الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٤ - الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

د. جيهان العمران:

الغضب يدمر الصحّة ويسبب الأمراض المزمنة





أدارت أستاذ علم النفس التربوي المشارك نائبة رئيسة اللجنة الوطنية للطفولة ورئيسة المكتب التنفيذي الدكتورة جيهان العمران ورشة استراتيجيات التعامل مع الغضب والعنف في مواجهة الأزمة الراهنة للخروج من سجن الكراهية إلى فضاء المحبة والسلام الداخلي، ضمن البرنامج الإرشادي «التكيف مع الأزمات» الذي تقوم بتنظيمه اللجنة الوطنية للطفولة تحت رعاية وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية الدكتورة فاطمة البلوشي، ضمن حملة تعزيز الوحدة الوطنية الاجتماعية «وحِدة وحَده».

أشارت إلى أن رياح التغيير السياسي التي عصفت بأجواء المجتمع العربي تعزى إلى الشعور بالغضب العارم الذي لم يتم التعامل معه بشكل سليم، مما أدى إلى انفجار بركاني تحول إلى عمليات عنف وقتل واعتداء، مؤكدة أن هذا الشعور بالغضب لم يحدث فجأة ولم ينطلق من فراغ، بل نما هذا الشعور الداخلي داخل نفس الإنسان العربي بالتدريج وتغذى بسوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية، وإدراك بالتهميش والظلم والغبن، سواء كان هذا الإدراك حقيقة أم وهما، أي أنه ليس من الضرورة أن يكون الواقع مطابقا لما يدركه الفرد في عالمه الداخلي، لأن ما يدركه الفرد هو الذي يؤثر في سلوكه. وعندما وجد له متنفسا خرج كالمارد من القمقم بشكل يصعب العودة فيه، والشعور بالغضب هو شعور طبيعي إن تعامل معه الفرد بشكل صحيح، ووجد له متنفسا صحيا، ولكن في حال كبته، فإنه يصبح العدو الأول للفرد، فيهدم نفسه قبل أن يهدم الآخرين، لأن الغضب يخرج عن سيطرته، ويعمل على تخريب كل شيء حوله، العلاقات الأسرية، المستقبل المهني، الصحة، السلامة العقلية، الإحساس الداخلي بالرضا والسعادة.

ومن الثابت علميا أن الغضب يؤدي إلى العديد من الأمراض لأنه يطلق هرمون الضغط المسمى بالكورتيزول بشكل مبالغ فيه، فيؤثر على توازن نسبة السكر في الدم، ويضعف مناعة الجسم، ويجعل الجسم أكثر عرضة للالتهابات المزمنة، ويضعف وظائف الغدة الدرقية، ويضعف ميتابولزم الجسم، ويزيد من ضغط الدم، والقدرة على التفكير والتركيز، مشيرة إلى أن الغضب يزيد سرعة ضربات القلب إلى ١٨٠ ضربة بالدقيقة. وضغط الدم إلى ١٣٠/٢٢٠، كما أنه يجعل الأعصاب مشدودة، ويسبب الصداع، والقرحة المعدية، ويمكن ان يؤدي إلى الجلطة الدماغية والسكتة القلبية، والقضاء على بعض الأعصاب الدماغية.

مؤكدة أن الشعور بالتحيز والكراهية إزاء الاخر المختلف لاختلافات في الدين او المذهب أو الجنس أو المستوى الاجتماعي او الاقتصادي يؤدي إلى إعطاء تبريرات للعنف والغضب إزاء الآخر المختلف لجعله يبدو سيئا وكريها وإقناع الذات بأنه يستحق العقاب والانتقام من أجل التخلص من الشعور بالذنب عند إلحاق الأذى به، وخاصة إن كان التبرير يرتبط بعقيدة دينية يجعل كسر الحاجز النفسي أكثر سهولة والتبرير أكثر إقناعا من أجل اللجوء للعنف. وعندما يكون التحيز ضد جماعة معينة تصبح الجماعة هي الذات الكبيرة للفرد، يأخذ العنف شكلا جماعيا، ويعمم الفرد شعوره بالكراهية على جميع أفراد الفئة الأخرى.

وفي ختام الورشة تطرقت د. جيهان العمران إلى الأزمة الراهنة التي تعيشها البحرين وترى ضرورة تضافر جهود جميع المواطنين كل بحسب موقعه، مشيرة إلى أن الحل السياسي هو سيد الموقف، والمواطن الصالح هو ذاك من يخدم وطنه بإخلاص، ويعمل على تطهير نفسه بالمسامحة والصفح، مؤكدة أن محاولة المصالحة الوطنية عن طريق التكيف مع الأزمة هي تجربة فريدة ورائدة للبحرين نأمل أن نستفيد منها، وهناك أصوات متعالية من الطرفين تندد بالطرف الاخر المختلف، وتلقي باللائمة عليه، وتؤجج مشاعر الغضب ضده، والدعوة للانتقام منه، وهناك أصوات معتدلة تدعو إلى المصالحة الوطنية ولم شمل الأسرة الواحدة. فلندعو إلى المصالحة الوطنية والسلم الأهلي حتى لا نعيش مع الكراهية والألم فيكون مصيرنا الهلاك كما قال أحد الحكماء «إن الكراهية مثل شرب الشخص لسم يقتل به نفسه ظنا منه انه بذلك السم يقتل الشخص الآخر مصدر الكراهية».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة