الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤١ - الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٣ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


الفورمولا ١ والتحدي الوطني





ليس جديدا القول بأن الفورمولا ١، هو من أهم المشاريع الاستراتيجية في البحرين.

هو مشروع وطني كبير بامتياز، ومردوده يتعدى بكثير جدا مجرد منافع أو مكاسب مالية. هذا المشروع يضع البحرين على خريطة الاهتمام العالمي الايجابي، ويقدم صورة حضارية عنها وعن مجتمعها وانجازاتها.

هذا بشكل عام.

لكن شاءت الظروف ان يأتي تنظيم السباق في البحرين هذا العام ليمثل أهمية استثنائية خاصة، وتحديا وطنيا من زوايا كثيرة.

نعرف ان سباق هذا العام يأتي بعد فترة عصيبة مرت بها البلاد بما شهدته من أحداث طائفية. هذه الأحداث كما نعلم تسببت في دمار هائل حل بالاقتصاد الوطني، وتركت آثارا غاية في السلبية على صورة البحرين وسمعتها العالمية التجارية والاستثمارية، والتي كافحت طويلا وعبر عقود من اجل بنائها.

ويأتي سباق هذا العام في وقت تجاهد فيه البحرين من اجل الخروج من الأزمة، ومن اجل محاولة معالجة آثارها السلبية الكثيرة على كل المستويات.

ولهذا، فان سباق هذا العام ليس مجرد حدث رياضي مهم. مغزاه وأهميته تتعدى هذا بكثير. تنظيم السباق ونجاحه أصبح بحد ذاته رمزا لقدرة البحرين على تجاوز الأزمة، وعلى العمل على تصحيح صورتها في الخارج، بما يعنيه ذلك من دفعة جديدة للاقتصاد الوطني كله، واستعادة ثقة العالم الخارجي.

على ضوء هذا، كان من المفترض بداهة ان تتكاتف كل قوى المجتمع بلا استثناء، السياسية وغير السياسية، من اجل إنجاح هذا الحدث الوطني الكبير المهم.

كان من المفترض هذا على أساس ان نجاح الفورمولا١ هذا العام ليس أمراً يخص الحكومة أو الجهات الرسمية المنظمة وحدها، وإنما هو أمر يخص المجتمع كله ويخدم المصلحة الوطنية العامة بغض النظر عن أي خلافات سياسية.

وكان من المفترض ان يكون من يسمون أنفسهم المعارضة في مقدمة من يحرصون على إقامة السباق ومن يعملون من اجل إنجاحه، في الداخل والخارج.

كان من المفترض ان يفعلوا هذا وان يفكروا على هذا النحو لو كانوا حريصين على المصلحة الوطنية العامة فعلا، ولو كانوا قوة بناءة يهمها فعلا ان يتعافى الوطن.

كان من المفترض ان يفعلوا هذا على الأقل كي يثبتوا للداخل والخارج أنهم قوة وطنية فعلا وليست قوة طائفية، وكي يثبتوا أنهم حريصون على مصالح الوطن بكل قواه وفئاته وليس على مصلحة طائفية أنانية ضيقة.

لكن الذي حدث للأسف الشديد كما نعلم ان هؤلاء الذين يسمون أنفسهم المعارضة اتخذوا موقفا لا يمكن ان تأخذه أي معارضة وطنية في أي بلد في العالم إزاء ظرف أو حدث وطني مثل هذا.

كما نعلم، هؤلاء شنوا حربا بمعنى الكلمة على تنظيم الفورمولا١ في البحرين، وبذلوا كل جهد لديهم من اجل محاولة إفشال هذا الحدث الوطني.

هم لم يكتفوا بحملة التشويه للبحرين في الخارج ومن الدعوات الصريحة لعدم تنظيم السباق، بل يكثفوا عمليات العنف والتخريب في الداخل كي يحاولوا إظهار عدم استقرار الأوضاع في البلاد.

إن ما يفعله هؤلاء هو، بأخف التعبيرات، عمل من أعمال الغدر بالوطن وبالمصلحة الوطنية العامة.

وبسبب ما فعله هؤلاء، أصبح لنجاح سباق الفورولا١ معنى إضافيا آخر.

أصبح نجاح السباق رمزا لرفض هذا الغدر بالوطن ومصلحته.. أصبح رمزا للإصرار الوطني العام على رفض إرادة التخريب، وإعلاء إرادة البناء.. أصبح نجاح السباق رمزا لقدرة البحرين على إثبات زيف كل دعاوى الذين شككوا في قدرتها على تنظيم السباق في الداخل والخارج.

نقول هذا كي ندعو كل القوى الوطنية الشريفة، وكل المواطنين بكل انتماءاتهم ومواقفهم أيا كانت، الى ان يتكاتفوا من اجل انجاح سباق الفورمولا١، وكي يخرج بأفضل صورة ممكنة، وان يبذل كل فرد بلا استثناء أي جهد يستطيعه في هذا السبيل.

هذه مهمة وطنية اليوم.

يجب ان يدرك الكل أن نجاح الفورمولا ١ هذا العام، سوف يعني الكثير جدا بالنسبة إلى البحرين.. سوف يعني انتصارا للإرادة الوطنية على إرادة الإرهاب.. سوف يعني ان البحرين قادرة على تجاوز الأزمة وعلى إعادة بناء ما خربه الطائفيون.. سوف يعني استعادة ثقة العالم وتبديد كل الصور السلبية التي حاول الكثيرون ترسيخها في الخارج عن البحرين في الفترة الماضية. ونجاح السباق سوف يفضح هؤلاء الذين أرادوا إفشاله ولم يترددوا في تشويه صورة الوطن وفي استعداء العالم عليه.

نجاح الفورمولا١ هو تحد وطني، سوف تثبت البحرين حتما أنها قادرة على مواجهته.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة