تجديد في دماء «حمامات السلام»!!
 تاريخ النشر : الاثنين ١٦ أبريل ٢٠١٢
لطفي نصر
تابعت مسيرة مجلس النواب منذ بدايتها في عام (٢٠٠٢م) من دون انقطاع.. مضى فصلان كاملان.. ونقترب الآن من نهاية النصف الأول من الفصل التشريعي الثالث.. وكنت أرى في كل دور انعقاد نوابا أفاضل ممن يعرف عنهم أنهم «حمامات السلام».. وهم الساعون دوما إلى نشر الصفاء والوئام، وكل ما يضمن سلامة المسيرة على الدوام.. يبذلون قصارى جهودهم إذا ما لاح في الأفق أن هناك ما يعكر الصفو، أو ينذر بالتصدع والشقاق.. عارفين ومدركين أن الذي سوف يدفع ثمن تعكير الصفو من تحت القبة هو المواطن بالدرجة الأولى.
و«حمامات السلام» في مسيرة مجلس النواب -وكان على رأسهم دائما الشيخ عادل عبدالرحمن المعاودة نائب رئيس مجلس النواب- يقومون بأدوارهم الساعية إلى الخير علانية وعلى مرأى من الجميع تارة.. ومن خلف الستار أو في الخفاء تارة أخرى.. وقد لعب الشيخ المعاودة أدوارا في غاية الأهمية في مرحلة التصدعات الصعبة في الفصل التشريعي الثاني.. حيث كانت هذه التصدعات الكثيرة بالدرجة التي كانت تنذر بالخطر بسبب نشاط كتلة نواب الوفاق، التي عادة ما تترك العنان لممارساتها والتي كانت تسير في الطريق المعاكس في الأعم الأغلب!
وقد رأينا في الأزمة الأخيرة التي حدثت في مجلس النواب.. وأقصد بالضرورة هذه المعركة الحامية الوطيس التي وقعت بين وزيرة الثقافة ونواب المنبر والأصالة، قد غاب عنها -للأسف الشديد- الشيخ عادل المعاودة.. أقصد أن شيخنا الجليل تخلى عن دوره في هذه الأزمة، ومعها أزمة استجواب الوزيرة.. أي أنه قد تخلى عن دوره المعتاد.. كـ «حمامة سلام».. وقد كان في غير مقدوره أن يقوم بهذا الدور.. حيث إنه من الصعب جدا أن يكون الخصم حكما.. فقد كان الشيخ عادل ضمن الفريق الذي أعلن خصامه للوزيرة رغم أنه لم يشهد المعركة، حيث جاء إلى الجلسة في نهايتها تقريبا!
ونظرا إلى أنه من الخير دائما إرجاع الفضل إلى أهله.. فإن من لعب دور «حمامة السلام» في أزمة وزيرة الثقافة.. ومعها أزمة استجواب الوزيرة.. أو من قام بالدور الكبير في تسوية هذه الأزمة.. أو من قام بالدور كله.. هو بكل تأكيد السيد عبدالله بن خلف الدوسري النائب الأول لرئيس المجلس.. فهو الذي لم يدخر جهدا.. وهو من قام بدور مكوكي مكثف بين أطراف السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعلى رأس من التقاهم بالضرورة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء.. حيث زاره.. ودعاه إلى زيارة المجلس.. وهدأ من روع النفوس الغاضبة.. وهيأ كل الأجواء وحشد كل المؤيدين لمسعاه الخير.. حتى تحقق ما أراده كل الخيرين.. وسقط الاستجواب!
}}}
من بين القرارات المهمة التي صدرت عن مجلس النواب خلال الأيام القليلة الماضية هو هذا القرار الخاص بإلغاء المحور الأول من عمل لجنة التحقيق البرلمانية في تمديد الدوام الرسمي ومخرجات التعليم الأساسي والثانوي في البحرين.. وتغير مسمى اللجنة لتقتصر على مسألة تمديد اليوم المدرسي.
وقد جاء هذا القرار بناء على طلب من أعضاء اللجنة أنفسهم.. حيث كان المحور الأول (الملغى) يقوم على أساس «ضرورة تحقق اللجنة من مدى ضعف المخرجات التعليمية الأساسية والثانوية في نوعيتها، ومدى مواءمتها برامج التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، ثم التأكد من القيام بإصلاحات جذرية للحقل التعليمي في البحرين، بما في ذلك تحديث المناهج الدراسية وتطويرها بما يتناسب مع سوق العمل، واستدراك أي قصور في تدريب الكوادر التعليمية وفق برامج وسياسة علمية ومنظمة تخدم العملية التعليمية في البحرين».
والحق يجب أن يقال إن هذا اللجنة الموقرة بأعضائها الموقرين هي التي كانت قد ورطت نفسها وحفرت لنفسها ما كانت سوف تغرق فيه خمس سنوات على الأقل.. وهي التي أنقذت نفسها من هذا الغرق قبل أن تورط نفسها وتقضي نحبها!
الحقيقة أنا نفسي فوجئت بوجود هذا المحور في مهمة اللجنة الموقرة.. بينما كان المتفق عليه منذ البداية أن تكون مهمة اللجنة هي النظر في مدى استعداد وزارة التربية لتطبيق مشروع تمديد اليوم المدرسي.. وكانت اللجنة مجرد أداة انتقامية من وزير التربية والتعليم الذي تجرأ وأمر بالسير قدما في تطبيق المشروع رغم رفض أغلبية النواب له.. بينما الحقيقة كلها أن مشروع تمديد الدوام المدرسي وقرار السير فيه هو قرار لمجلس الوزراء مجتمعا وليس قرارا لوزير التربية والتعليم!!
وسقط المحور الأول.. والمحور الثاني لهذه اللجنة الموقرة مهدد بالسقوط.. لماذا؟.. لأن المشروع مطبق بالفعل منذ بداية الفصل الدراسي الثاني.. وهذا الفصل الثاني على وشك الانتهاء.. وسيبدأ الطلبة في التغيب عن مدارسهم مع أوائل الشهر المقبل، أي بعد أسبوعين على الأكثر. والنسبة الأكبر من كل أطراف القضية التعليمية والتربوية تؤكد أن المشروع طبق بنجاح ويأخذ طريقه نحو نجاح أكبر.. وقد كان كل ما يريده المجلس الموقر أن يبدأ تنفيذ هذا المشروع مع بدء العام الدراسي المقبل.. وها هو المشروع سيبدأ تنفيذه مع بداية عام دراسي جديد أكثر قوة وانتظاما ورضا بما لديه من رصيد ناجح من تجربة ناجحة عاشها الجميع على مدى الفصل الدراسي المدرسي الراهن.. رغم ما واكبها من توترات.. فالأمر كله ليس سوى حصة واحدة «زيادة» لم تكن تستحق كل هذه الضجة.. ولا حتى كل هذه اللجنة بمحوريها.. حتى ولا بمحور واحد!!
.
مقالات أخرى...
- «لسنا غافلين عما تتعرضون له» - (14 أبريل 2012)
- هذا السقوط... مكسب كبير للوطن! - (12 أبريل 2012)
- ترقيات الموظفين تحتاج إلى ضبط - (10 أبريل 2012)
- أوسمة على صدور رجال الأمن - (8 أبريل 2012)
- الكمين الذي نصبوه للوزيرة!! - (6 أبريل 2012)
- كيف لا يطبق قانون صدر منذ سنة؟!! - (2 أبريل 2012)
- أليس البادئ أظلم؟ - (31 مارس 2012)
- أوسمة على صدور سيوف الحق - (29 مارس 2012)
- ... من بين كل الاقتراحات بقوانين - (28 مارس 2012)