الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٣ - الاثنين ٧ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


لا يزال لدينا الأمل!





يبدو انه ما زال هناك من يركبون رؤوسهم، ويقعون فريسة لخيالاتهم، والإمعان في الاصرار على أن أي تنظيم عمالي عندما ينشأ فمن حقه أن ينشأ منبت الصلة بالدولة وقوانينها وأنظمتها، وأنه من حقه أن يصول ويجول ويعيث في الأرض فسادا من دون حق أي جهة في أن تسأله: ماذا يفعل؟

يرون أن التنظيم العمالي، هذا التنظيم الذي جمع بين دفتيه سواعد الوطن، وبناة صروح الخير أن يعلن عن الاضراب العام وشل حركة الحياة في الأرض، وتهديد اقتصاد الوطن ومقدراته. ومن حقه أن ينخرط في السياسة على غير ما يسمح به قانونه.

ومن حقه أيضا أن يعلن انضمامه قلبا وقالبا إلى ما يسمى المعارضة التي تعمل ضد الوطن، والتي ترى ان من حقها تعويق مسيرة الوطن.

وللأسف فإن بعض القائمين على ما يطلق عليه التنظيم العمالي يرون أن حقهم أن يبلغوا أطراف المعارضة علنا «اننا نضم صوتنا إلى صوتكم مطالبين بوقف التدخل في العمل النقابي، ومنظمات المجتمع المدني، والمنظمات المهنية، وعلى الدولة أن تصدق على اتفاقية حرية التنظيم النقابي»!

أي تنظيم عمالي هذا الذي يذهب إلى عتاة المعارضة في عقر دارهم ويعلن على مسامعهم: «ننضم إلى تنظيمكم المناضل في المطالبة بحقوق عمالية أكبر، وعلى رأسها حق المساواة في التوظيف والمهنة. وعدم التمييز، وعدم استهداف العمال في أرزاقهم بسبب آرائهم واعتقاداتهم أو ممارساتهم النقابية، وعلى رأسها حق الإضراب».

والسؤال هنا لا يمكن إلا ان يكون: ماذا دهاهم؟ هل يضحك هؤلاء على أنفسهم أم على الناس؟

هل هذه مجرد كلمات رنانة تتردد؟ أم إمعان في الكذب ونكران للجميل؟ أم مجرد هذيان لا يجوز المحاسبة عليه.. ألم تعد الأغلبية العظمى من المفصولين إلى وظائفهم، وان البقية الباقية منهم هم الذين يتعمدون عدم العودة إلى أعمالهم بإصرارهم على أن يعودوا إلى نفس وظائفهم التي شغلها غيرهم خلال فترة تركهم أعمالهم بإرادتهم.. فهل كانوا يريدون لدوران عجلة الانتاج أن تصاب بالشلل ويزداد اقتصاد الوطن تدهورا؟!

ولماذا الاصرار على ترديد عبارة: «عدم وجود مساواة في التوظيف والمهنة، وانه يوجد تمييز في ذلك»؟

إن الذين يصرون على تشغيل هذه الاسطوانة المشروخة إنما هم الذين يعلمون قبل غيرهم أن حق المساواة قد بدأ يميل بشدة نحو مصلحتهم هم.. وان هناك أطرافا أخرى هي التي أصبحت تشكو وتئن الآن من الظلم والنسيان والتجاهل والدوس فوق حقوقهم من دون ان يستمع اليهم أحد.. وانهم -أي هؤلاء المتشدقون- لا يبغون غير الامعان والتجاهل والمداراة على ما جرى!

وما زلنا لا نفقد الأمل في تنظيم عمالي يمارس دوره المنشود والمشروع بعيدا عن العمل بالسياسة والتسييس.. فالبلد واقتصاده في أمس الحاجة إلى هذا التنظيم المبتغى.. ولسنا في حاجة إلى تنظيم ينتهز كل فرصة للسعي نحو المعارضة ليعلن على الملأ رغبته الجامحة في الانضمام اليها وانه يسعده تبني مبادئها ونواياها إزاء الوطن!

}}}

قرأت عن خطاب النائب الدكتور جمال صالح - وهو النائب الذي لا يشك احد في كفاءته بوصفه نائبًا مخلصًا جادًا ومعطاءً- هذا الخطاب الذي رفعه إلى السيد رئيس المجلس معلنا انسحابه من رئاسة لجنة التحقيق البرلمانية في قرار تمديد اليوم المدرسي.. وسبب الانسحاب أو الاستقالة -كما قال الدكتور جمال- هو تسريب التقرير الختامي لهذه اللجنة البرلمانية إلى الصحافة.

وانا لست مع الدكتور جمال فيما أقدم عليه لعدة أسباب.. ومنها: انه هو الذي يعلم أن هذا المجلس قد آثر منذ انشائه انه يسير وفق نهج الشفافية المطلقة.. فليست هناك أسرار ولا أبواب مغلقة من قبل النواب بين بعضهم والبعض الآخر.. أو بين النواب والصحافة.. أو بين الصحافة والرأي العام.. فكل جهد يبذله المجلس أو اي لجنة من لجانه برلمانية كانت أو دائمة معلوم لدى الجميع.. ومعروف لدى الناخبين والرأي العام.. وهذا هو أهم ما يميز مجلس النواب البحريني ويرفعه إلى مكانة عالية بين البرلمانات عامة.

والسبب الثاني ان الرأي العام لم يأبه ولم ينتبه إلى ما جرى.. ولم يرَ فيه ما يستحق أن تحدث انسحابات او استقالات من حوله.. الرأي العام لم يكترث اطلاقا بما حدث بعد نشر هذا التقرير.. لسبب وحيد.. وهو أن اللجنة في حد ذاتها قاربت من ان تكون -كما مهملا- بسبب وصولنا إلى نهاية العام الدراسي، وان الطلاب وأولياء أمورهم، ومعهم الرأي العام، يمكن ان يكونوا مشغولين الآن بأي شيء في الدنيا الا مسألة تمديد اليوم المدرسي!

الشيء الوحيد الذي يمكن أن نعاتب الدكتور جمال صالح عليه هو انه قد سمح لنفسه ألا يحضر لحظة احتضار هذه اللجنة.. وكيف له أن يسمح لنفسه بذلك وهو الرئيس لهذه اللجنة والداعي اصلا إلى تشكيلها؟!

أما مسألة تسريب التقرير من عدمه فليسمح لنا أستاذنا الفاضل الدكتور جمال صالح.. فإنها لا تستحق منه أن يكون له مثل هذا الموقف!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة