الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

في ظل تحفظ شوري بشأن تعارضه مع «إلغاء عقوبة حبس الصحفي»..

«الشورى» يتريث في تعديل المادة ١٦٨ من «العقوبات » ويعيدها إلى اللجنة





بعد أن وافق مجلس الشورى بصفة مبدئية أمس على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (١٥) لسنة ١٩٧٦ المرافق للمرسوم الملكي رقم (١١٩) لسنة ٢٠١١ بشأن إذاعة ونشر أخبار كاذبة والحق في حرية التعبير، قرر المجلس إعادة المادة ١٦٨ منه إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني لدراستها على أن توافي المجلس بتقريرها بشأنها في غضون أسبوع.

وفي تقريرها بشأن مشروع القانون، بينّت اللجنة أن التعديل المزمع إدخاله على القانون يهدف إلى تنظيم ممارسة الحق في حرية التعبير، إلى جانب رفع القيود التي كانت واردة على هذا الحق.

وذكرت أن المادة الأولى من مشروع القانون تضمنت استبدال المادة (١٦٨) والفقرة الأولى من المادة (١٦٩) من قانون العقوبات، حيث تناولت المادة (١٦٨) بعد التعديل عقاب من أذاع عمدا أخبارا مع علمه بأنها من الممكن أن تحدث ضررا بالأمن الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة متى ترتب على ذلك حدوث الضرر، وذلك بعد أن كان العقاب على من أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك اضطراب الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، بينما تناولت الفقرة الأولى من المادة (١٦٩) بعد التعديل معاقبة من نشر بإحدى طرق العلانية محررات أو أوراق أو صور مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير إذا كان من شأنها اضطراب السلم العام أو الإضرار بالصالح العام أو الثقة المالية للدولة، وذلك بعد أن كان العقاب على من نشر بإحدى طرق العلانية أخبارا كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة.

وتضمنت المادة الثانية من مشروع القانون إضافة مادة جديدة إلى قانون العقوبات برقم (٦٩ مكررا) تفسر القيود الواردة على الحق في حرية التعبير في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي، وعلى أن يعد عذرا معفيا من العقاب ممارسة الحق في حرية التعبير في هذا الإطار، واشتملت المادة الثالثة من مشروع القانون على إلغاء المادتين (١٣٤ مكررا) و(١٧٤) من قانون العقوبات.

مطالبات باستفتاء رأي المعنيين

من جهته، طالب النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو اللجنة باستفتاء رأي كل الجهات المعنية بمشروع القانون، ومنها جمعية الصحفيين، للاستئناس برأيها.

وأكد العضو خليل الذوادي أن مشروع القانون يتضمن تعديلا على درجة كبيرة من الأهمية وخاصة في ظل الازدياد المطرد في عدد وسائل الإعلام وتنوعها فضلا عن الزخم الكبير الذي باتت تشكله وسائل الاتصال الاجتماعي لافتا إلى أن ميثاق الشرف الذي أصدرته جمعية الصحفيين مؤخرا يشير إلى أهمية الاستعانة بآراء مختلف الجهات المعنية بمشروع القانون قبل إقراره.

وشدد على الأثر الكبير الذي ينتج عن الأخبار الكاذبة مستدلا على ذلك بخبر تناقلته وسيلة إعلام في دولة عربية مؤخرا، مفاده مرض رئيس الدولة فهبطت البورصة خلال دقائق وتأثرت الحياة الاقتصادية.

من جانبه، تساءل العضو د. عبدالعزيز أبل عن كيفية التعامل مع من ينقل الخبر عن مصادر معينة خاصة في ظل القاعدة المعروفة «ناقل الكفر ليس بكافر» مؤكدا أهمية التعديل الذي يضفيه مشروع القانون في ظل حساسية الوضع العالمي لكل ما يتعلق بحرية التعبير.

واستشهد على ذلك بأن تقرير بسيوني اعتبر بعض الممارسات تندرج ضمن حقوق الانسان وليست محلا للتجريم، بينما أصدرت محكمة أمريكية حكما اعتبرت فيه أن حرق العلم الأمريكي ضمن حرية التعبير.. الأمر الذي يؤكد أن حرية التعبير متفاوتة وهي أمر تقديري الأمر الذي يؤكد أهمية توخي الدقة والحذر لدى تقنينها.

إشادة بشجاعة الحكومة

واعتبرت العضو رباب العريض هذه التعديلات تنم عن «شجاعة» لافتة من قبل الحكومة و«يجب أن تقدر»، ذاكرة أن تفسير حرية التعبير في إطار مجتمع ديمقراطي سيخلق نوعا من الاجتهادات المحمودة التي ستسهم في تطوير المؤسسة القضائية.

وأيدها في ذلك رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني د. الشيخ خالد آل خليفة لافتا إلى أهمية إشراك وزارة حقوق الإنسان في تعديل هذه المواد.

وتنص المادة (١٦٨) التي تم إرجاعها إلى اللجنة على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تتجاوز مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أذاع عمداً أخباراً كاذبة مع علمه بأنها من الممكن أن تحدث ضرراً بالأمن الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة، متى ترتب على ذلك حدوث الضرر.

ويشترط في الأخبار الكاذبة والمتعلقة بإحداث الضرر بالأمن الوطني والمنصوص عليها في الفقرة السابقة أن تكون تحريضاً على العنف، أو من شأنها أن تحرض على العنف، وعلى أن يكون بينها وبين حدوث ذلك العنف أو احتمالية حدوثه رابط مباشر».

وعلى خلاف الآراء السابقة، رأت العضو جميلة سلمان أن تعديل هذا النص لا يخدم المصلحة العامة مشيرة إلى أن كل تعديل قانوني لابد أن يكون وليد الحاجة وما مرت به مملكة البحرين يستدعي وضع كثير من الضوابط ولكن التعديل المذكور يسيء للمصلحة العامة.

وأوضحت: أن نشر الأخبار الكاذبة من الجرائم الشكلية التي يتحقق بها الضرر بمجرد نشرها سواء علم الجاني أم لم يعلم بأن بث الأخبار الكاذبة سيحدث ضررا. والتعديل بصورته الحالية يعطي المتهم الضوء الأخضر ليدعي أمام المحكمة بعدم العلم. مضيفة أنه إذا كان الهدف من النص توسيع الحريات فلا يمكن اعتبار بث الأخبار الكاذبة من ضمن تلك الحريات.

واتفق كل من د. عبدالعزيز أبل ولولوة العوضي على ضرورة أن لا تشرع القوانين كردة فعل على ما يحدث في الشارع. وبينت العوضي أن تعديل المادة ١٦٨ جاء كرد فعل على توصيات «تقرير بسيوني».

وأضافت بقولها: «إذا كنا قد واجهنا أزمة فمعالجتها لا يجوز أن تتم بخلق أزمة أخرى..، وحتى في الدول الأوروبية هناك فرق بين الأخبار الكاذبة وحرية التعبير، وفي حالة إقرار المشروع فإن مجرد نشر الأخبار الكاذبة لن يجرم بينما ضرر الأخبار الكاذبة لا يقتصر على الأمن بل أن هناك أخبارا كاذبة في مجال الصحة قد تؤدي إلى مهلكة ونحن مجتمع صغير يكفي أن يقوم شخص فيه بنشر خبر كاذب ليحدث بلبلة».

وفيما أفادت رباب العريض بأن هذه المادة وردت ضمن فصل الجرائم الماسة بالأمن الداخلي للدولة مما يقصد منها منح مساحة واسعة للتعبير عن الرأي حتى لا يضار الناس من التعبير عن آرائهم، تساءلت عن الجملة الواردة ضمن التعديل «مع علمه بأنها من الممكن أن تحدث ضرراً بالأمن الوطني» لافتة إلى أن هذه تدخل في النوايا وسيكون من الصعب إثباتها.

وتعليقا على مقترح الدكتورة عائشة مبارك إضافة «بأي وسيلة من الوسائل» في إشارة منها إلى وسائل إذاعة ونشر الأخبار الكاذبة، أكد وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف أنه إذا لم يكن للوسيلة دور في التجريم يستوي أمام القانون كل الوسائل.. وبالتالي فإن الإضافة لا تضفي جديدا ما دامت الوسائل تتساوى أمام القانون.

وبين أن القانون لا يعاقب على الكذب المجرد، فهو وإن كان جريمة أخلاقية إلا أنه لا يندرج ضمن الجرائم المعاقب عليها قانونا إلا إذا اقترنت باستعمال وسائل احتيالية كإبراز مستندات منسوبة للغير.

وتعليقا على السؤال بشأن إشارة النص إلى «الأمن الوطني» وتركيزه عليه، ذكر الوزير أن كثيرا من الدول كانت تستغل هذه المسألة وتوسع من دائرة تقييد الحريات بحجة الإضرار بالأمن الوطني.

تناقض مع «إلغاء

حبس الصحفي»

ولفت العضو إبراهيم بشمي الانتباه إلى تناقض هذا النص مع مشروع قانون الصحافة الموجود في أروقة مجلس النواب، والذي ألغى عقوبة الحبس واكتفى بالعقوبات المالية. واقترح إعادتها إلى اللجنة ليتم استفتاء رأي الجهات المعنية فيها.

على الصعيد ذاته، وافق المجلس على تعديل الفقرة الأولى من المادة (١٦٩) وتنص على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية محررات أو أوراقا أو صوراً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير إذا كان من شأنها اضطراب السلم العام أو الإضرار بالصالح العام أو بالثقة المالية للدولة».

وفيما ذهب العضو محمد باقر رضي إلى أن هذه المادة تتضمن عقوبة الحبس بينما مسألة حبس الصحفي لا تزال مثار جدل، قال العضو عبدالرحمن جمشير إن إلغاء عقوبة الحبس لا يعني أن يترك الصحفي يصول ويجول على كيفه ولا يجوز ربط كل شيء بقانون الصحافة.

وتنص المادة الثانية من مشروع القانون على أن «تضاف إلى قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (١٥) لسنة ١٩٧٦ مادة جديدة برقم (٦٩) مكرراً نصها الآتي: تُفسر القيود الواردة على الحق في التعبير في هذا القانون أو في أي قانون آخر في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي وفقاً لمبادئ ميثاق العمل الوطني والدستور، ويعد عذراً معفياً من العقاب ممارسة الحق في حرية التعبير في هذا الإطار».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة