠٠٦ بتعديل المادة (٧٦) من قانون التسجيل العقاري الصادر بالمرسوم بقانون رقم (١٥) لسنة ١٩٧٩.

ان الاجابة تدلل على ان الوزير يعتقد اننا لا نعرف نسب الرسوم المفروضة على بيع العقارات المنصوص عليها في قانون التسجيل العقاري والتي فرضها قرار مجلس الوزراء رقم (٦٤) لسنة ٢٠٠٩.. ونقول لمعالي الوزير كفاكم هزلا في التعامل معنا فليس من المعقول ان يسأل النائب عن أمر معلوم لدى الكافة ولو كنا نريد الاطلاع على قرار مجلس الوزراء بشأن الرسوم التي فرضمتوها فإن باحث مبتدئ في المجلس كان قد أنجز هذه المهمة اليسيرة في وقت لا يتجاوز الدقيقة الواحدة.

لست أدري كيف لوزير العدل وهو الذي يفترض ان يكون أول المدافعين عن القانون نجده يخالف القانون الا يعلم وزير العدل ان قيمة أي رسم يدفعه المواطن يجب ان يناسب الخدمة المقدمة من الدولة والا فإنها سوف تتحول إلى ضريبة مقنعة متى ما كان الفرق ساشعا بين قيمة الرسم وقيمة الخدمة المقدمة لدفعه.. فالخدمة التي يقدمها التسجيل العقاري نظير هذه الرسوم لا تتعدى سطرا واحدا يكتب في وثيقة العقاري فهل هذه خدمة تستوجب كل هذه الرسوم المفروضة. وهذا ما دفع مجلس النواب في فصله التشريعي الأول في ان يتبنى تشريعا بتعديل المادة (٧٦) من قانون التسجيل العقاري وصدر القانون رقم (١٧) لسنة ٢٠٠٦ الذي عدل رسم بيع العقاري من ٣% إلى ١%.. ولكن متى يبلغ البنيان تمامه ان كنت تبنيه وغيرك يهدم، فقامت الحكومة على افراغ هذا القانون من مضمونه والإطاحة بالمكاسب التي حققها مجلس النواب للمواطنين حيث لجأ مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزير العدل إلى تعديل فئات الرسوم الواردة في المادة المذكورة بالحذف أو النقص أو الزيادة.. وبطبيعة الحال لا يمكن ان ننتظر ان تعمد الحكومة إلى حذف أي رسم من الرسوم المذكورة أو انقاصها بل جاءت الزيادة سريعا بصدور القرار رقم (٦٤) لسنة ٢٠٠٩, حيث جاء هذا القرار ليعطل القانون رقم (١٧) لسنة ٢٠٠٦ الذي عملت السلطة التشريعية جاهدة على صدوره.

انني اتساءل وأقول ما قيمة التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية من أجل التخفيف على المواطنين اذا كانت السلطة التنفيذية لا تلتزم بها وتحاول استغلال ثغرات القانون بقرارات تلحق الضرر بالمواطنين.

انني اعلن امام مجلسكم أن السلطة التشريعية سوف تستخدم صلاحياتها الدستورية من أجل معالجة هذا الخلل في المادة (٧٦) من القانون وسوف نعمل على حذف الفقرة الأخيرة من هذه المادة التي تخالف احكام المادة (١٠٧) من الدستور, وقد قمت فعلا باعداد مقترح بقانون لحذف هذه المادة وهو الآن على ما اعتقد على جدول جلسات اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس وهذه نسخة منه.

بل سنعمل على مراجعة كل القوانين التي بها ثغرات تستطيع بها الحكومة نسف التشريعات التي يصدرها مجلس النواب.

لقد أكدت المحكمة الدستورية في مملكة البحرين ذلك في حكمها الصادر بتاريخ ٢٥ يونيو ٢٠٠٩ عندما نظرت في الأمر الملكي رقم (٢٤) لسنة ٢٠٠٩ بإحالة مشروع قانون بانشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية لتقرر مدى مطابقته للدستور قبل اصداره. وجاء حكم المحكمة بشأن المادة (١٠٧) من الدستور «اما بالنسبة إلى الفرائض والاعباء المالية الأخرى، ومن بينها الرسوم التي تستأدى جبرا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضا عن تكلفتها, وان لم يكن بمقدارها فقد سلك الدستور في شأنها مسلكا وسطا بأن اجاز للسلطة التشريعية ان تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم اوضاعها، ولكنه لم يشأ ان يكون هذا التفويض مطلقا وانما مقيدا بالقيود التي حددها الدستور ذاته وأخصها ان تكون في حدود القانون.. أي ان يحدد القانون حدودها وتخومها.. فالقانون هو الذي يجب ان يحدد نوع الخدمة التي يحصل عنها الرسم ونسبته وحدوده القصوى التي لا يجوز تخطيها بأن بين حدودا لها حتى لا تنفرد السلطة التنفيذية بهذه الأمور على خلاف ما اوجبه الدستور من ان يكون تفويضها في فرض الرسوم في حدود القانون.. وحتى لا تكون الرسوم وسيلة جباية لا تقابلها خدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها».

لذلك فإنه في ضوء المبادئ التي جاءت بها المحكمة الدستورية في اختصاص السلطة التشريعية بتحديد نوع الرسم ونسبته وحدوده القصوى التي لا يجوز تخطيها.. فيكون القرار رقم (٦٤) لسنة ٢٠٠٩ بزيادة نسبة الرسوم على خلاف ما قررته السلطة التشريعية في القانون رقم (١٧) لسنة ٢٠٠٦.. قد جاء مخالفا لحكم المادة (١٠٧) من الدستور.. الأمر الذي يتعين معه الغاء القرار المذكور حرصا على مبدأ المشروعية وسيادة احكام الدستور والقانون.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة