} من دون لف ودوران هؤلاء (انقلابيون) ونقطة على السطر. ولا يهمنا في المحاولة الانقلابية شق الوفاق وأتباعها التي تدعي العمل السياسي أو الشق الآخر المليشياوي فهما معا يمارسان عملية استنزاف يومي للبحرين عبر الاعتماد على أعمال الشغب والعنف والتخريب التي توضع معا في خانة إرهاب الشوارع أو العصابات، وحيث الوفاق وأتباعها ومشتقاتها يوظفون ذلك الإرهاب الشارعي داخليا وخارجيا وفي كل المجالات باعتباره حراكا سلميا رغم انكشاف اللعبة، وكلاهما الشق الوفاقي وأتباعه والشق المليشياوي والإرهابي وجهان لعملة واحدة يسند أحدهما الآخر ويسعفه في عملية الاستنزاف اليومي للبلد، وهدفهم ضرب كل شيء فيه وانهاكه أمنيا وسياسيا واقتصاديا ومخابراتيا حيث وضعت الوفاق مؤخرا غرفة عمليات لإدارة التخريب طبعا، وخبر الغرفة من مرآة البحرين، وبما يسهم في المزيد من خلخلة السلم الأهلي فيما الرافد لوجهي العملة الواحدة هو رافد إقليمي ودولي كما هو معروف في محاولة عبثية لاستكمال ما فشلوا فيه انقلابيا، وما أفلسوا فيه سياسيا ومرارا قلنا ونعيد هؤلاء حتى لو تحولت البحرين إلى المدينة الفاضلة فإنهم سيواصلون سعيهم الذميم لتدمير الوطن ومحاولة بث الفوضى والإرهاب فيه لأنهم ببساطة مرتبطون بأجندة تحركهم، وهم بمثابة الخلايا السرطانية لا يفيد معهم مسكنات التسامح أو التصالح، وإنما هم بحاجة إلى حلول جذرية توضع لكل من ينشز عن الحالة الوطنية الطبيعية في العلاقة بالوطن وبالشعب، فهم شئنا أم أبينا انقلابيون يريدون أولا وثانيا وعاشرا الاستحواذ على السلطة طائفيا وتوجيه سفينة البحرين ودفتها في اتجاه الشمال أو أرض تصدير نظرية الولي الفقيه.

} المسألة اليوم لم تعد أن نكتشف اللعبة أو المخططات أو المشروع الأمريكي أو المشروع الصفوي الذي يلعب بالعامل الشيعي في البحرين والخليج، فاللعبة باتت مكشوفة ومفضوحة تماما، ووسائلها معروفة بل حتى اللعابون فيها مكشوفون، وبالتالي فإن اللعب بدوره مكشوف والوعي الشعبي بلغ درجة كبيرة خلال عام واحد مضى بكل ذلك، بل ان أطراف اللعبة سواء أدوات الانقلاب الفاشل في فبراير ٢٠١١ الذين بسبب الفشل تحولوا إلى سيناريو آخر هو أن يكونوا أدوات استنزاف ومعها المحرك الصفوي الإقليمي والمحرك الأمريكي يقولون (ها نحن نلعب بكم.. أرونا ماذا أنتم فاعلون).

} أمام مشهد تحول فشل الانقلاب إلى سيناريو استنزاف يومي وخاصة للداخلية وللأمن وللاقتصاد والسياحة لإعادة وتسهيل الانقلاب بشكل تدريجي حتى إسقاط النظام بحسب الوهم المسيطر على رؤوسهم معا فإن المسألة هي ماذا نحن فاعلون؟ أو كيف ستواجه البحرين ودول الخليج العربي (المهددة في ذات الإطار من التهديدين الإقليمي والأمريكي) هذه اللعبة القذرة والتحالف الغادر بين أدوات الداخل ومحركات الخارج؟

كيف من المفترض التعامل مع مجموعة من الانقلابيين (وجهي العملة الواحدة كما قلنا) التي أنهكت أيضا الطائفة التي تنتمي إليها وهي تجر من ينقاد خلفها إلى استنزاف وطنهم لصالح قوى خارجية؟ لماذا لا تتم التفرقة على مستوى الردع والعقاب أولا يتم الفصل بين الطائفة والمجموعة المتآمرة التي تختطف تمثيل الطائفة، بحيث يكون العقاب رادعا لكل المحرضين والقيادات التحريضية سواء الدينية أو السياسية أو من يدير إرهاب الشارع من دون أن يعني ذلك عقابا للبقية وهم الغالبية والكثر؟

هذا ما قلناه بعد الأزمة بقليل وأعدناه مرارا أن لابد من حصار هذه الفئة وردع المحرضين على الفكر الانقلابي، واليوم يضاف إليه بقوة (الفكر الاستنزافي) وعدم الانسياق من جانب الدولة وراء مصطلحات ومفاهيم هذه الفئة التي تزور حراكها الانقلابي والعنفي تحت غطاء شرعية الوفاق التي نرى سحب الشرعية هذه عنها، وتتستر خلف ما تسميه أنه حراك مطلبي وسياسي، فأوراق اللعبة باتت مكشوفة ويجب التعامل معها أيضا بشكل مكشوف من دون وهم من الدولة بأن معاقبة هؤلاء المتطرفين تعني معاقبة الطائفة كلها.

