الخائفون من الاتحاد الخليجي العربي
 تاريخ النشر : الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٢
السيد زهره
ثلاث قوى ترفض الاتحاد الخليجي العربي ولا تريد قيامه ابدا. هذه القوى تخاف من الاتحاد, بل هي مرعوبة منه.
هذه القوى الثلاث هي: القوى الطائفية الموالية لإيران في الخليج وخصوصا في البحرين, وإيران, وامريكا.
كل من هذه القوى الثلاث لديها اسبابها ودوافعها الخاصة للخوف من الاتحاد, لكن يجمع بينها انها جميعا تعتبر ان قيام الاتحاد يمثل خطرا شديدا على مصالحها ومشاريعها في المنطقة.
أما عن القوى الطائفية, فالمشكلة بالنسبة إليها ابتداء انها من حيث الفكر ومن حيث الانتماء والتعصب الطائفي, تقف على النقيض من فكرة الوحدة من الاساس.
بالنسبة الى هذه القوى, فان مصلحة الطائفة تأتي اولا وقبل كل شيء على حساب أي مصلحة عليا للوطن الذي تنتمي اليه. بعبارة اخرى, هي في التحليل النهائي ليست مع وحدة الوطن ولا مع وحدة المجتمع الذي تنتمي اليه, فكيف يمكن ان تؤيد او تتحمس لاتحاد اكبر بين دول الخليج العربية؟!
وهذه القوى الطائفية تعتبر ان الاتحاد الخليجي العربي يمثل خطرا شديدا على مشاريعها الطائفية في دولها وفي المنطقة بصفة عامة.
هي تعرف ان قيام الاتحاد سوف يقود بالضرورة الى حصار مشاريعها الطائفية وتحجيمها. وتعرف انه في اطار الاتحاد, سوف يتم التعامل مع مشاريعها الطائفية باعتبارها خطرا يهدد دول الاتحاد كلها وسوف يتم مواجهتها على هذا الاساس.
وعلى ضوء هذا, نستطيع ان نفهم الحالة الهستيرية بكل معنى الكلمة التي انتابت هذه القوى بمجرد الاعلام عن الموافقة على قيام الاتحاد.
أما إيران, فأمر خوفها الشديد من الاتحاد معروف.
إيران كما نعلم لديها مشروعها المعروف الساعي للهيمنة على مقدرات المنطقة وفرض سطوتها فيها. وإيران كانت تراهن دوما في سعيها لفرض مشروعها هذا على ما تعتبر انه ضعف عام لدول الخليج العربية حين تواجه هذا المشروع بشكل فردي لا جماعي. وإيران كانت تراهن دوما على الخلافات التي تظهر بين الحين والآخر بين دول مجلس التعاون, وتسعى الى شق صف دول المجلس استغلالا لهذه الخلافات.
وإيران تعلم انه بقيام الاتحاد, سوف تنتقل حتما دول مجلس التعاون الى مرحلة جديدة من القوة والمقدرة الجماعية سواء على مستوى المواقف السياسية او على مستوى القدرة الفعلية.
وإيران تعلم اذن انه بقيام الاتحاد عليها ان تواجه جبهة خليجية عربية موحدة واكثر مقدرة وقوة. وبالنسبة لها, يعني هذا بالضرورة انه بقيام الاتحاد سوف تتصدى دول الاتحاد بحزم وقوة للمشروع الإيراني للهيمنة.
وبالإضافة الى هذا, تدرك إيران بالطبع ان قيام الاتحاد سوف يضيق الخناق على القوى الطائفية الموالية لها في المنطقة والتي يعتبرها الإيرانيون احد اهم ادواتهم لتنفيذ مخططاتهم وتحقيق اطماعهم في المنطقة.
أما بالنسبة الى امريكا, فأمرها معروف ايضا في رفض الاتحاد والخوف منه.
من حيث المبدأ, تقوم استراتيجية امريكا تجاه الوطن العربي بشكل عام, منذ عقود طويلة, على محاربة أي شكل من الاتحاد سواء بين دولتين عربيتين او بين الدول العربية عامة.
أمريكا, والدول الغربية عامة تبني استراتيجيتها على اعتبار ان أي شكل من اشكال الوحدة بين أي دول عربية يعني انتقالا الى مرحلة جيدة من القوة العربية, ويعني تهديدا للمصالح الغربية في المنطقة.
وأيضا, احد الاركان الاساسية للاستراتيجية الأمريكية التي تبلورت قبل سنوات طويلة, السعي الى تقسيم الدول العربية وتمزيقها على اسس طائفية او اثنية . والخطط معروفة بهذا الصدد بالتفصيل.
وعلى ضوء هذا, تدرك امريكا ان قيام هذا الاتحاد هو في حد ذاته سيكون اكبر حائط صد في مواجهة مخططات التقسيم والتمزيق في منطقة الخليج العربية, وسوف يضيق كثيرا من هامش المناورة امام امريكا في سعيها لاثارة الفوضى وعدم الاستقرار, والمساومة بقضايا واوضاع المنطقة لحسابها وحساب مصالحها.
بالطبع, من المتوقع ان تسعى هذه القوى الثلاث كل على طريقته الى محاولة وضع العراقيل امام قيام الاتحاد. لكن الارادة التي عبرت عنها دول المجلس بحتمية قيام الاتحاد والوعي الذي اظهرته بما يمثله الاتحاد من ضرورة استراتيجية لدول وشعوب المنطقة العربية, كفيل بافشال محاولات هؤلاء.
وبشكل عام, مجرد ان تكون هذه القوى الثلاث في مقدمة المعادين للاتحاد والخائفين منه, هو في حد ذاته معناه ان الاتحاد هو خيار المستقبل الاستراتيجي الذي يجب ترجمته عمليا في اسرع وقت وبأنسب الصيغ.
.
مقالات أخرى...
- الدولة المدنية المؤجلة - (14 مايو 2012)
- رئيس مصر من يجب ان يكون؟ - (13 مايو 2012)
- عن المناظرة الأولى - (12 مايو 2012)
- على الأقل.. احترموا عقول الناس وذكاءهم - (7 مايو 2012)
- رؤية غربية منصفة للبحرين - (6 مايو 2012)
- لصوص الثورات العربية: أمريكا - (5 مايو 2012)
- لصوص الثورات العربية: إيران وتركيا - (3 مايو 2012)
- خليفة بن سلمان يلقن الغرب درسا - (2 مايو 2012)
- لصوص الثورات العربية: الطائفيون في البحرين - (1 مايو 2012)