«صحوة» روبرت فيسك
 تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠١٢
أنور عبدالرحمن
أرسل إلي صديق بريطاني نص مقابلة أجرتها محطة ايه بي سي التلفزيونية الأمريكية مع روبرت فيسك الكاتب المعروف في صحيفة «اندبندنت» البريطانية. اجرى المقابلة معه مقدم البرامج في المحطة كيري اوبريان.
وقد كنت كثيرا أحار فيما يكتبه فيسك، إذ تبدو تعليقاته أحيانا متوازنة ومبنية على معلومات صحيحة، وتبدو احيانا اخرى متحيزة وغير صحيحة ومبنية على معلومات خاطئة.
ومع هذا، اجد من الواجب ان اورد هنا نص ما قاله فيسك عندما وجه اوبريان اليه هذا السؤال: عندما ينقشع الغبار عن الانتفاضات العربية، او أيا كان ما تطلقه عليها من تسميات، كم من الديمقراطية سوف تخلف في العالم العربي؟
أجاب فيسك: عندما ينقشع الغبار عما أسميه «الصحوة العربية»، سوف تكون انت وانا قد انتقلنا إلى العالم الآخر لتقادم العمر، اعني ان النتائج النهائية لهذه الصحوة لن نشهدها على الارجح في حياتنا.
«التاريخ يمضي دوما إلى الامام. وحقيقة الامر ان ما تتطلع اليه الشعوب في المنطقة ليس الديمقراطية، وان كانت تريد شيئا منها، وليس حقوق الانسان، وان كانت تريد الكثير منها. ما تطالب به الشعوب وتتطلع اليه هو العدل والكرامة. والسؤال هو: هل نعتزم نحن في الغرب ان نقدم لهم العدل الذي يتطلعون اليه؟.. ان كنا نعتزم هذا، فإنه يعني ان تكون لنا مواقف منصفة وعادلة مع الفلسطينيين، ومع كشمير ولبنان. ولست متأكدا من ان هذا هو ما نريد ان نفعله فعلا».
«ولهذا، فإن السؤال الحقيقي الذي يجب ان نسأله نحن في الغرب هو: هل نريد الديمقراطية فعلا في الشرق الاوسط؟.. ام اننا نريد نسخا معدلة من الحكام الديكتاتوريين الذين طالما أيدناهم وشجعناهم في المنطقة، من امثال مبارك والقذافي؟».
هذا ما قاله روبرت فيسك. ومن المثير للاهتمام حقا ان يكون هذا الآن هو رأي كاتب محترف مثله.
عندما كتب فيسك عن البحرين، احيانا بشكل غير منصف وغير عادل، ربما لم يكن يدرك انه يلحق اذى شديدا بمجتمعنا وبلدنا.
الذي حدث أن الجهات المعادية للبحرين في الخارج، كبعض منظمات حقوق الانسان وحتى منظمة العفو الدولية، كانت تستخدم مقالاته باعتبارها دليلا اكيدا على مزاعم الظلم في البحرين.
غير ان ما قاله في هذه المقابلة التلفزيونية يمثل تحولا مهما في مواقفه، ومن الواجب ان نشكره على شجاعته في إبداء هذه المواقف.
وينطبق هذا الكلام في الحقيقة على عديد من الكتاب الآخرين الذين سمحوا لأنفسهم بأن ينساقوا وراء المعلومات الكاذبة والمضللة التي دأبت القوى والجهات المعادية للبحرين على ترديدها يوميا في الصحافة الغربية.
وعندما يتساءل فيسك: هل نعتزم نحن في الغرب ان نقدم لهم العدل الذي يتطلعون اليه؟ فإن هذا يعني مباشرة انه آن الأوان لأن يصحح الغرب مواقفه تجاه العديد من قضايا المنطقة، كالقضية الفلسطينية وكشمير ولبنان، وكثير من القضايا الأخرى.
ويلاحظ فيسك عن حق ان العدل هو ما تتطلع اليه شعوب المنطقة، لكن هذا العدل يمكن ان يتحقق عن طريق المشاركة والصبر والانخراط في حوارات وطنية بناءة من دون شروط مسبقة، ومن دون وصاية دينية، كما يحدث عندنا هنا في البحرين.
وبشكل عام، الذي نتمناه حقا من اجهزة الاعلام الغربية حين تقوم بتغطية الاحداث والتطورات التي تشهدها البحرين، هو ان تتأنى وان تبذل مزيدا من الجهد كي تتقصى الحقيقة فعلا، وكي تعرض الوقائع والحقائق بشكل منصف من دون تشويه، بدلا من ان تنساق وراء المعلومات المضللة والاحكام الظالمة المسبقة التي تروج لها الجهات المعادية للبحرين في الخارج.
.