} لماذا تقف الدولة في موقع الدفاع عن النفس حتى الآن كأنها مصدقة لأكاذيبهم وتأويلاتهم لما يحدث فيما هم يلعبون مباشرة على استنزاف بلادنا بكل ما أوتوا من قوة وحيلة واستقواء بالخارج؟ لماذا لا تضع الدولة النقاط على الحروف حالها حال كل الدول المتقدمة ذاتها كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها حين يكون الأمن والاستقرار هما على محك الاستهداف؟ فما بالنا بالاستنزاف اليومي لهذه الجماعات أو العصابات التي تمارس العنف والتخريب ولعبة المسيرات الدائمة التي بدورها سرعان ما تتحول إلى انفلات أمني؟

} لعبتهم الأساسية هي إضعاف الوطن لإنهاك النظام وخلخلة أمنه واستقراره، وإعاقة التنمية الطبيعية والاقتصاد والسياحة، واستغلال الحرية والديمقراطية، وعرقلة الحياة الطبيعية للناس، وضرب كل الفعاليات حيث مع كل فعالية يتصاعد العنف والتخريب، وهذا ما يحدث اليوم بخصوص الفورمولا، وتشويه سمعة البلاد وصورتها بكل الطرائق، واستغلال المنابر الدينية والسياسية للتحريض، واستغلال الأطفال والنساء والوفيات، واستمرار التدريب، والتعاقد مع أنظمة دولية آخرها روسيا كأنهم دولة داخل الدولة، واستفزاز المكونات الأخرى، والعمل ضد الاتحاد الخليجي، والتزييف الإعلامي والسياسي والحقوقي، واستغلال كل آليات التواصل الاجتماعي الإلكتروني، ومؤخرا شكلت الوفاق غرفة عمليات لإدارة استنزاف الدولة عبر العنف وليس لمتابعة حالة الخواجة، وغير ذلك كثير مما لا يتسع له المجال، ولكنه جميعه يصب في معركة استنزاف خطرة للبحرين بدأوها مع بداية الأزمة بكثافة وخمدوا بعدها أثناء السلامة الوطنية، ليعاودوا مع انتهائها رويدا رويدا حالة الاستنزاف مجددا، والغطاء الشرعي لكل ذلك جمعية الوفاق التي بلغ بها جنون العظمة مبلغا مرضيا خطرا، وأسهم للأسف في استشراء جنونها مهادنة الدولة لها لتسقط جنونها ليس على الدولة وحدها وإنما على كل فرد في هذا الشعب. ألا يكفي كل ذلك وغيره مما تعرفه الدولة ويعرفه الشعب أن يتم التفكير جديا في محاسبة ومعاقبة كل من يستغل الحريات والديمقراطية لاستنزاف الوطن ولاتخاذ موقف لا حياد فيه ولا رجعة عنه؟

} هذه المعركة الاستنزافية المتلونة والمتحولة التي كل مرة تأخذ شكلا تصاعديا أخطر والتي بدأت منذ الثمانينيات حتى اليوم لن تتوقف أطرافها عن اللعب بوطننا طالما أن الأدوات الداخلية متروك لها الحبل على الغارب، ولن يفيد في ذلك إلا الردع الحاسم وبكل أدواته الدستورية والقانونية بل الحقوقية التي أصبحت فيها إصابات رجال الأمن متكررة من دون توقف، وتعطيل مصالح الناس حالة يومية، وحين يكون حق التجمهر وحرية التعبير مقرونا بالعنف والتخريب والإرهاب اليومي لم يعد كل ذلك ممارسة سياسية وإنما أصبح استنزافا كما قلنا للوطن في كل مناحيه وباستقواء بالخارج، ولن يتوقف الخارج عن الدعم طالما أن الأدوات الداخلية مستمرة في لعب لعبة الفوضى والتخريب طالما أن الدولة لا تحسم اللعبة الخطرة معها. وهنا فإن الإرادة السياسية مطلوبة من الدولة لإضعاف هؤلاء وضربهم بقوة فلا يعود لدى الخارج الإقليمي والدولي ما يلعب عليه، وعلى الدولة أيضا أن تكون ردودها حاسمة ودقيقة في مواجهة تلاعب الانقلابيين بالوطن والاستخدام الخارجي لهم قبل أن تفلت الأمور تماما، أما المطالب السياسية وغيرها فمشروع الإصلاح مستمر بما يتوافق عليه الشعب كله.