الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٣ - الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


نسبة فائدة على الوديعة ١٠%





حين يكون الحديث عن نسبة الفوائد القاتلة المفروضة من قبل المصارف التجارية على القروض في قطاعي الأفراد والأعمال، أو على نسب الفوائد على البطاقات الائتمانية، تتحول مجريات الحديث تلقائيا إلى نسب الفوائد على الودائع التي يُتصدق بها على المودعين في نهاية فترة استحقاق طويلة لهامش ربح الوديعة.

وحتى لا نتحدث من دون أرقام، وحتى ننعش الذاكرة بها، فإن متوسط سعر الفائدة على قروض قطاع الأعمال لشهر مارس وهو آخر إحصاء متوافر حتى هذه اللحظة، كان ٥.٤١% إذا كان القرض يتضمن ما يعرف بالسحب على المكشوف، و٤.٦٤% إذا لم يكن يتضمن السحب على المكشوف.

أما نسب الفوائد على القروض الشخصية، فقد احتسبت على ٦.٢٧%، وهذه النسبة نتيجة حساب متوسط لقروض بضمان وأخرى بدون ضمان تتراوح في مجملها بين نسبتي ٦.١٤% في حال تحتسب النسبة على اعتبار راتب المقترض، وبين ٧.٩٢% على اعتبار الضمان بالوديعة، وهنا تتضح جليا هامشية اعتبار الوديعة ضمانا جيدا يؤهل لإقراض بنسبة متدنية.

في ما يتعلق بنسب الفائدة على البطاقات الائتمانية، فإن المتوسط المحتسب بنهاية مارس في أحدث إحصائية صادرة عن البنك المركزي، كان ٢٠.٤٧%، والحق يقال هنا، فإن متوسط سعر الفائدة على هذه البطاقات تراجع كثيرا عما كان سائدا في أكتوبر ٢٠١١ على سبيل المثال، فقد بلغ المتوسط إذّاك نسبة ٢٠,٧٢%، وهي نسبة مبالغ فيها كثيرا.

إلى هنا دعونا نرجع مرة أخرى إلى فكرة العمود الأساسية، فقد قلنا إن أي حديث عن نسبة الفوائد على القروض يتحول تلقائيا إلى الحديث عن نسب الفائدة على الودائع، التي تقدر بنسبة ١.٠٩% في الوديعة لأجل يتراوح بين ٣ و١٢ شهرا.

إن هذه الممارسات الشبيهة كثيرا بالسياسات الإقطاعية التي كانت تمارس قبل الثورة الصناعية، أبقت الإنسان البحريني - وهو جزء لا يتجزأ من منظومة الثقافة العربية تقليدا وعرفا وسنة وفرضا - بعيدا جدا عن النهل من ثقافة يجب أن يطلق عليها (ثقافة الادخار)، ولقد اقتنع بأنه لن يكون للمصارف أي رغبة من أي نوع لرفع نسب الفائدة على الودائع، لأن المصرف المركزي بات متخما بالسيولة، ولن يكون قلقا أبدا إذا قام باستخدام هذه السيولة ووظّفها في شراء ديون لمصارف تابعة للقطاع الخاص تستثمر أموالها خارج البحرين، فالسيولة متوافرة ولن تسأل البنوك عن أموالها المودعة لدى البنك المركزي قريبا، طالما (الأشية معدن)، ونسب الفوائد على القروض تجعل سماواتها تمطر ذهبا.

فوجئت أمس بإعلان لمصرف من المصارف، يدعو الجهور إلى إيداع مبالغ (تقدر ببضع مئات من الدنانير) شهريا مدة سنة، وربح راتب شهر، وعلى الفور أجريت بعض العمليات الحسابية لنسبة الفائدة المحتسبة على مثل هذا العرض، فوجدتها نحو ١٠%.

لن أشكك وأقول إن هذا العرض قد يدل على حاجة هذا المصرف إلى سيولة عاجلة وأنها استنفدت السيولة التي يتحدثون عنها ويصفون البحرين بأنها مركز السيولة الخليجية وفقها، ولكني أتساءل: لماذا لا يعلن هذا البنك نسبة فائدة على الودائع مدة سنة بنفس النسبة المعلنة في العرض، على أن تتناقص أو تتزايد نسبة وتناسبا، مع كل زيادة في قيمة الوديعة الثابتة أو نقصانها؟

لماذا لا تريد البنوك المشاركة في تثقيف الجمهور بأهمية الادخار في رفاه المجتمع؟





عبد الرحيم فقيري



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة