ممثلو الشعب: هل فعلا يدركون ما يمر به وطننا؟
 تاريخ النشر : الأحد ٨ أبريل ٢٠١٢
فوزية رشيد
} حتما ممثلو الشعب في البرلمان يدركون حقيقة ما تمر به البحرين من مخاطر وتهديدات داخلية وخارجية، هي من العيار الثقيل، وحيث تبعات الأزمة الماضية لاتزال تجتد ذيولها، بل قادة «الحراك الانقلابي الطائفي» يحاولون اعادة الجميع الى المربع الأول، عبر تصعيد الارهاب في الشارع، واستنزاف البحرين في كل المناحي.
وهذا يطرح سؤالا:
أولا: هل هناك فرق بين العلم بالمخاطر والتهديدات الكبيرة وبين الوعي الكامل بها الذي يستوجب ترتيب أولويات إثارة القضايا في المجتمع خاصة بالنسبة إلى ممثلي الشعب؟ نقول: هناك فرق كبير بين العلم بالشيء، وبين الوعي الكامل به وبما يستوجبه من عمل، فالعلم بالشيء بإمكانه أن يجعل الإنسان محايدا فعلا في موقفه من الأحداث، فيما الوعي بالحدث يملي تغيير طريقة التفكير وطريقة العمل لتتناسبا مع حجم المخاطر والتحديات المحيقة بالوطن، وبما يضع أولويات جديدة لإطار العمل البرلماني تحديدا.
سؤال ثان: اذا كان النواب أو ممثلو الشعب على وعي بما يحدث حولنا، وكونهم يمثلون هموم وقضايا هذا الشعب المؤرق بما يحدث في وطنه، فلماذا وفي هذه المرحلة الخطرة لا يحددون أولوياتهم حسب (الأهمية الوطنية) تحديدا؟
ولماذا ينجرون وراء قضايا تفرق الناس ولا تجمعهم، وتشتت تفكيرهم ولا توحده؟ حتى ان كان بعضهم يرى أهمية ما يطرحه، لندخل مجددا في مسألة الوعي التي وحدها تحدد الأهم، فالمهم.
} لماذا تتم (شخصنة) الأدوات الدستورية كما سجل بعض النواب أنفسهم ممن امتنع عن التوقيع في طلب مساءلة الشيخة (مي) وزيرة الثقافة في مجلس النواب أو بعث إلى الملك المفدى عريضة لإقالتها؟
لماذا يضعون في الساحة البحرينية المتفجرة أصلا، قنابل عراكات جانبية تدور فيها الاختلافات ووجهات النظر على أرضية الضغوط والاستهداف لفاعلية «ربيع الثقافة» وشخص الوزيرة نفسها، وعلى خلفية الملاسنات والمزايدات على حب أهل المحرق وعلى «تقوى» جد الوزيرة بما يعطي إيحاءات أخلاقية غير جائزة في مجلس النواب وفي استجواب الوزراء بشكل عام، وهو تحديدا ما أوضحه المستشار (محمد آل بن علي) حين ساق حججه المنطقية قانونيا بأن الوزيرة (لم تهن النواب ولا الشعب، وانما أهانها النواب) مما يغنينا عن سرد ما قاله؟ وفي نظرنا هو الأكثر منطقية، بين كل ما قيل في حدث جلسة النواب يوم الثلاثاء الماضي، ولذلك لن ندخل في الجدل العقيم مجددا حول من أخطأ، ومن استفز الآخر، ومن أهان، فالأخطاء واردة من الجميع، وجل من لا يخطئ.
} «ربيع الثقافة» لم يتم استهداف فعالياته المتنوعة هذا العام فقط، ولكن منذ أن بدأ وبعض وجوه التيار الإسلامي الذين نحترمهم يختلقون الحجة تلو الأخرى لإيقافه ومنذ سبع سنوات. من حقهم أن يعبروا عن رأيهم وعن موقفهم، ومن واجبنا احترام وجهات النظر المختلفة، ولكن كما قلنا في مقال كتبناه سابقا، بل عدة مقالات سابقة تعليقا على الموقف من (ربيع الثقافة)، ليس من حقهم فرض رأيهم بالقوة، أو بتجييش العواطف، وفيه مثال أخير حول حب الوزيرة للمحرق ولأهل المحرق، فتحديدا الشيخة مي لا يمكن لأحد أن يزايد على حبها للمحرق ولأهلها، لأنها بالأصل ليست فقط عاشقة لهذه المدينة وكل مدن البحرين، وانما هي متيمة عشقا بها وانجازاتها في ذلك تتحدث.
