أتحسر على البحرين
 تاريخ النشر : الأحد ١ أبريل ٢٠١٢
صلاح فؤاد عبيد
قبل أيام، أعلنت شركة (مبادلة للتنمية) المملوكة بالكامل لحكومة أبوظبي أنه «سيتم تصنيع أول طائرة ركاب في الإمارات في غضون ١٠ سنوات. وقال نائب رئيس أول وحدة لصناعة الطيران في الشركة (بدر سليم) إنه سيتم تصنيع الطائرة بالتعاون بين جهات محلية تابعة لـ (مبادلة) وجهات عالمية أخرى. وأضاف أن (مبادلة) دخلت بقوة حاليا مجالات صناعة أجزاء الطائرات وصيانتها وتصليحها، إضافة إلى تدريب الطيارين، كما أنها تدعم حاليا وتطوّر المهارات والكفاءات المحلية العاملة في مجال صناعة الطيران. وأكد أن الإمارات تعتبر حاليا شريكا أساسيا للدول المتقدمة في مجال الصناعات المرتبطة بالطيران، وأن الدولة عازمة على مواكبة الجيل الجديد من تكنولوجيا الطيران، لافتا إلى أن (مبادلة) لا تسعى إلى الاستثمار في تكنولوجيا قديمة أو حالية بل إلى تكنولوجيا مستقبلية تعتمد عليها الصناعة خلال السنوات المقبلة. وأوضح خلال المؤتمر الصحفي لإعلان انعقاد (القمة العالمية لصناعة الطيران) في أبوظبي في ١٦ إبريل الجاري أن إجمالي استثمارات (مجمع العين لصناعة الطائرات) الذي بدأ إنشاء مرحلته الأولى يبلغ ١٠ مليارات دولار، وأن المرحلة الأولى من المجمع ستنتهي عام ٢٠١٥ لتبدأ بعدها المرحلة الثانية التي تستهدف استقطاب الشركات الصغيرة والمتوسطة في صناعة الطيران، بهدف جعل أبوظبي مركزا عالميا لصناعة الطيران في العالم» انتهى.
أقول: تخطط دولة الإمارات بشكل صحيح جدا وغاية في الإبداع وتنفذ ما تخطط له للانتقال من اقتصاد النفط إلى اقتصاد ما بعد النفط، عبر تنويع مصادر الدخل اعتمادا على جملة من المنتجات، منها الخدمية، ومنها السلع الاستهلاكية، ومنها الصناعات التكنولوجية المتقدمة، وهي بدخولها ميدان صناعة الطائرات تكون قد ولجت القرن الحادي والعشرين من أكثر أبوابه تقدما وريادة، وستضمن لنفسها فيه موطئ قدم بين الكبار في عالم لم يعد يعترف إلا بالكبار.
كم أتحسر على البحرين وأنا أراها تفرط في أهم فرصة لها في ولوج عالم الكبار، وأعني بذلك عدم استغلال إنتاجها الكبير من معدن الألمنيوم في إقامة صناعات تكنولوجية عملاقة تعتمد على هذا المعدن بالدرجة الأولى، مثل صناعة السيارات أو صناعة الطائرات التي يدخل الألمنيوم في معظم مكوناتها الثقيلة وبالذات منها الهياكل والمحركات ونواقل الحركة والعجلات وأجهزة التبريد والتدفئة وغيرها من المكونات المهمة جدا في تلك الصناعات، وخصوصا أننا نمتلك معظم مقومات نجاح تلك المشاريع، ومنها ــ فضلا عن المادة الخام الأساسية وهي الألمنيوم ــ صناعات البتروكيماويات والزجاج والبلاستيك وغيرها، إضافة إلى توافر اليد العاملة الرخيصة نسبيا مقارنة بدول الجوار، والتي يمكن تدريبها وتوفير الفرص والدعم لها لإنشاء صناعات صغيرة مكملة، من قبيل ورش تصنيع المكونات الصغيرة وقطع الغيار والصيانة والإصلاح فيما بعد البيع.
لو أنه تم ردم البحار من أجل تشييد جزر صناعية تحتوي على مثل تلك المشاريع الحيوية للبلاد والعباد لكان خيرا ألف مرة من ردم البحار والقضاء على الثروة السمكية التي اشتهرت بها البحرين على مدى آلاف السنين من أجل مشاريع إسكانية خاصة مرفهة ينتفع منها الأجانب ويتملكونها ولا يستفيد منها المواطن البحريني شيئا لا في حاضره ولا في مستقبله.
أتمنى ألا تكون (رؤية البحرين ٢٠٣٠) خالية من مشاريع كهذه، وإن كنت أظنها بالفعل خاوية منها، لأنه لو كان هناك توجه نحو إنشاء مثل تلك المشاريع العملاقة لرأينا بوادرها ظاهرة للعيان منذ سنوات، لكننا حتى هذه اللحظة لم نسمع جعجعة ولم نر طحنا ولا هم يحزنون!
salah_fouad@hotmail.com
.
مقالات أخرى...
- لو كانوا يدركون أهميتها - (31 مارس 2012)
- مواقفها تكشف نواياهائو - (30 مارس 2012)
- بل بيعها الفوري الكامل - (28 مارس 2012)
- الكلاب أهم! - (24 مارس 2012)
- ارحموهم يا مؤمنون - (23 مارس 2012)
- احذروا السلع المقلدة - (21 مارس 2012)
- ولماذا الإبقاء عليها؟! - (17 مارس 2012)
- انتبهوا.. أنتم مراقبون! - (16 مارس 2012)
- لعبة العميل المزدوج - (13 مارس 2012)