} أن تكون ممثلا للشعب يعني أن تمثل اتجاهاته وأطيافه وايديولوجياته كافة، وأن تسعى وراء تحقيق مصالحه من دون تفرقة أو تمييز، أما أن تدخل البرلمان لتفرض اتجاها واحدا سواء كان سياسيا أو ايديولوجيا، الذي هو اتجاهك كفرد أو كتيار، فبذلك فأنت تمثل نفسك فقط ولا تمثل شعبك المتعدد المشارب والمتنوع الاتجاهات والأذواق والأفكار.
أن تكون ممثلا للشعب يعني أن تدرك جيدا ما يمر به الوطن من أطوار وتطورات وتحديات، وما يواجهه من مخاطر وتهديدات خاصة في الوقت الراهن، فتضع أولويات ما تثيره من قضايا، وما تحشد له، بناء على ذلك الأساس، وبما يمثل تطلعات الشعب وقضاياه أيضا، وبما يوحد الناس في التركيز في الدفاع عن وطنهم، بحيث لا يضع أمامهم قضايا ومشاكل فيها من (الشخصنة) لفرد أو تيار، أكثر مما فيها من عمومية القضايا التي تهم الناس كافة وليس فقط فئة بينهم، وبحيث لا يسهم في تقوية طرف يعبث بالوطن وتسعده خلافات من يقف في وجهه.
} الشيخة «مي» التي لها الكثير من الانجازات المعروفة، هي وحدها من حاول معالجة آثار الهجمة الشرسة على البحرين وتشويه صورتها وسمعتها عبر الثقافة ومشاربها المختلفة، وحيث اختيار البحرين عاصمة للثقافة ٢٠١٢، جعلها تفكر في كيفية استغلال هذه المناسبة التاريخية بالنسبة إلى البحرين، لتضع أمام العالم كله صورة البحرين (الآمنة والمستقرة) في مواجهة الصورة السلبية التي يروجها المتطرفون والانقلابيون عن بلدهم باستمرار، فإن كان لدى (الأصالة) أو (المنبر) أو غيرهما مآخذ مثلا على (بعض) الفعاليات، فليس طريق الإقناع بها سواء للوزيرة أو لأصحاب وجهات النظر الأخرى المخالفة لهم، هو الفرض بالقوة، أو بالضغوط من خلال التحشيد أو التجييش أو الإساءة إلى شخص الوزيرة أو الإساءة إلى سمعتها، أو قصدية مهاجمتها واستفزازها وحصارها، حتى تفقد أعصابها من تكرار الضغوط والتحشيد ضد «ربيع الثقافة» وضدها.
ليس من المنطق بشيء أن يقوم بذلك نواب في مجلس الشعب، وفي وقت تعاني فيه البحرين ما تعاني، وبما يؤدي الى التفرقة بين شرفاء هذا الوطن بإدخالهم في قضايا جانبية أمام التحديات الكبيرة خلال هذه الفترة تحديدا، وبما يسهم في تمزيقهم وإضعافهم وشد أنظارهم لجهة أخرى وتشتيت إرادتهم في الوقت الذي يعمل الطرف (الانقلابي) على تصعيد هجمته الداخلية واستنزافه للوطن.
هل يعقل هذا؟ ولماذا تحديدا مثل هذه القضايا في مثل هذا الوقت؟ وهل للمسألة صلة بالوعي وقيادة الوعي كما قلنا؟
.
مقالات أخرى...
- كتاب «حرب اللاعنف في البحرين»: بعض الملاحظات السريعة - (5 أبريل 2012)
- لماذا السعودية في قلب الاستهداف؟ - (4 أبريل 2012)
- المنظمات الدولية تستهدف اليوم أهل السنة في البحرين والخليج (٢-٢) - (3 أبريل 2012)
- المنظمات الدولية تستهدف اليوم أهل السنة في البحرين والخليج - (2 أبريل 2012)
- هل هو افتراء؟ - (1 أبريل 2012)
- الطائفية حين تتجلى في أبشع صورها - (29 مارس 2012)
- قصة الطفل «عمر» تختزل القصة الكبرى - (28 مارس 2012)
- «الوفاق» والعنف خطان متناغمان - (27 مارس 2012)
- لا مصالحة مع الإرهاب أو مع من يتبناه - (26 مارس 2012)